قوة هيفاء .. وقوة الخنازير ؟!
أ.د. حلمي محمد القاعود
[email protected]
أقارن سلوك بعض الناس في بلادي بين الفرح والمرح ، والكسب والربح من ناحية ، وبين
عذابات معظم الناس وأحزانهم بسبب ما يجري في أفق الوطن المتعثر من ناحية أخرى
،فأتساءل لماذا يعب الفريق الأول من متع الدنيا وملذاتها بلا حساب ولا يدري بشيء
اسمه الوطن ، ولماذا يعيش الفريق الآخر والألم رفيقه والقهر صديقه أني توجه وحيثما
كان .. لماذا كانت هذه المفارقة ؟
أظن
أن سبب المفارقة واضح ! لا يحتاج إلى كثير من التفكير . فالوطن الذي يفتقد أهله حق
المشاركة في تقرير مصيره ، وصنع مستقبله يعيش خللا واضحا يغذيه الظلم والاستبداد
والانتهازية والفساد والرشوة والتخلف والكوارث الاجتماعية والبيئية ... إلخ !
لذا
لم أعجب حين ذاع وانتشر وهيمن حديث الزفاف الأسطوري للسيدة "هيفاء وهبي " على أحد
الأشخاص ، وتكلف أكثر من خمسين مليونا من الجنيهات في وقت يتقاتل فيه عامة المصريين
على بضعة أرغفة يومية مقررة ؛ تشهدها الأفران وأماكن التوزيع .
من
حق كل مصري أن يفعل ما يشاء ، لكن ليس من حقه أن ينتهك السياق الاجتماعي ، ويستفزه
بسلوك فاجع وقاتل بحثا عن الاستعراض وإثبات الذات و؛ وتحديا لكل المواضعات ، لدرجة
أن رأينا رئيس الدولة يترك القضايا الكبرى التي كان يتحدث عنها ليشير إلى ما يسمي "
الفشخرة " في إنفاق بعض الأشخاص . و" الفشخرة " لمن لا يعلم تعبير عامي عن سلوك
مستهجن يتم فيه الإنفاق بسفه وابتذال واستهانة بالمال والناس جميعا !
ومن
المؤكد أن من يكسب قرشا بعرق جبينه ؛ يصعب عليه أن يذهب هذا القرش في غير موضعه ،
أو يكون وسيلة لاستعراض القوة والهيمنة ، ولكن ما نراه في زفاف السيدة هيفاء وغيرها
تعبير آخر ، يؤكد أن هناك من يكسبون بسهولة وبساطة ، وتتدفق عليهم الملايين دون أن
يكدّوا أو يتعبوا أو ينفقوا جهدا حقيقيا أو وقتا صعبا في تحصيلها والعمل من أجلها!
في
السنوات الماضية على سبيل المثال وصل سعر طن الحديد إلى ما يقرب من تسعة آلاف جنيه
، كان يدفعها للضرورة القصوى البسطاء من كدّهم وعرقهم ليغتني أصحاب المصانع والتجار
بسهولة شديدة وسرعة أشد ، الطن الذي يتكلف تصنيعه أقل من ألف جنيه يباع بتسعة آلاف
تقريبا ، أي يتضاعف سعره تسع مرات ، ومن يصنع مليون طن حديد ، يستطيع أن يكسب تسعة
ملايين ، ومن يصنع مائة مليون طن يكسب تسعمائة مليون ، وهكذا .. وحين استيقظت بعض
الجهات المسئولة مؤخرا ، وفتحت باب الاستيراد انخفض السعر للطن الواحد من تسعة آلاف
إلى ثلاثة آلاف ، بحكم ما يتكلفه الطن المستورد من نقل وشحن وجمارك وإكراميات
وخلافه ،ومن المتوقع أن ينخفض السعر أكثر إذا تمسك الناس – كما فعلوا منذ أيام
قليلة – بعدم الشراء !
نستطيع أن نقيس على الحديد السلع الأخرى التي ارتفعت ولم تهبط بعد ،مثل الأسمنت
والخشب والسيارات والمواد الغذائية والأدوات الكهربية والمنسوجات والأسمدة
والمبيدات الكيميائية والأدوية وغيرها .
النقطة المركزية في المسألة أن السلطة البوليسية الفاشية تركت من يعتصرون الوطن من
تجار الحديد وصناعه ، وأمثالهم من تجار وصناع الأسمنت والخشب وبقية السلع ، وآخرين
ممن يقترضون مئات الملايين من البنوك ويحتكرون السلع والبضائع ، ويستولون على أراضي
الدولة بآلاف الأفدنة ، ويتحكمون في التشريع وصناعة القوانين وأمور أخرى ، يفعلون
ما يشاءون دون محاسبة أو ردع ؛ حتى تغولوا وتوحّشوا ، وتصرفوا من منطلق أنهم وهم
الأقلية الضئيلة الفاسدة صاروا أصحاب البلد الذي يملكونه بأكمله، ومن حقهم أن
يلعبوا بالأغلبية كما يريدون ،وأن يجرحوا مشاعرها ويصدموا أحاسيسها ؛ بالوسيلة التي
يحبون ،ولهم من الوسائط الدعائية والصحفية ما يكفي للدفاع عن تغولهم وتوحشهم ،ولم
يعد الأمر قاصرا على القنوات التلفزيونية الخاصة والصحف التي تسمى مستقلة ، بل امتد
إلى صحف السلطة وقنواتها ‘ فهم يتحكمون في تعيين رؤساء التحرير ومديري القنوات
والأبواق التي تتكلم باسمهم وتدافع عن تخريبهم للوطن وسرقته بالقانون ، فضلا عن
تحويل الدفة لمهاجمة الشعب المصري البائس واتهامه بأنه سبب المشكلات التي يعانيها
لأنه يكثرمن الإنجاب والمواليد ؛ دون اتهام الفاسدين الكبار الذين يقننون السرقات
والاحتكار والفساد وبناء الأضرحة لتحويل أقاربهم إلى أولياء لله صالحين !!!
