الإصلاحيون يقودون ثورة خضراء ضد حكم الملالي
و
"العالم يعلن الحرب علي إيران وسلاحها النووي"
مصطفي زهران
"....اسفرت النتائج الانتخابيه الإيرانيه الأخيره يومي الثاني عشر والثالث عشر من يونيو الماضي عن فوز احمدي نجاد لولايه ثانيه بفارق كبير حيث حصل علي نسبه تصويت كبيره بفارق حوالي 30%عن اقرب منافسيه وهو مير حسين موسوي اخر رئيس لوزراء ايران بنسبه 33%فيما لم يحصل المرشحان الاخران علي نسبه كبيره من التصويت حيث جاء محسن رضائي القائد السابق للحرس الثوري الإيراني في المرتبه الثالثه بحصوله علي 588الف صوت فقط1.7% وحل مهدي كروبي المرتبه الأخيره من حيث التصويت بنسبه 0.8%.
وجاءت النتيجه خلاف لما كان متوقعا من لدي المراقبين للحياه السياسيه الإيرانيه والمشهد الإيراني عن كثب,فموسوي والإصلاحيون الذين يراهنون عليهم الكثير من راغبي التغير في ايران الثوره,فلقد كان من المتوقع فوزهم من الوهله الأولي عندما آحس العالم حاجه الشعب الإيراني الي التغييير في الداخل والخارج علي حد سواء...بعدما آفسدها حكم نجاد الذي آقحم نفسه في صراعات مع العرب والغرب بل العالم اجمع علي حد قولهم وآدخلهم في طريق لانهايه له بسبب مشروع تسلحه النووي ...الذي اصبح مصدر قلق للعالم اجمع..."
الإصلاحيون والثورة الخضراء...
"....هبت رياح الإصلاحيين عقب النتيجه لتعصف بقيادات الثوره ورجالاتها, وتتصادم مع قوات الباسيج ليسجلوا بذلك اول اعتراضا حقيقيا شعبيا , ضد رجال الحكم الإسلامي علي رأسهم المرشد الأعلي للثوره الإيرانيه آيه الله "خامنئي" لتمتد المظاهرات والإحتجاجات آسابيع عده ,لتصبح حديث الصباح والمساء ليس في طهران وحدها وانما تتعدي ذلك لتصل عواصم العالم المختلفه .
ظهر موسوي وكأنه بطلا ثوريا يقود الجماهير الغفيره للحصول علي حقوقهم المسلوبه ,وسط شوارع طهران مرددين شعارات تندد بأحقيه نجادي لتولي فتره ولايه ثانيه, ومعتبرين ما آسفرت عنه النتائج الأخيره تزويرا دبر بليل علي يد الحرس الثوري الإيراني المؤيد الرئيس لأحمدي نجاد , ودعامته القويه في حملته الإنتخابيه الأخيرة والتي كللت في نهايه المطاف بنجاحه.
استطاعت وسائل الاعلام المختلفه رغم حظر معظمها,ان تنقل الصوره الحقيقيه ودرجه الغليان المتزايده يوما بعض يوم في الشارع الإيراني .
وأصبحت وسائل الإعلام مثل اليوتيوب والفيس بوك الشكل الجديد للإعلام المرئي ان تكون بجداره البطل الحقيقي في هذا المشهد بالرغم من طرد القنوات الأجنبيه من طهران .
استطاعت هذه الصور التي اخذت علي استحياء من تثوير العالم اجمع ضد قوات الحرس الثوري والباسيج التي انتهت بفاجعه مقتل الفتاه الايرانيه" ندا اغا"البالغه من العمر تسعه عشر عاما,والتي تعاطف معها العالم اجمع واطلقوا عليها شهيده التغيير والقمع الأصولي لسياسات نجاد الداخليه في ايران.
تباين الموقف الامريكي في التعامل مع ايران وملفها النووي...
ظهر الرجل الأمريكي في بدايه الأمر غير مباليا بما يحدث في الداخل الايراني معتبرا إياه شأنا داخليا, وأن واشنطن عازمه علي المضي قدما في التعامل مع ايران, وإستئناف المفاوضات معها حول برنامجهاالنووي....فكل مايهم واشنطن الأن هو هذا البرنامج لا غير ربما في هذه الحظه الحاليه لا أكثر..
توازيا مع هذا الموقف أصدر مجلس النواب الأمريكي قرارآ بغالبيه كبيره ,يفضي بدعم المتظاهرين الإيرانيين الباحثين عن الديمقراطيه ويفتقدونها ,والدليل علي ذلك مظاهراتهم الحاشده خلال الأسابيع الأولي من الإحتجاجات المتواليه.
