إستراتيجية هيكل في تعرية خطاب أوباما

د. محمد رحال /السويد

[email protected]

لاريب ان الصحافي القدير محمد حسنين هيكل يعتبر من المع واشهر صحافيي العرب , وهذا التصنيف لايحتاج الى شهادة مغترب مثلي يعيش في اقصى شمال الكرة الارضية , ولكنه كان نتيجة جد وجهد واجتهاد ومثابرة ومتابعة للاحداث , فالاستاذ هيكل وهو استاذ حقيقي لاجيال الصحافة العربية التي ولد اشبالها اسماء لامعة على اعمدة الصحف المصرية حينما كانت مصر في يوم من الايام راس الامة العربية وتحمل همّها , وكانت القاهرة عاصمة عربية واسلامية وافريقية , وعاصمة عالمية لدول عدم الانحياز , في نفس الوقت الذي كان فيه هيكل يمثل نصف النظام المصري القومي العروبي في ذلك الحين , وهو الذي يكتنز اسرارا هامة للغاية تحتاج الامة العربية اليها , ولايريد السيد هيكل الافصاح عنها والتي تتعلق بشخصيات الثورة على الملكية واسباب الاحجام الاوروبي والامريكي عن دعم الملكية  في ذلك الحين , وفي اسرار لديه ترفض قوانين السرية الاوروبية والامريكية كشفها بالرغم من مضي سنوات السرية لها .

وهيكل والذي يعتبر ثروة تاريخية ضخمة للتراث الهائل الذي يحمله وذلك بسبب المناصب التي احاطته وبسبب المكانة تلك التي كانت فيها مصر تعتبر من اقطاب صناعة القرار في العالم وهذا قبل ان تنزلق مصر فتصبح مجرد كيان همه الرئيس استرضاء السياحة الاسرائيلية وحماية روادها ,وذلك بفضل معاهدة كامب ديفيد المباركة والتي اخرجت مصر من صفوف الدول ذات المكانة العالمية الى دولة دخلت غياهب عصر حالك من تاخر الدولة التي تعاني موتا سريريا غامضا يصر فيه الاطباء البيطريون المعالجون على ان هذا المريض معافى وان من يشك في مرضه فهو المريض وبكل انواع المرض .

الاستاذ هيكل الذي يمثل في عقول الكثيرين حقبة زاهية من ايام الصعود الوطني والقومي كان من ابرز صحافيي القرن لانه لم يكن صحفيا فحسب وانما كان سياسيا يرتدي ثوب الصحافة , ولهذا فانه لم يكن يجالس قادة العالم بصفة صحفية وانما كان يجالس هؤلاء القادة بصفة زميل او صديق او محاور او مفاوض او ضيف او نجم لمؤتمر , وهذا مايفسر اهمية الاستاذ هيكل .

 وهذا السمو المكاني الذي تمتع به هيكل ابعده كثيرا عن نبض الشارع وعن الرؤية الحقيقية لما يجول في من افكار وتيارات تسري في جسد امتنا شرقيها وغربيها معتمدا على قراآت خاصة من هنا وهناك يفسرها العارف في التحليل من خلال الاستماع والانصات اليه , ومع انه له رؤيته الاستراتيجة الخاصة ولكنه مازال يفكر بعقلية المفكر المحيط بكل شيء والذي يكتب فيه خطابا ناريا يلقيه زعيم عربي لتلتهب الاكف تصفيقا له وتبح الحناجر اعجابا به , وهذا يرضي كاتب الخطاب ليعيش تجربة خداع الجماهير وليحس بان هؤلاء انما صفقوا له , ناسيا ان من صفق لمن قرأ خطابه هم نفسهم من صفقوا لمن انقلبوا على خطابه وفي الحالتين كانوا بالملايين, وهو كبشر يخطيء ويصيب ولكن المصيبة ان يظن الانسان نفسه الاها لايخطيء وعلى الجميع التعبد بارائه وافكاره وخاصة ان الاستاذ الكبير والذي يدافع وبمرارة عن نظام ايراني قتل شعبه على ارصفة الطرقات من اجل تثبيت نتائج انتخابية مزورة ثبت انها مزورة بسبب رفض جهاز الدولة اعادة الفرز وتهديدهم الشعب بالخيانة وهم بالملايين وقادة لهذه التظاهرات هم من صنع الثورة على الشاه  , وعلة الاستاذ الكبير هيكل انه يتناغم مع المدافعين عن اسلامية النظام الايراني وكانه اسلامي كبير مع ان ماضيه لايوح ابدا بذلك , اضافة الى انه لم يكن لديه ابدا نفس الحماس تجاه العراق وكأن العراق بلدا مجوسيا ولاعلاقة لأهله بالعروبة والاسلام , ولم يكن للاستاذ هيكل وهو صديق مقرب من النظام الايراني الذي صنع في اهل العراق اوسخ انواع الموبقات وتحت رعاية العمائم التي تدعي نسبها الى شجرة النور من آل البيت , وكم تمنيت لو ان هيكل استرجل ولو لمرة واحدة وخاطب هذا النظام من اجل مساعدة المقاومة التي لاتلق من النظام الايراني الا الخيانة والعمالة والتآمر , والذين تركوا كل انواع الجهاد وانصرفوا الى قتال وملاحقة رجال المقاومة العراقية ونسائهم وهم من اخلص ابناء العروبة والاسلام نسبا وحسبا وايمانا , ولكن انصراف الاستاذ الكبير هيكل وتوظيف نفسه محاميا عن الشيطان الايراني عوضا عن الملاك العراقي يحتاج منه الى رد خاصة وانه يفتقر في قراآته الصحفية الى القيمة المعرفية للفكر الديني المذهبي الذي يقوم عليه فكر الملالي والذي يبنى عقائديا على قاعدة ثأر عريضة من كل سلالات العرب باعتبار اجدادهم ساهموا بقتل الحسين عليه السلام والذين هم ورثته كما يزعمون , وهذا الفكر التقدمي والذي يؤيده هيكل وبعض القمم التي فقدت قاعدتها ولم يبق منها غير القمم يدعونا الى التساؤل عن اي استراتيجية يتحدث الاستاذ هيكل , وهل هو حقا ينبض فيه اي عرق من عروق القومية او الاسلام , وهو الذي يمشي في طابور الذين يعتبروا قتل العرب اقرب الطرق للتقرب الى الله , وتمنيت من الاستاذ الكبير ومن مشى معه في هذا التاييد ان يحصل على استنكار رسمي من  مرجعيات الشر والتي تتلون في افتاآتها كما تتلون الحرباء , كما اني تمنيت من الاستاذ الكبير هيكل وكل المهيكلين على شاكلته في تاييد النظام الايراني ان يتوجهوا بوفود كبيرة من اجل اقناع القيادة الايرانية بالكف عن تدريب مليشيات قتل ابناء العراق ووقف ادخال المخدرات المنظم الى العراق , ودعم المقاومة بالاسلحة المتطورة بدلا من شحنها الى المليسشيات المجرمة , ام ان الاستراتيجية الممانعة للامبريالية الامريكية لاتكون الاعبر ادخال المخدرات الى العراق ونشر الرذيلة والقتل والطرد المنظم لاهل العراق وابقائهم مشردين في الدول العربية في دول حرمتهم حتى من المخيمات وتركتهم يناموا على ارصفة الشوارع العربية , فاي استراتيجية هذه والتي لاتكون الا بهذه الاعمال القذرة , واذا كانت الاخلاق ومعاداة الامبريالية هي التي تدعو الاخوة المهيكلين لصالح الهيكلة الفارسية الصفوية وضد المشروع المهيكل للامبريالية فاني ارجوا منكم ياارث القومية والدين ان تتوجهوا الى عمائم الشر الفارسية لتطالبوها بالكف عن قضم العراق وانتهاك محارمه والتي هي محارمنا , ام انكم بلا محارم يادارسي الاستراتيجيات المعادية للامبريالية , فهذه الاسطوانة في محاربة الامبريالية تحتاج الى شرفاء ليقفوا في وجه الامبريالية وليس الى مجموعات تنتمي اسما للعروبة والاسلام وهم عار عليه بوقوفهم مع من يخطط ليلا ونهارا من اجل قتل ابناء جلدتهم والذين ركعوا امام بريق السلطة او المجد او الشهرة او المال  بعد انتزاعها منهم, وان كانوا رجالا صادقين فليرونا اثر الصداقة مع الكيان الفارسي في رفض الفكر التكفيري لهذه القيادات وتعديل الدستور الايراني المتذهب والكف عن اذى اهل العراق والتآمر على امتنا العربية والاسلامية , ثم بعد ذلك اضحكوا علينا ببدعة الوقوف في وجه الامبريالية , وكان النظام الايراني هو من يقف في وجه الامبريالية , ولم يدرك حتى اليوم السادة الهياكل ان الامبريالية هي التي ترفضهم , وان يكف هؤلاء المهيكلين عن الاعتداء الاعلامي والثقافي والشخصي على الفكر المخالف للفكر الفارسي المتخلف واتهام خصومهم بالانجرار او العمالة للامبريالية وكأن الكون خلق بقطبين احدهما امبريالي والاخر فارسي , ونسوا ان هناك قطبا اخر لاعلاقة له بكلا القطبين وهو القطب الذي قال عنه كتاب النور الرباني انها زيتونة لاشرقية ولا غربية , وتكفي الصور الواردة من قلب طهران والتيتظهر الصورة الحقيقية لديمقراطية الملالي والتي تعتدي بالضرب والاغتصاب  والقاء تهم الخيانة على كل من قال لهم لا لعهد السرقات والصوصية باسم الدين , وتاييد نظام قائم على البطش والطغيان والعنصرية ليس رؤية استراتيجة وانما هو عدوان على البشرية والانسانية ومن المعيب جدا الاختباء وراء مناهضة الامبريالية الامريكية في الوقت الذي يعيش فيه المناهضون للامبريالية بعقولهم في بلد الامبريالية الامريكية واحذيتهم في بلداننا العربية والمؤيدون لهذا النظام هم مجموعة من المنافقين وتجار القضايا والشاذين والساديين الذين يستمتعون بمناظر الاستعباد وادمنوا رؤيته هذا ان لم يكونوا من صانعيه , وهم من الذين حملوا لسنوات الخطاب الخشبي البائس والذي مثل شخصياتهم البائسة او انهم بعض من جماعات مازوشية يسرها ان يسلخ جلود ابناء الشعب العراقي على ايدي هذه الزمرة المتعاونة مع الاحتلال والمنسقة معه علنا وليس سرا    .

