متكي بتدخله يضع الزيت على النار
فيصل الشيخ محمد
باتت إيران – بالفعل – تشكل هاجساً مرعباً لدول المنطقة – ليس بالنسبة لسعيها لامتلاك السلاح النووي – فهي تلعب أدواراً تخريبية وتحريضية على عدة جبهات في وقت واحد، وتحشر أنفها بكل صغيرة وكبيرة.. حتى باتت تنافس القطب الأوحد أمريكا.
متكي وزير الخارجية الإيراني أدخل إيران على خط توتر العلاقات المصرية مع حسن نصر الله، بعد ارتكاب الأخير حماقة إرساله لعناصر من حرسه الثوري إلى مصر، لزرع شبكات تخريبية في مصر تحت غطاء تقديم الدعم اللوجستي والعسكري للمقاومة الفلسطينية في غزة.
فقد صرح متكي بأن (التهم المنسوبة للمقاومة اللبنانية وقائدها أصبحت بالية وقديمة، وإنه مع قرب الانتخابات البرلمانية في لبنان تريد بعض الأيادي الخفية تأزيم هذه الانتخابات).
وجاءت تصريحات الوزير متكي بعد ساعات من دعوة رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري القاهرة بطي الأزمة التي وصفها بأنها خلاف في وجهات النظر، قائلاً إنه (لا أحد يريد المساس بأمن مصر).
الوزير متكي يصول ويجول في المنطقة، بعد أن مهدت بلاده لأمريكا احتلال العراق، وفجرت ميليشيات الموت التي دربتها في قم وطهران شلالات الدم فيه.. فلا البحرين سلمت منه، ولا الإمارات سلمت منه، ولا الكويت سلمت منه، ولا السعودية سلمت منه، ولا أفغانستان سلمت منه.. حتى لبنان بعد أن تمكنت الدوحة من وأد الفتنة فيه، ومهدت بدبلوماسيتها العالية، دفع الفرقاء إلى التوافق، والسير بالمركب اللبناني إلى شاطئ الأمن والسلام، ليعود لبنان كما كان واحة للديمقراطية والعيش المشترك بين طوائفه وأعراقه وأديانه، ويسود الاحترام المتبادل والقبول بالرأي الآخر، حتى الوصول إلى الانتخابات النيابية بسلام.
تحت يافطة عريضة عمادها الشعارات والجعجعة (الموت لإسرائيل) يختبئ النظام الإيراني والمتشيعون له، ويريد أن يأكل بعواطف العرب وعقولهم حلاوة.. دون أن نرى لهذا النظام أي فعل على أرض المعركة الحقيقية، يوم كانت غزة تستقبل بلحم أجساد أبنائها مختلف أنواع حمم الموت والدمار، تنهال عليهم ليل نهار، فتقتل الأطفال والنساء والرجال، وتفني الزرع والضرع، وتلوث الهواء والماء والتراب.
ولم تجد إيران غير مصر ساحة تخريب وعدوان وانتقام، فترسل إليها وكلاءها في لبنان ميليشيا حسن نصر الله، ليعكر أمنها ويزعزع استقرارها ويشيع الرعب بين أهلها.. مستغلاً مواقف الحكومة المصرية غير المقبولة لدى الشارع المصري والشارع العربي، أيام العدوان الصهيوني الغادر والجبان على غزة..وكأن ذلك فرصة سانحة أتته من السماء، يريد اهتبالها لتنفيذ أجندته العدائية الممزوجة بأحقاد السنين الخالية ويطعن أعز دولة عربية تظل – رغم كل الشجون – حصن العرب وعزتهم.
كان الأجدر بمتكي أن يكون حصيفاً متزناً - وهو رأس الدبلوماسية الإيرانية ومهندسها – ولا يحشر أنفه في خلاف حصل بين الأشقاء العرب، وهم الأجدر على التصدي له والتعامل بحكمة معه.. فحسن نصر الله – رغم خلافنا العقدي معه – يظل لبنانياً.. ولبنان جزء من الجسد العربي.. وتدخل متكي يزيد الطين بلة والأمر تعقيداً، ويدفع عجلة التسوية إلى طريق مسدود، يحول دون تدخل عقلاء لبنان والعرب في حسم ذلك الخلاف ووضع حد له.