الاخوان المسلمون السوريون يعلنون مشروعهم السياسي
الاخوان المسلمون السوريون يعلنون مشروعهم السياسي
العرب اليوم - لقمان اسكندر
الدعوة الى حرية التعبير والمساواة واحترام حقوق المرأة.
يجب تعريف الارهاب حتى لا يبقى ذريعة لمحاربة المستضعفين.
الاحتكام لصناديق الاقتراع في العمل السياسي.
التصدي للمشروع الصهيوني بابعاده السياسية والثقافية والاقتصادية.
الطليعة المقاتلة من الاسلاميين لاصلة لها بالجماعة.
لم يعد مقبولا ترحيل قضايا الحريات تذرعاً بعدم اهلية الشعوب لها
اصدرت جماعة الاخوان المسلمين في سوريا مؤخرا مشروعا سياسيا لما وصفته سوريا المستقبل قدمت فيه رؤيتها الشاملة المنبثقة من العروبة والاسلام.
ووصفت الجماعة في مقدمة مشروعها انه ليس مشروعاً نهائياً مفروضاً على الآخرين, "بل إنه على الرغم من مرجعيّته بالنسبة إلينا", يمكن أن يُعَدّ مقترحاً بالنسبة لكل من يريد أن يشارك في إغناء الطرح, وتحمل مسؤولية التنفيذ.
واعتمدت الجماعة في مشروعها السياسي على منطلقات رئيسية على رأسها الرؤية المتجددة للإسلام, والجماعة الإسلامية "التي تعمل لتحقيق شريعة الله في الأنفس والآفاق" والثالثة الرؤية لبناء (الدولة الحديثة) في سوريا.
ووفق المشروع الذي تلقت "العرب اليوم" نسخة عنه فانه يقوم على اساس النهوض بالوطن, والسعي للتعاون مع الجميع في سبيل تنفيذه, مؤكدا "على ان جماعة الاخوان المسلمين ليسوا هم فقط جماعة المسلمين, ولا الجماعة ايضا أوصياء على الناس باسم الإسلام, وإنما أصحاب مشروع نعرضه على الناس, وسبيلنا هو الحوار مع كل التيارات الفكرية والاجتماعية والسياسية والدينية".
وتحت بند المنطلقات اشار المشروع الى "ان الشريعة الإسلامية في مصدريها (الكتاب والسنة) هي مصدر رؤيتنا لصياغة مشروع سياسي, يتصدى لتحديات الواقع", وفق ضوابط وحدة الخالق وتكريم المخلوق وان الإنسان مستخلف في الأرض, وما يعنيه ذلك من امتلاكه لحريته في الاعتقاد والتفكير, والعدل بين الناس, والتنوع البشري للتعارف والحوار, وان الجهاد في سبيل الله قيمة إسلامية عظيمة, وسلوك تحكمه الضوابط الشرعية والأخلاقية, التيسير والتبشير.
وفي بابه الثاني يمضي المشروع تحت عنوان "أصالة في الفكر وتجدد في الأساليب" بالقول ان جماعة الإخوان المسلمين, منذ تأسيسها في منتصف القرن الرابع عشر الهجري, مثلت حركة تجديدية بالمعنى الشامل للإسلام, و"ان من خاصية التجدد هذه ينطلق مشروعنا لسورية المستقبل", منطلقة من دعوة الوسطية والاعتدال وتبني منهج الحوار بالحكمة والموعظة الحسنة في الدعوة إلى الله عز وجل, وكما انها تنظر إلى الحركات الإسلامية الأخرى نظرة احترام وتقدير, تنظر الى الحركات والأحزاب الوطنية الأخرى على أساس القواسم المشتركة في سبيل المصلحة العليا للأمة والوطن وعلى رأسها تبني وممارسة قيم التسامح والتعايش المشترك واحترام حقوق الإنسان, والاعتراف بالتعدد الدينيّ, والعرقيّ, والمذهبيّ, والثقافي, والفكري, والسياسي, وبحق التعبير عن هذا التعدّد, واعتماد المساواة أمام القانون لجميع المواطنين, واحترام حقوق المرأة, والتأكيد على مساواتها بالرجل في اعتبارات الأهلية الإنسانية والمدنية, ورفض العنف أداة للتغيير, واعتماد الحوار أسلوبا للتعاطي في مجالات الفكر والسياسة والثقافة, مستنكرة الإرهاب سواء كان إرهاب دولة أو إرهاب أفراد, وتدعو لتعريف واضح له حتى لا يبقى ذريعة لمحاربة المستضعفين, مشيرة الى ان مقاومة الاحتلال هي حقا مشروعا أقره الإسلام, كما أقرته سائر الشرائع السماوية, والمواثيق الدولية.بالاضافة الى رفضها الديكتاتورية وتسلط الحزب الواحد, وإثبات حق الشعب بالاختيار الحر لنظامه السياسي, بالاضافة الى الاحتكام في العمل السياسي لصناديق الاقتراع, واعتماد آليات العمل الديمقراطي, منطلقة من الوحدة الوطنية, وتقديم المصلحة الوطنية على المصالح الذاتية والخاصة, والتصدي للمشروع الصهيوني, بأبعاده السياسية والثقافية والاقتصادية,
واكدت الجماعة ان الاحداث في سوريا التي بدأت في الثامن من آذار ,1963 تم فرضها على الاسلاميين تحت راية (مكافحة الرجعية), وان كل ذلك دفع ثلة من الشباب, محدودة العدد, لا صلة لها بجماعتنا, أعلنوا عن أنفسهم باسم (الطليعة المقاتلة) إلى الانخراط في عمليات عنف ضدّ رموز النظام.
واشارت الجماعة في مشروعها انها بادرت إلى استنكار استخدام العنف, ونفت في بيانٍ رسميّ به, إلا أنها حملت المسؤولية, واصفة هذه المرحلة بالمرحلة الاستثنائية في تاريخ الجماعة, وانها لا يمكن أن تطغى على نهجها الأصيل, وتاريخها الناصع.
وتحت عنوان "التحديات" اكد المشروع إن التحدي الاساسي الاول هو في التعاطي مع الحريات العامة التي هي شرط للنهضة الحقيقية.وقالت الجماعة: لم يعد مقبولا ترحيل قضايا الحريات تذرعا بعدم أهلية الشعوب لها, أو بحجة أولوية الإصلاح الإداري أو الاقتصادي, أو بحجة الصراع العربي الإسرائيلي.اما التحدي الثاني فهو في التعاطي مع التعددية العرقية والدينية مشيرا الى ان النسيج الاجتماعي السوري يتكون من أكثر من عشرين مجموعة من الطوائف الدينية والعرقية, وان تنظر الجماعة إلى هذا التنوع على أنه يمكن أن يكون عامل قوة وغنى, وليس عامل تفتيت, على اساس احترام حرية العقيدة والعبادة والاعتراف بالخصوصيات, وتعميق روح الحوار والانفتاح والتوازن في النظرة إلى التدين والطائفية, ففي حين تعتبر الاولى نزعة أصيلة في النفس البشرية تقوم الثانية على اساس التعصب والانغلاق والخوف من الآخر.
اما التحدي الاخر فهو التفاوت بين النمو السكاني للتنمية, وان متطلب التنمية لا يعني خرق بنيان الأسرة وتماسكها, مؤكدا على ضرورة التصدي للدعوات التي تحاول النيل من بناء الاسرة ليحل مكانها الفوضى والاضطراب والانحلال الخلقي, وذلك كله يأتي مع التزام بخطة علمية للتنمية تجعل من سوريا قادرة على تأمين مستوى كريم من الكفاية الإنسانية لأبنائه حاضرا ومستقبلا.
اما التحدي الرابع فهو في "الاحتلال" وتحت هذا العنوان يبرز تحدي تحرير الوطن المحتل, فيما يبرز تحد خامس يتعلق بالتجزئة وتحدي الوحدة العربية, حيث سجل إخفاق الأمة خلال قرنٍ مضى, في تحقيق الهدف الاستراتيجي العام في الوحدة, وانه لا يجوز أن يحملنا هذا الاخفاق على التخلي عن هذا, مؤكدا على ضرورة اعادة صياغة الثقافة الوحدوية حسب معطيات القرن الحادي والعشرين ومستجداته, وتشجيع المبادرات الوحدوية الإقليمية الكبرى, ولكن إلى أن يتم ذلك لا بدّ من السعي لإقامة اتحاد, في صورة من صوره الشائعة في دول العالم اليوم.
فيما يبرز المشروع مجموعة اخرى من التحديات منها "المشروع الوطني وتحدي العولمة" أسلحة الدمار الشامل وتحدي التوازن الاستراتيجي" الذي يعتبر تحد تدميري يستأصل الوجود: العمراني والمدني والإنساني, وهو ذو بعدين متداخلين, إقليمي ودولي, داعيا الى تنظيف المنطقة من هذه الأسلحة التي تجسد التحدي الكبير أمام سر الحياة على الأرض, وانه لا يمكن الموافقة على أن يكون العرب تحت رحمة هذه الأسلحة المدمرة, وانه "من حقنا الدفاع عن حياتنا ووجودنا".
وتحت عنوان البرنامج العملي للمشروع اكدت الجماعة على ان متطلب إقامة الدولة الحديثة يتأتى اساسا من الإصلاح السياسي وإقامة الحكم العادل وجعل المواطنة أساس العلاقة في الأرض العربية, مشيرة الى وثيقة المدينة المنورة التي ضمت المهاجرين والأنصار وغيرهم من الطوائف والقبائل, ووادع فيها يهود, فيما تعتبر التعددية السياسية نتاج طبيعي لحرية الفكر والاعتقاد,
ولكن اي المرتكزات ستقوم عليها هذه الدولة.يذهب المشروع الى اشتراط ان تكون دولة ذات مرجعية تعتمد الإسلام في أصوله العامة, بالاضافة الى التعاقدية تنبثق عن إرادة حرة بين الحاكم والمحكوم, وتحدد فيها مسؤولية الحاكم أمام الشعب, كما تحدد كيفية محاسبته وتبديله إذا لزم الأمر.
كما انها - اي هذه الدولة - دولة مواطنة يتساوى فيها جميع المواطنين أمام القانون, وهي ايضا تمثيلية يتمثل فيها جميع أبناء الوطن, رجالا ونساءً في اختيار الحاكم بل في جملة القضايا الكبرى.وهي ايضا دولة تعددية تداولية, بالاضافة الى كونها دولة القانون والمؤسسات.
وافاض المشروع بالدخول في تفاصيل هذه الدولة من خلال الاسس التي يجب ان تكون لصياغة الدستور يقوم عليه مجلس تأسيسي تمثيلي ومتخصص, يؤسس لمبدأ الفصل بين السلطات وإلغاء كل أشكال التجاوزات التي تمارسها السلطة التنفيذية على السلطات الأخرى, وتشكيل مجلس نيابي منتخب, وإقرار التعددية السياسية, وتحديد مسؤولية الحاكم أمام الشعب.
واقر المشروع بان الشعب هو مصدر السلطة, ولا يجوز لأي شخص أو حزب أو جماعة أو هيئة أن تزعم لنفسها حقا في تولي السلطة, والتأكيد على الالتزام بمبدأ تداول السلطة وتأكيد حرية الرأي, والجهر به, والدعوة السلمية إليه, وحرية بناء تشكيل مؤسسات المجتمع المدني, وضمان حق كل مواطن - رجل او امرأة - في المشاركة في الانتخابات النيابية, وتولي عضوية مجالسها متى توافرت فيه الشروط التي يحددها القانون.
كما افاض المشروع بالحديث عن السياسة الاقتصادية لهذه الدولة, مؤكدا على ان النظام الاقتصادي الإسلامي, ليس تعديلاً في النظام الاقتصادي الرأسمالي, ولا بديلاً عن إخفاق النظام الاشتراكي, أو عن دولة (الرفاهية) إنما هو نظام أصيل بقواعده, ينطلق من شريعة سماوية تؤلف دستوراً للحياة.