   والاستاذ الصحفي الكبير محمد حسنين هيكل له استراتيجية خاصة في تحليل الاحداث تنطوي على عدم التسرع في تحليل الحدث وانما الانتظار ريثما يدل بدلوه كل متكلم وخبير في هذ المجالات وهي سنة من سنن اصحاب الخبرات في هذا الكون , ولهذا فقد صمت الاستاذ الكبير هيكل بعد ان القى الرئيس الامريكي اوباما خطابه المشهور في القاهرة , وبعد فترة افادنا الاستاذ الكبير هيكل ان الرئيس الامريكي لم يات بجديد في هذا الخطاب وهو محق في ذلك الاكتشاف الخارق والذي اكتشفه حتى الصبية في بلادنا , ولكن الجديد في خطاب السيد هيكل انه اكتشف ان من كتب واشرف على كتابة خطاب أوباما اربعة وثلاثون خبيرا استشراقيا ولهذا بدا الخطاب وكانه خطاب عربي , وهو اكتشاف مذهل لهيكل كنت اود على اثره ان اطالبه باعتباره من الخبراء في الاكتشافات  وهو الذي  عودنا على الوثائقية في الخطاب ان يذكر لنا اسماء هؤلاء الصناع ,كما وارجوه ان لايقول لنا ان من اخبره باسماء صناع الخطاب قد مات رحمه الله وكان صديقه , فقد قال لي جمال عبد الناصر رحمه الله ان من يقول ذلك فهو ليس بصادق واذا لم تصدقوني فاسالوا المرحوم جمال عبد الناصر.