التعليم السوري المأساوي الى متى؟؟

التعليم السوري المأساوي الى متى؟؟

جلال مسكون

ان أهم عامل يساهم في نهضة الدولة و المجتمع و صنع الحضارة هو التعليم فان صلح و تطور رفع الامة و أرتقى بها و ان فسد و انهار فسدت معه الامة وسحبها الى الدرك الاسفل و ألحق بها الدمار.

و لا يخفى عنّا و ضع التعليم المتردي الذي اّلت اليه سوريا في السنين الماضية و لعل هذا الضعف ما كان الا الى نتيجة أستيلاء الحزب الواحد على الدولة والتمسك بسياسةالرأي الواحد و استئصال المنادين بالحرية و التعددية الحقيقية فلا يمكن لنا بأي حال من الاحوال فصل التعليم عن سياسة الدولة تجاه شعبها فلو حاولنا مثلاَ ان نحلل و اقع التعليم المتردي في سوريا فسنؤول ذلك الى عدة اسباب من أهمها :

1- أن جميع الذين شغلوا منصبي وزارتي التربية و التعليم العالي لم تكن لديهم خطط و اقعية و متقدمة من شأنها ان تحل مشكلة التعليم و تطوره نحو الافضل ( كتطوير المناهج و تغير الية القبول لدى الجامعات) فكل الوزراء الذين توالو لم يضعوا حلولاَ جذرية للتخلص من العوائق و التحديات التي تواجه القطاع التعليمي و لا ادري ما هي الاسس التي كان يتم من خلالها تعين الوزراء ..... أهي يا ترى تعتمد على مدى فكرهم الواعي و قدرتهم على ملامسة مشكلات التعليم و وضع الحلول المنطقية و الواقعية ام مدى ولائهم للنظام و الفكر البعثي؟!!!

2- محاولة زرع فكرة الحزب القائد و تعميقها لدى الاجيال الناشئة لتهويد فكرهم و محاولة كسبهم مما أدى الى تلويث فكرهم و ألغاء مبدأ المحاكاة العقلية و الحجج المنطقية التي تعد منطلق العلم و اساسه مما يقلل لديهم اهمية العلم الذين يتلقوه عبر مناهجهم التي باتت تبرمج الفكر لصالح الحكم البعثي القائم

3- أن مؤلفين المناهج المدرسية على أختلاف مراحلها في غالبيتهم غير مؤهلين من الناحية العلمية و غير جادين في وضع كتاب جديد يحمل أفكار حديثة تلامس الواقع المتطور ينبه الطالب الى اهمية العلم و مقدار اتصاله بالواقع و خدمته للمجتمع بل على العكس تماماَ فالكتاب الجديد لا يختلف عن الكتاب القديم الا بأسماء المؤلفين مع مراعاة الزيادة في عدد الاخطاء العلمية و المطبعية هذا اذا تم تطوير الكتاب فهنالك كتب مدرسية تدرس منذ 10 اعوام باستثناء كتب القومية طبعاَ!!! ( مثال: كتاب العربي للصف التاسع و الذي طبع أول مرة للعام  الدراسي 1988) 

4- أفتقار المدرسون لطرق التعليم الحديثة و التي تنشأ جيلاَ و اعياَ مثقفاَ يعود خيره على الوطن.. فمعظم المدرسون يعتمدون على الاساليب التعليمية المتردية التي من شأنها أن تنفر الطالب من الكتاب و تحطم شخصيته تحت شعار التعليم الصحيح الهادف هذا اذا استبعدنا العنف المستخدم مع الطلاب رغم وجود العديد من القوانين التي تمنع المدرس من ضرب الطلاب و لكن لا حياة لمن تنادي فالواقع المدرسي المرير يوحي أن هناك قوانين تحض على العنف ضد الطالب... بالاضافة الى استخدام المدرس لغة سلبية أثناء حواره مع الطلاب من شأنها أن توقع العديد من الاضرار في نفس الطلب

5 -أسس قبول الطلاب للجامعات و التي باتت معروفة بانها مشكلة تكبر و تكبر مع بداية العام المدرسي بسبب عدم أستيعاب الجامعات للأعداد المتزايدة من الطلاب وأنا بصراحة لم أرى على مدى حياتي مشكلة تعليمية يتجاوز عمرها العشر سنوات دون أن يلوح اي حل قريب لهذه المشكلة (أي أننا نفتقر الى الحرية أيضا في أختيارنا للكلية التي نرغب بها ) ففي معظم البلدان المتقدمة دخول الطلاب للجامعات يتم حسب ميولهم و رغباتهم لا حسب العلامات التي حصل عليها الطالب فكم من طلاب خابت أمالهم و ضاع مستقبلهم نتيجة حصوله لعلامة أقل عن الحد المطلوب للكلية التي يرغبون بها شيئِِ غريب نظام تعليمي يقتل الابداع و يدمره بدلاً من أن يحيه و يدعمه فلو تصورنا أنّ الطالب يختار الكلية التي يرغبها فكم سيكون هذا الطالب مبدعا في المجال الذي أختاره و كم سيزداد حبه و عطاؤه للبلد التي منحت له الفرصة للتعلم الا أننا نفعل العكس تماماً فيضطر الطالب أما للهجرة أو الدراسة في جامعة خاصة (و هذا مايريده الكثيرون في وزارة التعليم العالي) أو الاستمرار في فرع لا يرغب به الطالب فنقتل أبداعه في مهده....

6- ضعف التنسيق أن لم نقل أنعدامه بين وزارتي التربية و التعليم العالي على مستوى المناهج و أسس القبول في الجامعات

7 - توجه المفكر و المثقف السوري الى القضايا و المشكلات الداخلية السورية و التي باتت كثيرة هذه الايام و على رأسها المناداة بالحرية و الديمقراطية و التي سحبت الانظار بعض الشيئ عن مسألة التعليم و خاصة التعليم في المرحلتين مرحلة التعليم الاساسي و المرحلة الثانوية فلو عمد كل من ينادي بالحرية و الديمقراطية و يسلط الضوء على ملف الاعتقال السياسي الى التنويه و لو بشكل عابر الى فساد التعليم لكان حال التعليم افضل حالا و هذا لم يحدث الا عندما نادت الولايات المتحدة الامريكية بتغير المناهج لا لانها متخلفة و لا تحمل مادة علمية متطورة سهلة التناول بالنسبة للطالب بل لأنها تحض على العنف (هذا من وجهة نظر الولايات المتحدة) أفلا تحتاج المناهج العلمية أن نوليها قدراَ أكبر من الأهتمام؟!

أن مسألة التعليم مسألة هامة و جوهرية في الملف السوري لا يمكن تجاهلها ...لقد اّن الاوان لقرع نواقيس الخطر و التعامل مع الملف التعليمي بشكل جاد و المباشرة في وضع مناهج تعليمية تحقق للجيل المتعلم رغبته بالحصول على علم متطور يروي عطشه العلمي و يزود الساحة العلمية العربية بالخبرات التعليمية الكافية لنهضة الأمة و صلاحها.