لقد
صار الاسم الكريه للتجارة - أعني البزنس – شعار المرحلة ،ولو كان ذلك على حساب
الجسد الإنساني ،وما أظن السيدات اللاتي تتم المتاجرة بأجسادهن تحت عنوان ( الفن )
؛ إلا سلعة تدر دخلا حراما على من ارتضوا الكسب السريع ، ولم يوفروا حرمة الجسد
الإنساني ، وصار" الفن المظلوم " مثلما صار " الاستثمار الممنوع " لافتة رديئة
،وشارة كريهة ،وعنوانا قبيحا ، تفضحه "الفشخرة" التي تحدث عنها رئيس الدولة في خطاب
عام وعلني أمام العالم كله ، وصار أصحابها مراكز قوى ، بل مراكز فساد تهين الشعب
البائس بتصرفاتها المستفزة ،ولا تبقي على أثر لكرامته وإنسانيته بسلوكها الأحمق !
إن
زواج البيزنس الحرام مع الفن الحرام ، يقود الشعب المظلوم إلى مهاوي الهلاك ، حيث
يمثل هذا الزواج استعراضا للقوة الغشوم التي لا يردعها عدل ،ولا يوقفها نظام ، ولا
يخيفها قانون ..
وإذا كان الشعب المصري قد أذهلته قوة " هيفاء " – رمز هذا الزواج – فإن قوة
الخنازير لا تقل عنها تأثيرا وتحرشا بهيبة السلطة والشعب المسكين جميعا !
تصوروا أن الدولة تتعرض بكل من فيها لمرض خطير ، يمكن لو تحول إلى وباء – لا قدّر
الله – أن يهلك الحرث والنسل ، ومع هذا يصر ملياردير الزبالة وشيعته على تحدي
السلطة وإذلالها أمام العالم ، فلا تستطيع تصفية بؤر الخنازير إلا بعد استئذان
الكنيسة والكهنة ، وذهاب وزير الصحة إلى الأنبا في زيارة تستغرق ساعتين ، ثم
الاحتماء بنائبة طائفية تتقدم بمشروع قرار في مجلس الشعب يطلب من السلطة تصفية
الخنازير حرصا على أرواح البشر ؟ أي هوان تعيشه السلطة إزاء أمر جلل يهدد وجود
الشعب بأسره فتتعامل بنعومة بالغة غير مسبوقة ليرضى عنها مليارديرات الزبالة
والخنازير من أجل أن يوافقوا على قرارها؟
ومن
المفارقات أن تخرج صحف التعري والسيراميك لتتهم المسلمين – وهم الأغلبية الساحقة –
بالطائفية والتعصب ، لأن نائبا مسلما رد على نائبة طائفية متعصبة حين تحدثت بفظاظة
وغطرسة عن خروج عشرة آلاف زبال ليأكلوا المسلمين إذا اقتربوا من خنازيرهم ؟
وتسكت صحف التعري والسيراميك عن إعلانات خونة المهجر وتهديداتهم للدولة والشعب
المصري بالويل وللثبور وعظائم الأمور إذا اقتربت السلطة من خنازيرهم المقدسة ؟ يا
للعار !!
السلطة التي لا تكف عن ملاحقة أفراد الحركة الإسلامية والقبض عليهم وإلقائهم في
المعتقلات إلى ما شاء الله ،وتقديمهم للمحاكمات العسكرية ، ومصادرة كتبهم ومكتباتهم
ودور نشرهم وأموالهم ؛ تقف عاجزة أمام قوة الخنازير وتسترضيهم من خلال مسئوليها
ووسائل دعايتها المباشرة وغير المباشرة ؟
إن
الأغلبية التي يسميها المرتزقة طائفة ، ترفع يديها إلى السماء لعل الله يحدث بعد
ذلك أمرا
حاشية :
-
حضرة الفنان يشتم من يعارضون ترشيحه لليونسكو واستضافته للعازف الصهيوني المتعصب
الذي يدعي أنه من أنصار السلام ، ويتهمهم معاليه بالجهل والعمل لحساب الخارج . ليته
يتقدم ضدهم للنائب العام ببلاغ رسمي كي يحقق في أمر هؤلاء الخونة ! للعلم ؛ الكيان
النازي اليهودي أعلن عدم موافقته على ترشيح معاليه بعد التصريحات إياها واستضافة
المدعو برينباوم !
-
رئيس تحرير "المصور" الجديد نشر تحقيقا مطولا عن هز الوسط بوصفه فنا يرفع رأس مصر
عاليا ! واستضاف الشيوعي رئيس الرقابة والمجلس الأعلى للثقافة ليفتي بأن الرقص
الشرقي حلال حلال حلال! .. وأنا أسأل سيادته هل توافق أن تكون ابنتك راقصة شرقية
تتعرى وتهز وسطها وتجمع النقوط؟
-
برامج الهواء الحوارية تتسابق لإرضاء السلطة في تسفيه آراء المعارضين الإسلاميين ،
وتكون ناعمة للغاية مع خصوم الإسلام ! هنيئا لرجال القروض فلن تغلق قنواتهم !