النقاش يتزايد حول الآثار الصحية للهاتف الخليوي

النقاش يتزايد حول الآثار الصحية للهاتف الخليوي

"النهار" 23 كانون الثاني 2005

لم تعد التقارير التي تتحدث عن مضار الهاتف الخليوي محصورة ضمن فئة الشائعات، فاليوم مع صدور المزيد من الدراسات والتقارير عن الآثار السلبية التي يتركها الخليوي في اجسامنا نتجه ربما الى تحديث طريقة تعاملنا مع هاتفنا. " انه مضر لكننا لا نعرف الى أي حد". بهذه الجملة اختصر احد الخبراء قضية البحث عن مضار الخليوي. ومن جهة اخرى يقول بعض الخبراء انه ليس المهم فقط ان نعرف ما اذا كان الخليوي مضرّاً او لا، بل يجب ان نعرف الى اي حدّ هو مضر. وعمليا لم يعد في الامكان التغاضي عن هذه القضية لأن آخر التقارير افادت أخيراً بأن عدد مستخدمي الخليوي في العالم، قد بلغ 1،5 مليار انسان، مما يعني انه اذا اتضح اننا نستخدم جهازا يسبب السرطان - على سبيل المثال لا التأكيد ومع العلم انه امر لم يثبت بعد - فإن ربع سكان العالم يقفون على عتبة الاصابة بالسرطان.

وعدد مستخدمي الهاتف النقال عالميا وفق الاتحاد الدولي للاتصالات التابع للأمم المتحدة سيتخطى عدد ربع سكان الكرة الارضية. أي ان من بين كل اربعة اشخاص في العالم يحمل على الاقل شخص واحد هاتفا خليويا. ويقول التقرير السنوي للاتحاد ان العدد الجديد لمستخدمي النقال يعكس زيادة حادة في نشاطات شركات الهاتف الخليوي، خاصة في الدول النامية منذ بداية العقد الحالي، اذ ارتفع عدد المشتركين الى المثلين منذ عام 2000. ويضيف التقرير ان نمو مشتركي الهاتف الخليوي تجاوز نمو المشتركين في الخطوط الثابتة الذي بلغ نحو 1185 مليار مقارنة بمليار خط عام 2000. فكيف تنظر آخر الابحاث الى مضار الخليوي وما ابرز الخلاصات التي صدرت حديثاً حول هذا الموضوع؟

تحذيرات

وجه خبير بريطاني بارز في مجال الإشعاعات تحذيراً للآباء بعدم السماح لأطفالهم باستخدام هواتفهم الخليوية إلا عند الضرورة القصوى نظرا الى الاخطار الصحية المترتبة على ذلك. وتقول الدراسة التي أجراها عضو المجلس الوطني البريطاني للوقاية من الإشعاع السير وليم ستيوارت انه رغم عدم وجود دليل قاطع على خطر الهواتف الخليوية ينبغي اتخاذ إجراءات احتياطية عند التعامل معها. وقال ستيوارت إنه ينبغي الا يستخدم الأطفال دون سن الثامنة الهواتف الخليوية على الإطلاق.

وفي ضوء هذه النتائج، فقد سحبت الهواتف المصممة لتلك الفئة من الأسواق في المملكة المتحدة. وكانت هواتف، حملت اسم "ماي مو" وهو اختصار لعبارة "هاتفي المحمول"، قد طرحت للبيع قبل خمسة أشهر لكي يستخدمها الأطفال بين الرابعة والثامنة في حالات الطوارئ. لكن الشركة البريطانية الموزعة لهذه الهواتف قالت في بيان: "رغم أننا نشعر بأن المنتج آمن، إذا استخدم وفقا للنصائح وفي إشراف الوالدين، فإننا لسنا خبراء في مجالي الإشعاع أو الطب كما يفعل ستيوارت وفريقه". وأضاف البيان: "نحن مقتنعون بأنه حتى في ظل أبعد الاحتمالات، فمن غير المقبول أن يشكل منتجنا خطراً صحياً على اي طفل".