اما عن الخطوط العريضة لتطوير الاقتصاد في هذه الدولة فتنطلق من مبدأ الشفافية والمحاسبة, وإصدار قوانين استثمارية جديدة تجذب رؤوس الأموال السورية في الخارج التي يقدرها الخبراء بـ (70-80) مليار دولار, وتجذب أيضا رؤوس الأموال العربية والأجنبية, والانتقال الهادئ والتدريجي من اقتصاد القطاع العام إلى اقتصاد السوق المفتوح ضمن المصلحة العامة, وتشجيع القطاع الخاص, وتعزيز دور المنتجين ومبادراتهم, وإصلاح النظام المصرفي والضريبي لإعادة التوازن إلى المجتمع, والاهتمام الجدي بالزراعة وتعميم المكننة وتطويرها, وكذلك تطوير صناعة السياحة النظيفة, وإقامة البنوك والمؤسسات الاستثمارية الإسلامية, ومؤسسات الزكاة وإحياء سنة الوقف الإسلامي.
وتحت عنوان حقوق الأحوال العامة اكد المشروع على حق التعليم للرجل والمرأة, وحق العمل, وحق المشاركة السياسية.
اما حول السياسات الإعلامية فقد اكد المشروع على ضرورة إصلاح القوانين الإعلامية خدمة لحرية الفكر والتعبير, وانتهاء احتكار السلطة لوسائل الإعلام, وتوفير الوسيلة الإعلامية المتطورة التي تعمل على توفير المعلومة الصادقة والدقيقة للفرد والأمة, ودعم مختلف أشكال الفن والترفيه الهادف والبريء.
اما عن "سياسات التعليم والبحث العلمي والمعلوماتية" فقد اكد المشروع على ان العملية التربوية في كافة اقطار العالم العربي تعرضت إلى نكسات أدت إلى كثير من وجوه الخلل والتشويه, مما كرس التخلف والضعف, وأعاق قيام مشروع حضاري عربي وإسلامي, بعد أن كانت أمتنا رائدة العلم والحضارة والتقدم, مشيرا الى عدد من الاجراءات التي من شأنها العودة بعربة التعليم الى سكتها الصحيحة.
اما حول السياسة الخارجية فقد اعتمدت الجماعة اسسا عامة لها اهمها الالتزام الحقيقي والصادق بقضايا الوطن والأمة, وصياغة المواقف, وبناء العلاقات الدولية, وفقا لمصلحة قضايانا العادلة.
والسعي لإنشاء صيغة وحدوية عربية فاعلة, والبدء بخطوات توحيدية حقيقية على مستوى السوق الاقتصادية والتعاون العسكري والتكامل السياسي, وإعتبار السلم أساسًا للعلاقات الدولية, وعدم الاعتداء على الآخرين, واحترام خصوصياتهم الثقافية والسياسية , والإيمان أن اختلاف الثقافات والأجناس ليس ذريعة لعدوان جنس على جنس.
وتحت بند دوائر العلاقات الخارجية فقد اعتبر المشروع القضية الفلسطينية القضية المركزية للعالمين العربي والإسلامي, ومن هنا دعت الجماعة الى إتباع سياسات إعادة القضية إلى بعدها العربي والإسلامي, وعدم حصرها في البعد الفلسطيني, ودعم حق الشعب الفلسطيني المشتت في عودته لأرضه, وإطلاق جميع الخيارات لتحرير الجولان وكافة الأراضي المحتلة.
واكد المشروع على ان الجماعة تنظر إلى العلاقات العربية من إيمانها بوحدة هذه الأمة تاريخا ومآلا , حاضرا ومستقبلا, وأن التجزئة السياسية, حالة عرضية في حياة الامة, مؤكدا على ضرورة السعي لإلغاء كل الحواجز والقيود التي تحول دون اندماج الشعوب العربية مع بعضها.0