مسلسل التنازلات السورية يتمدد بنجاح كبير

مسلسل التنازلات السورية يتمدد بنجاح كبير

أمير أوغلو / الدانمارك

مازالت حلقات المسلسل السوري الشهير " التنازلات " تتوالى تباعا . فقد أتحفتنا الحكومة السورية بقرار جديد البارحة نشرته صحيفة القدس العربي وموقع إسلام أون لاين وكثير من وكالات الأنباء الأخرى جاء فيه ما يلي : " قررت السلطات السورية عدم السماح للاجانب بمتابعة دراسات اسلامية في معاهد خاصة، وفق ما افاد مصدر مطلع علي الملف أمس الخميس. وقال المصدر ان الطلاب الاجانب سيتمكنون من متابعة هذه الدراسات في كلية الدروس الاسلامية في جامعة دمشق " .

لقد كتبنا سابقا تحت عنوان " هدايا سورية لأمريكا " مقالا بينا فيه الكثير من التنازلات التي تقدمها الحكومة السورية لأمريكا في سبيل الحفاظ على مركزها وسيادتها وخوفا من التهديدات الأمريكية باستبدال النظام ودعم المعارضة . وذكرنا في المقال السابق أن الضمان الوحيد للقيادة السورية هو العودة إلى الشعب والتلاحم معه ضد  العدوان الأمريكي والإسرائيلي السافر , وأن التنازلات ستتبعها  مطالب أخرى وتنازلات أخرى لن تنتهي إلا بإذلال الحكومة السورية ورئيسها الصامد في وجه المخططات الأمريكية الصهيونية , ولا أدري في الحقيقة على ماذا يراهن النظام وهو يدرك قبل غيره صحة ما نقول ويرى هذا بعينه كل يوم ويلمسه في كل تصريح يخرج من أمريكا أو إسرائيل . ما هو الحل برأي النظام وما هو البديل الحقيقي عن التضامن الشعبي والدعم الشعبي ؟ هل هو القوات الخاصة والحرس القديم ؟ وهل سينقذنا من ورطتنا استمرار القمع والإرهاب وتكميم الأفواه في زمن الإنترنيت ؟ هل يدرك النظام أن التعتيم الإعلامي أصبح وهما وخيالا وأن ما حدث في حماة لا يمكن تكراره ؟ ألا يمكن أن نتعلم من أخطائنا وأن نعترف بها ؟ هل يرغب أحد بنهاية تشبه نهاية صدام وبخراب يشبه خراب بغداد ؟ ألا يحق للمعارضة بعد ثلاث سنوات من الإنتظار أن ترفع صوتها قائلة إن حلم الإصلاحات لم يتحقق وأن وهم التغيير على يد الرئيس الجديد قد تبدد وأن السجون التي أخليت من بعض السجناء عادت فامتلأت بآخرين ليس لهم ذنب إلا أنهم صرحوا بحقائق لم تعجب النظام وطالبوا بحقوق حرم منها الشعب أربعين سنة ؟

إن الطريق الذي يسير فيه النظام طريق مسدود قد يطول شيئا ما ولكنه في النهاية مسدود وسيقف في نهايته حائرا نادما حين لاينفع الندم , حينها لن يعود هناك مجال للإستنجاد بالشعب الذي أذل وأهين واستبعد لمدة أربعين سنة , ولن تنفع صرخات الإستغاثة بالعروبة والوطنية والإسلام والتي سمعنا شبيها لها قبل احتلال العراق , ولن ينفع توزيع السلاح على الناس في الأيام الأخيرة والاعتراف بأنهم مواطنون يحق لهم أن يدافعوا عن بلدهم ووطنهم , ولن تنفع النداءات للمواطنين في الخارج الذين لا يملكون جواز سفر سوري للمسارعة لإنقاذ وطنهم الذي رفضهم ورفض أولادهم ورفض أحفادهم أربعين سنة .

أخيرا يحق لنا أن نتساءل ما هي الحلقة القادمة في مسلسل التنازلات ؟ هل ستكون سلما ذليلا مع إسرائيل يعطي مالم يعط من قبل ؟ أم إنسحابا إجباريا من لبنان ( بطلب من الحكومة اللبنانية طبعا لتجميل الصورة ) أم هو العودة إلى المفاوضات وتوحيد المسار السوري مع المسار الفلسطيني الجديد الذي كان مرفوضا نهائيا من قبل النظام السوري ؟ إن الأوراق المتبقية في يد السيد بشار الأسد قليلة جدا وزمن اللعب على كل الحبال قد ولى بغير رجعة والسيد الأسد مازال في بداية شبابه وأمامه أكثر من ثلاثين سنة في الحكم وهناك إبنه حافظ الثاني من بعده فكيف سيخترع أوراقا جديدة للعبة القديمة ؟ وكيف سيضمن استمرار اللعبة وقد تغيرت قوانينها ولم يبق في صفه أحد من اللاعبين القدامى بعد خروج إيران وليبيا من الفريق ؟ وهل يمكن إلغاء دور الشعوب إلى ما لا نهاية في سورية وفي المنطقة كلها ؟