غير مضرّة

وترد على نصائح السير ستيوارت مجموعة من الدراسات التي تؤكد ان الخليوي غير مضر. وقد أظهرت نتائج بعض الدراسات انه حتى الآن لم يثبت وجود أضرار من موجات الخليوي ولا من الأبراج على وظائف الدماغ والجهاز العصبي للإنسان حيث إن الموجات المستخدمة فيه هي موجات الراديو ومن المعروف أن الزيادة في تردد موجات الراديو عن حد معين تسبب تأثيراً حرارياً ولهذا فإن جميع شبكات الهاتف الخليوي تعمل على ترددات اقل من المسموح به لتلافي أي أضرار قد تحصل، أما بالنسبة الى الابراج فإن الموجات التي يتعرض لها الإنسان من هذه الأبراج اقل بكثير من التي يتعرض لها من جهاز الهاتف الخليوي ولذا تنصح مجموعة الخبراء باستخدام الخليوي الى حين ظهور نتائج أخرى تنافي ما قد توصلوا إليه.

تجاهل للنصائح

وكان السير ستيوارت، قد حذر قبل خمسة أعوام من أن الأطفال يجب ألا يستخدموا الهواتف الخليوية إلا في حالات الطوارئ فقط. لكنه الآن قلق من أن نصيحته السابقة قد تم تجاهلها. وقد رحبت شركات تشغيل الهواتف الخليوية بحقيقة أن تقرير ستيوارت أبرز الافتقار إلى دليل قاطع يربط بين الهواتف الخليوية وبين الآثار الصحية السلبية. وطبقاً لأحدث الإحصاءات فإن طفلاً من بين كل أربعة أطفال تراوح أعمارهم بين السابعة والعاشرة في بريطانيا يملك هاتفاً خليويا، وهو ضعف العدد الذي سجل عام 2001. ويحذر التقرير الجديد لستيوارت، الذي نشر اخيراً، من أنه إذا كانت الهواتف الخليوية تضر بالصحة، فإن الأطفال يواجهون بالضرورة خطراً محدقاً. ودعا التقرير أيضاً إلى مراجعة لعملية التخطيط لتركيب المحطات المركزية لاستقبال الإشارات الهاتفية. وقال ستيوارت إنه لا يحبذ إقامة هذه المحطات قرب المدارس. ويضيف أنه لا دليل قاطعاً على خطر الهواتف الخليوية على الصحة، غير أن العديد من الدراسات التفصيلية أثارت مخاوف حقيقية بشأنها.

مضرة

وتقول دراسة أجريت على 750 شخصا ظلوا يستخدمون الهواتف الخليوية لعشر سنين، وأجراها معهد كارولينسكا الأسوجي، أن استخدام الهواتف الخليوية تسبب في زيادة خطر الإصابة بورم في الأذن بواقع أربع مرات. وذكرت دراسة أخرى صادرة في ألمانيا أن استخدام الهواتف الخليوية من شأنه التأثير على وظائف الدماغ، كما أشارت دراسات أخرى في أوروبا إلى أن الإشعاعات الصادرة عن الهواتف الخليوية من شأنها أن تؤدي إلى تدمير الحامض النووي. غير أن الدكتور آدم بيرجيس، المحاضر في قسم الاجتماع بجامعة كنت البريطانية، نشر دراسة تدحض المزاعم التي تتحدث عن الضرر الذي تتسبب به الهواتف الخليوية.

وقال:" لا أدرى لماذا تم توجيه تلك التحذيرات الأخيرة. "فعلى حد علمي الهواتف الخليوية آمنة الاستخدام. ربما كانت هناك اخطار غير معروفة قد تظهر في وقت غير معروف من المستقبل، لكن علينا وضع ذلك في الميزان مع الفوائد التي نحصل عليها من استخدام الهواتف الخليوية".