خطيب ذاك أم جلاد

أخطيب ذاك أم جلاد ؟

نعيم الغول

ما اجمل أداء الطاعة يوم الجمعة . فهذا اليوم هو بداية الأسبوع للمسلم . ولكن  ما من مصل  في هذه الأيام  أطاع  إلا  أخرجه بعض الخطباء  من المسجد  بالأوجاع . ذلك انه يدخل الى المسجد وفي نيته ان يخرج بشحنة إيمانية تجعله مثل  محرك ألماني سعة 2500 سي سي

كي يستطيع مصارعة الشياطين من الإنس و الجن ؛ فإذ  به يخرج من المسجد ذابلا منهكا كأنما القي اليه (رفش ) وطلب منه  حفر حفرة  عرضها متر و طولها متران و عمقها متر ثم قيل له إن هذه  مقعدك من المسجد. ولهذا تجد المصلين يعدون الثواني قبل الدقائق ، والدقائق قبل الساعات ليخرجوا من المسجد  وفي ذهنهم تصميم على ان يذهبوا الى مسجد آخر. لكن المساكين يجدون خطيبا آخر بالمرصاد ومعه رفش أكبر . وهم بعد يشعرون بأنهم قضوا طاعتهم تحت ضرب السياط .

 أجل  فلخطباء وقتنا الحاضر - الا ما رحم ربي - سياط يضربون بها عقول الناس .

ترى ما الفرق بين سوط الجلاد و سوط الخطيب ؟

هناك من الفروق ما يتعلق بسبب الجلد، و بمادة السوط نفسه  و   باستجابة الضحية .

فمن حيث السبب  فسوط الجلاد ينزل على ظهرك ان ثبتت عليك جناية ما و حق عليك العقاب .أما سوط الخطيب فينزل  على عقلك لأنك أخطأت الخطيب ؛ فقد رمت  خطيبا يعلمك أمور دينك فيغنيك،او يعظك فيبكيك ،أو يدلك على أبواب الخير فينجيك . اما هذا المحتل للمنبر فينتقي من البضاعة ما لا يضر منها ولا ينفع  ، بضاعة تكدست في خزائن الناس  ثم يعرضها بمكرر الكلام لا يكاد يحيد عنه . ثم تسمعه يمطرك  لوما وتقريعا  ويكثر  من" ماذا فعلتم" ويقلل من" فلنفعل" ويظل يجلدك بها حتى يقوم الى الصلاة  و ما احسب ان هناك شيئا اكثر فرجا  من إقامة الصلاة  يوم الجمعة في أيامنا هذه .

أما ما يتعلق بمادة السوط فسوط الجلاد من الجلد  و هو طويل يستدق في اخره ليحدث اثرا لا تنساه حتى لا تعود الى فعلتك التي فعلت  ضمن عدد محدد من الجلدات قد تختلف شدتها بين جلدة وجلدة  وتكون بينهما فواصل زمنية تتيح لك ان تقول أخ  بعد كل جلدة . اما سوط الخطيب فلسانه  وهو من اللحم بالطبع لكنه يمتاز عن سوط الجلاد بأنه لا يتوقف  و انه يظل يطرق و يطرق و يطرق عقلك فان قلت آخ فلا جمعة لك  ولهذا فأنت مضطر  للصبر على الوجع .

اما الفرق الاخير فهو استجابة الضحية . فضحية الجلاد تقول آخ . اما ضحية الخطيب فتقول خخخخخ.