حين تقمع النساء باسم الوطنية !
حين تقمع النساء باسم الوطنية !
إيمان رمزي بدران
عضو رابطة أدباء الشام
عضو رابطة الأدب الإسلامي العالمية
في عمر قضيتنا الفلسطينية مرت علينا أحقاب من النضال الوطني شارك المجتمع الفلسطيني ككل ، صغيره وكيره ذكره وأنثاه قويه وضعيفه!
ولم تطن المرأة في غياب عن مراحل النضال الوطني بكافة أشكاله ابتداء من النكبة والنكسة وليس انتهاء بصعود موجة المقاومة بعد انتفاضة الأقصى الثانية بفضل التنشئة الوطنية والمقاومة التي زرعتها أمهات المقاومين في نفوسهم.
وفي كل مراحل التحرر الوطني والنضال الفلسطيني كانت المرأة تنال وسام الشرف والعزة ، وتفرض بمقاومتها وصمودها احترام العدو قبل الصديق ! وأسيراتنا في سجون الاحتلال الصهيوني لسن بعيدات عنا إلى الحد الذي نتناسى فيه بطولاتهن وكبرياءهن المخضب بالعزة والإيمان ! وما زالت المرأة الفلسطينية مثالا يحتذى بين نساء الأرض في هذا كله.
ولكننا اليوم أمام منعطف خطر تمر فيه المرأة الفلسطينية في حالة لم يسبق لها مثيل في التاريخ الفلسطيني المعاصر، فمن البديهي أن تتعرض المرأة الفلسطينية كسائر أفراد المجتمع الفلسطيني لظلم الاحتلال وأسره ، على تبنيها واحتضانها الأصيل للمقاومة والمقاومين، وليست أحلام التميمي تلك الأسيرة المقاومة عنا ببعيد ؛ ولكن ما يثير القلق أكثر أن المرأة بدأت تتعرض لهذا من قبل فئة انسلخت من كل القيم الإنسانية قبل الوطنية ،وارتضت أن تكون وكيلا للاحتلال، لتتعدى على مجموعة من النساء الفلسطينيات لا لشيء إلا لأنهن اخترت طريقا ارتضينه لأنفسهن بعيدا عن إملاءات تلك الفئة !
ولست أدري أين هي الوطنية وحماية القانون في التغول على الحرائر ؟؟ وأين هي الأخلاق في ذلك وأين تقف أقدام هؤلاء من قيم مجتمعنا وثقافته حين تتعرض أمهات وأخوات لمثل هذه الممارسات القمعية ؟
ولعلنا هنا نتساءل :
يا ترى ما ذنبهن ؟
وما الجريمة التي ارتكبنها يا ترى؟
هل طبعت إحداهن مع الاحتلال ونسقت أمنيا معه كي يتم اعتقالها ؟
هل قامت أخرى بالاتصال بجهات "أمنية معادية " الجنرال "دايتون" مثلا؟
هل اختلست ثالثة أموال أبناء الشهداء وحولتها لحسابها الخاص؟
هل سرقت رابعة أموال المساعدات التي كان من المفترض أن تذهب لغزة وبعنها في السوق السوداء ؟
وهل خلت الضفة من العملاء والسارقين وتجار المخدرات ومختلسي الأموال وناهبي الضرائب ومجموعات "الزعران" كي تبحث تلك الأجهزة المتعفنة عن النساء لتعتقلهن ؟
وأخيرا أين هي منظمات حقوق المرأة التي أوجعت رؤوسنا بحق المرأة في العمل السياسي واتخاذ القرار من تصرفات هذه الأجهزة ؟ أليس للمرأة كل الحق في تبني أي نهج تريد ؟ هل أخرس صوتها ؟
أم أن صوتها لا يخرج إلا حين يتعلق الأمر "بالطعن في ثقافتنا وحضارتنا"؟
لا بد لنا من أن نعي أن هذه المرحلة التي وصلت إليها الأجهزة الأمنية في الضفة من التنكيل بالنساء وأخيرا اعتفالهن تعسفيا ، تبدو نتيجة عملية قذرة لغسيل الدماغ تقوم على الحقد الأعمى، ولعل هذا ما قصده الصهاينة بصناعة "الفلسطيني الجديد" وأعترف هنا للجنرال دايتون بتحقيق نجاح باهر في سلخ هؤلاء عن كرامتهم ورجولتهم وجعلهم أشباه الرجال ولا رجال!
وأخيرا ، إن من وصلت به الوقاحة أن يتعدى على الحرائر بهذه الطريقة الغريبة عن أخلاق وقيم وثقافة مجتمعنا ، لا يمكن أن يكون له أدنى رصيد من الوطنية ولا الرجولة ولا الإنسانية ولا الأخلاق ! وحين يكون هناك من يدعون أنهم فلسطينيون وقد وصلوا إلى هذه المرحلة فلابد من التصدي لهم، ومنعهم من مواصلة هذا التعدي الوقح على كرامة المرأة الفلسطينية ومكانتها والتي تعتبر تعديا صارخا على حرمات المجتمع الفلسطيني وكرامته وإنسانيته.