عكست الإحتجاجات الأخيره إنقساما في الشارع الإيراني بشكل ملحوظ مابين نجاد وموسوي’ ومعارك طاحنه بين آنصار كل فريق منهم ,هذا المشهد الدرامي آربك الساحه الإيرانيه الداخليه ’وآعاق نجاد في باكوره ولايته الثانيه من المضي قدما نحو تكمله مشروعه الذي بدأه منذ آربعه أعوام مضت ,فلم ينتقل الي افتتاح قمة الاتحاد الأفريقي في سرت الليبيه, والتي وجه اليه دعوه رسميه من القذافي ,ثم اعتذاره عن حضور مؤتمر قمه دول عدم الإنحياز المزمع عقدها يومي 15.16من الشهر الجاري...إرباك في الداخل تأثر به الخارج ووجد نجادي نفسه في حاجه ملحه لترتيب آوراق الداخل قبل النظر في الخارج وخاصه في ظل هذه الظروف المتعرجه التي تمر بها طهران.
الفرصه سانحه الأن لأن تكشر أمريكا انيابها بقوه في وجه طهران ,وخاصه وسط هذه الحاله المرضيه التي تعاني منها طهران الأن ,فخرج نائب الرئيس الأميركي "جو بايدن" الي القول ان اداره الرئيس الأمريكي باراك اوباما لن تقف في وجه قرارآ إسرائيليا يهدف لضرب أسلحه إيران النوويه ,لكونها تشكل خطرآ علي أمن إسرائيل ...ومن حق اسرائيل تأمين حياتها"
في الوقت نفسه صرح السفير الإسرائيلي في واشنطن" مايكل اورون"أن القنبلة النووية الإيرانية :سيكون بمقدورها إزالة اسرائيل عن الخريطة في غضون ثوان معدودة, واضاف انه "من الأهمية ان يحتفظ العالم بعيون مفتوحة حيال ما يجري في ايران لأن الساعة النووية الايرانية تدق....
أمريكا وروسيا يدا بيد امام الطموحات النوويه الايرانيه
وفي لقاء حميمي هو الأول بين الرئيس الأمريكي" باراك اوباما" والرئيس الروسي" ميدفيديف "في العاصمه موسكو تهدف لكسر الجمود الذي أصاب البلدين فتره حكم "بوش" الإبن ,في زياره هي الأولي منذ تولي اوباما الحكم في واشنطن اثمر القاء عن عقد ثمانيه اتفاقيات, وبيانات مشتركه, كان من أهمها الحد من ترسانتي البلدين النوويتين الإستراتيجيتيين إلي الثلث والسماح للقوات الأميركيه بالعبور في أجواء روسيا إلي افغانستان, بالإضافه الي شبكه الدفاع المضاد للصواريخ التي تفقد مغزاها في حاله تخلي إيران عن برنامجهاالنووي.
خطوة أوباما الإستباقيه الي الكرملين هدفها الأساسي محاوله رأب الصدع بين موسكو وواشنطن, وتوحيد الجبهه الخارجيه لمواجهه التهديدات الإيرانيه, وفي مقابل ذلك سيتنازل الجانب الأمريكي عن بعض الأشياء في مقابل تجميد العلاقات الروسيه الإيرانيه ,حتي وان يكن بالنذر اليسير.....فالرجل الأمريكي يراهن علي تسجيل نقاط في موسكو لصالح تجميد البرنامج النووي الايراني.
الكيان الإسرائيلي
جاء الاعلان من قبل الجيش الاسرائيلي رسميا خلال الإعلان في المؤتمر السنوي للقياده العسكريه الإسرائيليه الذي ضم كبار الضباط في 18/2/2009م,أن ايران هي العدو الإستراتيجي الرقم واحد , وان السلاح النووي الإيراني يشكل خطرا وجوديا ,وأن مشكله القضاء علي التهديد النووي الإيراني هي من أخطر القضايا الأمنيه التي تواجه القيادتين السياسيه والعسكريه الإسرائيليه منذ قيام الدوله العبريه_علي حد قوله_ ليجيش الرأي العام الإسرائيلي ضد ايران, وأنشطتها النوويه ’وخاصه عقب تصريحات نجادي المتكرره عن اختلاق اسطوره الهولوكست الإسرائيلي ,ومساعيه نحوزوال الدول’ الاسرائيله من الوجود.
وترتب علي ذلك الإعلان ظهور ثلاثه مواقف متباينه فيما بينها في التعامل مع إيران وملفها النووي... تمثل في كل من:
المستوي الاول :
عبر عنه كلا من"باراك واولمرت ونتيناهو وليبرمان" الجناح المتشدد من اليمين الإسرائيلي, المتمثلين في الحكومه الحاليه التي تقود الدوله العبريه ومفاده ان الخيار العسكري هو الحل الأوحد للقضاء علي المشروع النووي الإيراني.
