إسرائيل تجلب العرب للدفاع عن أمنها
إسرائيل تجلب العرب للدفاع عن أمنها !!
أمير أوغلو / الدانمارك 29 مايو 2004
نشرت القدس العربية البارحة الجمعة أن مصر والأردن وافقتا مبدئيا على تسلم الملف الأمني في غزة والقطاع وأن مصر قد خطت خطوات أبعد في هذا المجال بينما تكتفي الأردن حاليا بمراقبة الوضع المصري وردود الفعل الفلسطينية وإن كانت قد وافقت مثلا على تدريب كوادر أمنية فلسطينية .
إن مثل هذا الخبر لا يجوز أن يمر بحال من
الأحوال مر الكرام ليكون من بعده التطبيق الفعلي , الأمر خطير جدا ولا أدري كيف
ستبرره السياسة المصرية والأردنية رغم اشتهارهما بقلب الحقائق و رغم سيطرتهما
الكاملة على الشارعين المصري والأردني مع عدم وجود كلمة شعب أصلا في حساباتهما .
هل سيوافق الرئيس المحاصر على هذا الإتفاق بحجة الحفاظ على أمن المواطن الفلسطيني رغم ان مصر مثلا تريد , مع إسرائيل , أن ترى دحلان في غزة مسؤولاً عن الأمن , وموقف الرئيس المحاصر من السيد دحلان معروف للجميع ؟ هل استشيرت الفصائل الفلسطينية في هذا ووافقت عليه ؟ هل سيرى المواطن الفلسطيني في غزة المزيد من الأمن عندما تدخل القوات المصرية بأي شكل كان ؟ وهل ستوافق إسرائيل على وجود مصري مسلح في غزة ؟ ما هي ياترى الصلاحيات المعطاة للمصريين في هذا المجال ؟ ما هي أبعاد هذه التسوية ولصالح من تتم ؟
كيف ستحل القوات المصرية مشكلة المقاومة ؟ وكيف سيحلها السيد دحلان ؟ ومن ستقاوم هذه المقاومة بعد اليوم ؟ وهل ستوقف القوات المصرية الأمنية بناء الجدار العازل أم أنها ستقف فوقه لتراقب تسلل المجاهدين الأبطال إلى المنطقة الخضراء ؟ هل سيضرب الجندي المصري الفدائي الفلسطيني الذي سيحاول دخول أرض 48 بالنار ؟ من سيحمي من ممن يا ترى ؟
كيف ستمرر هذه العملية ؟ هل بمزيد من التنكيل بالمدنيين الفلسطينيين حتى يظهر قدوم الجيشين المصري والأردني كالغوث القادم من السماء ؟ هل يعني هذا أننا سنرى المزيد من الدم الفلسطيني يسيل في شوارع غزة والقطاع ليتسنى للجميع القبول بهذا الحل المشبوه ؟ هل سنرى المزيد من الأيام السوداء العجاف ثمنا لخطة يطبخها حكام العرب إنقاذا لخارطة الطريق الأمريكية الميتة , وإهداء لورقة جديدة يلعب بها السيد جورج بوش في الإنتخابات القادمة ؟
مالذي سيمنع بعد هذا دخول قوات عربية مقاتلة إلى جانب الأمريكان في العراق ( لحفظ الأمن فقط طبعا وللمحافظة على حياة المواطن العراقي المسكين ) إذا دخلت القوات العربية فلسطين ؟ وهل اليهود أحق من الأمريكان بحفظ أمنهم ؟ وهل وصل بنا الأمر أن نحمي المستعمر في بلادنا بقواتنا وأموال شعوبنا ؟ وهل ستتستدرج المقاومة لضرب قوات الأمن العربية ؟؟؟؟؟
الحقيقة أنه لم يعد هناك شيء مستغرب في سياسات العرب مع إسرائيل , ولم يعد هناك خطوط حمراء ولا خضراء ولا صفراء تميز السياسات العربية في هذا المجال , لم يعد هناك ما يخشى الحكام العرب من فعله خوفا من غضب شعوبهم , ولم يعد هناك ثوابت في القضية الفلسطينية ولا متحركات , صار كل شيء مستباحا ومباحا , والفلسطيني عليه أن يرى ويسمع ويسكت , والمصلحة العليا لكل حاكم هي البقاء في الحكم وتوريثه بعد عمر طويل لأولاده من بعده , لا يهم بأي ثمن ولا بأية تنازلات , المهم فقط الحكم واستمراره , طالما أن هناك من يصفق ويطبل ويستفيد ويبيع كرامته وحريته فالحاكم هو الشاري الوحيد وهو المستفيد الوحيد وهو الذي صار عنده من يقلب له الحقائق , ويبيع للشعب الذل على أنه كرامة , والعبودية على أنها حرية , والفقر على أنه غنى , والنهب والسلب على أنها خبرة تجارية وحنكة إقتصادية
لقد أكمل الحكام العرب استعبادنا تماما , فلم يعد هناك ما يخشون من فعله ولا من قوله وما كان يحاك سرا في الثمانية والأربعين والسبعة وستين والثلاثة والسبعين صار يدار علنا في العام 2004 , وشعوبنا مخدرة بين فن هابط وفتات يلقى إليها من حين لآخر , ومغيبة بين تمييع لقضياها وشغل لها عن كل مكرمة بالركض خلف العلف والماء , وعلماؤنا تائهون يصالحون الحاكم تارة ويغضبون منه تارة , ومثقفونا المخلصون منبوذون لا صوت لهم , تخنقهم أبواق الدعاية للحاكم وأصوات التسبيح بحمده والتكبير له , وما يسمى معارضة تتأرجح بين العمالة للأجنبي وبين الخضوع المشروط للحاكم مقابل جرزة من شعير يسمح بها الحاكم بأمره بين الفينة والأخرى , أو هي مكممة الأفواه في السجون وفي أحسن الأحوال تصرخ في البرلمانات الكاريكاتورية وليس من مجيب .
لقد هان الحاكم على نفسه وعلى أمريكا وإسرائيل , وهان المثقفون والعلماء على الشعوب , وهانت الشعوب على الحاكم , وصرنا إلى الهاوية بين شعوب العالم , وصارت بلادنا مرتعا خصبا لكل من له أدنى خبرة بالسلب والنهب , واستبيحت كرامتنا كما لم تستبح من قبل , وذللنا كما لم نذل من قبل , ولم يعد يحترمنا أحد في العالم . صرنا سبة في جبين الإنسانية لايعرف عنا العالم الغربي ولا الشرقي سوى التخلف والعبودية وقبول الذل وصمت القبور وزيف المظاهر , ولا يعرف عن حكامنا سوى الطاعة المطلقة والخضوع المطلق وعبادة الكرسي والغنى الفاحش والأموال المكدسة في مصارف الغرب .
رحماك يا الله بهذه الأمة وبهذه الشعوب فسننك في الكون تقول إن الطوفان قادم وإن الإستبدال على الأبواب ," وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم " .