صحافي أمريكي في انطباعات عن سورية ورئيسها
الحرس القديم ما زال مهيمناً
والأسد غير مسيطر على الأمور تماماً
ويتفلسف ردا ًعلى أسئلة سياسية
صحافي أمريكي في انطباعات عن سورية ورئيسها
15/12/2003
عمان ـ القدس العربي :
زار دمشق قبل أسبوعين الصحافي الأمريكي نيل لويس ونشر عقب زيارته حديثا مع الرئيس السوري بشار الاسد اثار الكثير من الضجة، والأهم ان الصحافي المعني إحتفظ لنفسه بسلسلة ملاحظات عن سورية ورئيسها ثم تحدث بها في عمان لعدد من السياسيين والدبلوماسيين علي هامش لقاءات نظمها السفير الأمريكي في عمان إداوارد غنيم.
ومن الملاحظات التي ابداها لويس يظهر ان لديه قناعة بأن الأسد الصغير كما وصفه قلق من أن تكون بلاده هدفا مستقبليا للإدارة الأمريكية، لكنه يحاول التعبير عن هذا القلق بعبارات دبلوماسية منتقاة علي أساس ان الزعماء يفترض ان لا يشعروا بالقلق.
وحسب لويس فالرئيس السوري الشاب مستعد فعلا للتعاون مع الأمريكيين إلي أبعد الحدود لكن مشكلته معهم انهم ليسوا مستعدين للتعاون، فهو يشتكي من غموض الأجندة الأمريكية تجاهه شخصيا، ويشعر بأن قانون محاسبة سورية خطوة في إتجاه عدائي أكثر غموضا مستقبلا، ويسعي لمعرفة نوايا الإدارة الحالية في واشنطن تجاه بلاده بعد قانون محاسبة سورية.
ولدي الصحافي الأمريكي قناعة بان دمشق تستطيع تحمل العواقب الفنية لقانون محاسبتها، وتستطيع تدبير أمورها في حالة فرض عقوبات إقتصادية عليها، لكنها خائفة مما هو أبعد من ذلك، ويوجد وسط عدد من كبار المسؤولين السوريين شعور بأن التلويح بالخيار العسكري أصبح ممكنا في ظل غياب أجندة أمريكية واضحة ومكشوفة مطلوبة من السوريين ويمكن التعامل معها، علما بأن إجبار سورية علي عملية سلام غير عادلة مع إسرائيل خلافا لقناعاتها ليس الخيار الأسوأ في نظر السوريين، حسب الصحافي الذي قابل الأسد ونقل عنه ان دمشق مستعدة لإبداء مرونة أكثر في هذا الإتجاه لو ضمنت تخلص الإدارة الأمريكية من العداء تجاهها.
وكشف الصحافي الأمريكي انه نفسه شعر، حسب قوله، بأن الرئيس الأسد مستعد للتعاون مع الأمريكيين لكنه لا يعرف تحديدا ما الذي يريدونه منه او كيف يتفاهم معهم.
وعموما الوضع الإقتصادي في سورية سيئ والرأي العام يشعر بالقلق جراء التهديدات الأمريكية المبطنة بين الحين والآخر ولا يشعر بالإطمئنان، وثمة إحساس عام لدي السوريين الذين إلتقاهم الصحافي في الأسواق العامة بأن الأسابيع المقبلة قد تشهد توترات سياسية وعسكرية تستهدف بلادهم وتدفعها لعدم الإستقرار، معتبرين ان أسوأ ما يمكن ان يحصل للشعب السوري هو تهديد الإستقرار العام لان البلاد فيها الكثير من المشاكل الداخلية التي ستطفو علي سطح الأحداث في حالة حصول توترات إقليمية.
ويعتقد لويس بان رئيس بلاده جورج بوش يعتبر نفسه رجل في مهمة والعبارة الأخيرة تعتبر عقيدة بوش في إدارة ملف الشرق الأوسط، وهي مسألة دفعت الأسد الصغير لإظهار قلقثه أكثر لإنه ببساطة لايعرف موقعه الحصري في سياق المهمة الإلهية التي يعتقدها بوش لنفسه.
ووفقا للراوي نفسه، فقد صدرت عن الرئيس بشار أكثر من إشارة وتلميح يفهم منها بانه لايعرف ما هي الخطوة التالية إذا فشلت بلاده في التجاوب مع قانون محاسبة سورية، مما يقود للإستنتاج بان القيادة السورية لديها إشكالات داخلية، وشعورا بانها في وضع قد لا يسمح لها بتحقيق التجاوب المفترض مع الأمريكيين الذين قد يضطرون بعد التخلص من الصداع العراقي لتطوير خطوتهم الأولي بإتجاه سورية.
وتقدير لويس أن حالة خضوع الرئيس بشار للحرس القديم في النظام والعائلة واضحة للعيان، فقد عبر خلال الحديث الذي استمر لأكثر من ساعةا عن مواقف متبانية من قصة الإصلاحات الداخلية، الأمر الذي يفسر وجود أكثر من تصور لدي الرئيس الطبيب الذي ورث الرئاسة عن والده في عملية سريعة قادها الحرس القديم.
ودليل الصحافي الراوي علي ذلك هو عدم شعور بشار الاسد بالإستغراب من سؤال تقدم به الصحافي الضيف حول ما يتردد عن إستئثار شخصيات بارزة في النظام والعائلة والحرس القديم بـ البزنس في سورية، فردا علي هذه الملاحظة قال الرئيس السوري بانه طوال فترات حكمه لم يرصد أية مخالفة للقوانين في هذا الإتجاه، مما يعني انه يقر ضمنيا او يضطر للإقرار بان رجال النظام البارزين هم أنفسهم أصحاب البزنس والصفقات والعطاءات، فقد تحدث الاسد عن معايير قانونية تحكم العمل الإقتصادي والإستثماري في سورية، قائلا بانه واثق بان هذه المعايير لا تتم مخالفتها . وأبلغ الصحافي الأمريكي أصدقاءه في عمان من سياسيين ودبلوماسيين بأنه قضي وقتا في سورية، وتأكد بان الرجل الأقوي في النظام بعيدا عن الرئيس بشار الاسد هو آصف شوكت زوج شقيقته والذي يصفه الصحافي بانه الشخص الأكثر نفوذا في دمشق حيث زادت حصته في النفوذ والتأثير بعد ان دخل بقوة خلال العامين الماضيين علي خطوط ملف ولاية لبنان ، علي حد تعبير الراوي، حيث توجد مصالح إقتصادية ـ مزارع حصريا ـ وتجارة دولية وشبكات أمنية تعمل كلها تحت إشراف شوكت الذي يتمتع بديناميكية خاصة أهلته للمواقع المتقدمة في العائلة والنظام.
و الأسد الصغير حسب الصحافي الأمريكي، مغرم بالفلسفة، فهو يميل لطرح أجوبة فلسفية علي الأسئلة السياسية التي لا تحتمل التفلسف، وبرأي الراوي فإن ذلك تعبير عن ضعف في التحكم و عن رغبة في الإفلات أحيانا من مطبات الأسئلة المباشرة، خصوصا إذا كانت صحافية، ويبدو للصحافي نفسه ان دور الحرس القديم في سورية، واضح تماما ولم يتوار، حيث لم يفرز النظام بعد وفاة الأسد الكبير قيادات شابة محسوبة علي بشار إلا في بعض المواقع الهامشية وغير المؤثرة.
ويكثر الرئيس بشار من الإيحاءات التي تعكس انه يسيطر تماما علي الأمور في بلاده، وهي إيحاءات اتفق صحافيون غربيون إلتقوه علي انها تخلق إنطباعات عكسية تماما، وعندما سئل ماكيلان عن وجود خلافات بين الجيل القديم والجيل الشاب في أقنية الحكم الرئيسية، أبلغه الرئيس بشار بأن بعض الشبان في النظام أكثر تطرفا من بعض رموز الحرس القديم، وقال له بالحرف الواحد: ستشعر بالدهشة عندما تري بأن بعض رموز الجيل الشاب لدينا متشدد بالمقارنة مع الحرس القديم فيما قد تجد شيوخا أكثر إنفتاحا من الشبان.. هذه طبيعة المجتمع السوري اصلا ، وأضاف بشار ليس شرطا ان نسبة الإيمان بالإنفتاح والإصلاح مرتبطة بالسن لا علاقة للمسألة أبدا بالسن.