ولكن لا تستطيع الدوله العبريه ان تدفعها حماستها المفرطه بفعل ذلك بمفردها الا في ظل مباركه دوليه غربيه وتوافق عربي" إن استلزم الأمر " وهو الأمر الذي تفعله الدوله العبريه الان من تقديم ولو بالنذر اليسير من التنازلات في سبيل القبول بدوله فلسطينيه مع إعتراف فلسطيني بيهوديه الدوله العبريه, كما اوردها خطاب نتنياهو الأخير وتعليق بعض القضايا لحين الإنتهاء من حل المعضله النوويه .
المستوي الثاني:
عبر عنه رئيس شعبه الإستخبارات السابق واللواء الإحتياطي" أهرون زئيفي فركش" بقوله:: "ان اسرائيل غير قادره علي مواجهه التهديد النووي بقواها الذاتيه وانها في حاجه ماسه الي مساعده الولايات المتحده .
المستوي الثالث:
تمثل في الموقف الرافض لضرب ايران ,ويتزعمه رئيس الدوله الإسرائيلي "شيمون بيريرز" الذي قال للمبعوث الأمريكي "لانيه لجيشه بضرب ايران.... وأن من الواجب خلق تعاون دولي واسع في المسألة الإيرانية، وأن كل الأحاديث عن هجوم إسرائيلي محتمل على إيران ليست صحيحة، فالحل في إيران ليس عسكرياً.
و توازيا مع هذه المواقف المتباينه في أولويات التعامل مع ايران ,وسلاحها النووي يستمر علي الجانب الأخر الجيش الاسرائيلي في القيام بالمناورات والتدريبات, واستقدام السلاح, وشراء المزيد من الطائرات الحربيةوالاستخباراتية الأكثر تطورا في العالم ,وإجراء تجارب على منظومة صواريخ "حيتس" الإعتراضية بصوره منتظمه ودوريه,وصولاً إلى "رضا" نتنياهو عن الإستعدادات الإسرائيلية للخيار العسكري ضد إيران.
".....تجد اسرائيل الداخل الإيراني اكثر نضجا لقبول بدائل لحكم الملالي ,وخاصه بعد ثوره الإصلاحيين الخضراء ضد النظام القائم الذي عمق الكراهيه والعداء مع العالم اجمع وتلك هي الوجهه النظر السائده في الخارج .."
الموقف الاوروبي تجاه ايران والسلاح النووي الإيراني
لا مجال للشك في ان الدول الأوروبيه بأكملها تتوجس خيفه من الطموحات النوويه الإيرانيه, ويمكننا الجزم أن أوروبا لن يهدأ لها بالآ عند امتلاك ايران سلاحانوويا ....شأنها في ذلك شأن أمريكا وإسرائيل.
ويمكننا القول ان أمن اسرائيل من أولويات الأجنده الأمريكيه والأوروبيه ,فالإستقرار في الشرق الأوسط ومنطقه الخليج لن يتأتي إلا بضمان أمن وسلامه الدوله العبرية وذلك من وجهتي النظرالإدارتين الأمريكية والأوروبية,ولن تسمح لإيران أن تمتلك سلاحآ يهدد استقرار وأمن اسرائيل ,ويكون سببا في اختلال توازن القوي في المنطقه بأكملها.
أوروبا اليوم أشد تماسكا ,وأكثر إلتفافا حول فكره عدم إمتلاك إيران سلاحآ نوويا تحت مظله دينيه ,ويعكس بذلك النفوذ المتصاعد للإسلام السياسي.
الأيد الأمريكيه تربض علي أيادي قادة أوروبا الثلاث" بريطانيا وفرنسا والمانيا" ,في وضع استراتيجيه التعامل مع الملف النووي الإيراني ,وتضع طهران تحت مراقبه الوكاله الدوليه للطاقه الذريه .
تفكر بعمق لتعطي قرارات حاسمه وهامه ,لاتتسرع في رده الفعل ولكنها عازمه في توسيع الهوه بين ايران وطموحاتها الجامحه نحو امتلاكها سلاحا نوويا ,وتلعب العقوبات المفروضه من قبل الامم المتحده دورا هاما ورئيسيا في الحيلوله دون امتلاك ايران لسلاحا نوويا بالإضافه الي العروض الإقتصاديه , المغريه أمام الإيرانيين لفتح شهيتهم من أجل إقناعهم بالكف عن هذا المشروع , والذي نجحت ربما بريطانيا بمساعده حلفائها في ثني بعد أطياف الشعب عن ذلك الأمر ,وبدا ذلك واضحا في المظاهرات الحاشده عقب فوز نجاد بفتره ولايه أخري’ والتي كانت ترفع فيها شعارات الإصلاح والتغيير’ والإنفتاح علي الغرب.... لا الإنغلاق أمام المشاريع الغربيه المتمدنه.
الاتهامات الإيرانيه الموجهه ضد بريطانيا:
ثم جاءت الإتهامات الإيرانيه مباشره الي بريطانيا من المتحدث الرسمي باسم وزارةه الخارجية الإيرانيه "حسن قشقاوي" عن تورط بريطانيا في أعمال الشغب التي تلت الإنتخابات الرئاسيه الإيرانيه, بالرغم من الرساله التي بعث بها وزير الخارجيه البريطاني" ديفيد ميليباند" الي نظيره الإيراني "منوشهر متكي "التي اكد فيها عدم رغبه بلاده بالتدخل في شئون ايران ,وتوازيا مع هذا وجه مرشد الثورة الإيرانيه" ايه الله الخامنئي" رسالة شديده اللهجه للغرب ,مفادها ان علي الغرب آلا يتدخل في الشأن الإيراني ،والا سيجنوا عواقب ذلك شرا.
هذا السجال المتبادل من الإتهامات يعكس بعدآ واحدا ان اوروبا لا تقف ساكنه أمام التحركات الإيرانيه وترقب جيدا هذه المحاولات الطموحه من الجانب الإيراني من امتلاك سلاحا نوويا ,وتسعي لوجود قياده بديله عن هذه القياده التي توجد علي صدر اهتماماتها ولادة المشروع النووي الإيراني الذي يتبناه مشروع "ولايه الفقيه" .
وعلي اثر مظاهرات الإصلاحيين الأخيره اتهمت طهران الجانب البريطاني بإثاره القلائل وضلوعها المباشر في المظاهرات وقامت السلطات الإيرانيه بإحتجاز تسعه من موظفي السفاره بتهمه إثاره وتأليب الإصلاحيين علي النظام والحكم في ايران وان السفاره البريطانيه في طهران تسعي جاهده لزعزعه الإستقرار في الدوله الإسلاميه.
"العرب وايران.....وعلاقات يشوبها الخوف والقلق"
يختلف العرب عن امريكا واوروبا في علاقاتهم مع ايران فهم ينظرون الي ايران علي اساس كونها باتت تمثل قوه حقيقيه اقليميه ليس في الخليج العربي فحسب _والذي لازال يطلقون عليه الخليج الفارسي_وانما في الشرق الأوسط بأكمله وخاصه بعد إصرار إيران علي الإبقاء علي الجزر الإماراتيه الثلاث تحت قبضتها.
فجوهر الإشكاليه الحقيقيه بين العرب وايران ليس السلاح النووي.... وانما الخطوات الراميه من قبل دوله ولايه الفقيه إلي تصدير الثوره الإسلاميه الخمينيه الي المنطقه العربيه ,الأمر الذي يساعد علي زعزعه استقرار الحكم العربي في المنطقه بأكملها خشيه تثوير الشعوب ضد حكوماتهم التي يغلب علي اكثرها الطابع العلماني ,وخاصه في مصر والسعوديه بالإضافه إلي الأردن.
اما علي مستوي الشارع العربي ,فهو اكثر خشيه من تغلغل المذهب الاثني عشري وسط جموع أهل السنه. وخاصه بعد النفوذ الشيعي الإيراني الواضح في كلا من العراق ولبنان بالإضافه إلي تصاعد الصوت الشيعي في كل من الكويت والبحرين وأجزاء من المغرب العربي ناهيك عن الحاله السوريه التي اصبحت أمرا واقعا لنفوذ المذهب الاثني عشري الجعفري في الجامعات الإسلاميه والحسينيات المنتشره هناك.
فالعرب في سبيل الوقوف امام ايران الطامعه في ان تكون قوه اقليميه ذات نفوذ واضح في المنطقه ,بالاضافه الي الحيلوله دون انتشار عقيده الشيعه"عن طريق تصدير الثوره الخمينيه"الي البلدان العربيه ,يراهنون علي إقامه علاقات حميميه مع الغرب ,ومعاهدات تضمن حقوقهم مع الجانب الإسرائيلي ,حتي يتم إستقرار الوضع في الشرق الاوسط.....ليتفرغ الجميع لإيران وسلاحها النووي.
تجد ايران الان نفسها حائرة وسط مفترق طرق بين طموحاتها واحلامها بأن تكون قوه اقليميه ونوويه في آن واحد,وبين ان تكسب ود جيرانها والعالم الذي بات يدق طبول الحرب علي ابوابها,فالغرب القلق من مشروعها النووي يعانقه خوف من الجانب العربي من تصدير ثورتها,فإما تتصالح ايران مع كليهماواما تكون علي آهبه الإستعداد من النيل بمقدراتها النوويه من قبل الجانب الإسرائيلي بمباركه غربيه وغطاء عربي وحتي وان لم يعترف الجميع بذلك.