وكالة قدس برس إنترناشيونال للأنباء
وكالة قدس برس إنترناشيونال للأنباء
القرية الإعلامية الكونية .. واقع قائم أم طموح بعيد المنال؟
"قدس برس" تجدد التزامها بـ"التميُّز المستمر والمهنية الرفيعة"
رمضان: المستجدات الإعلامية تفرض على قطاع الخدمات الإخبارية تحديات جادة
المصداقية الإخبارية تراجعت خلال حرب العراق والاحتلال يعيق الصحافيين في فلسطين
لندن – خاص
عقدت وكالة قدس برس إنترناشيونال للأنباء الاجتماع العام الثالث لمديري مكاتبها تحت شعار "التزام مستمر بالتميّز". واستعرض مديرو مكاتب "قدس برس إنترناشيونال" التطورات المستجدة على الصعيد الإعلامي، وعدداً من القضايا التي تشغل الأوساط الإعلامية في هذه المرحلة.
كما تناول المجتمعون في اللقاء الذي عقد في لندن خلال الأيام 31 آب (أغسطس) وحتى 2 أيلول (سبتمبر)، آفاق المستجدات التقنية في ميدان العمل الصحافي، وما تتيحه من فرص من جانب؛ وما تفرضه من تحديات من جانب آخر.
المستجدات الإعلامية تحمل فرصاً وتحديات
فخلال اجتماعاتهم؛ تناول مديرو مكاتب وكالة "قدس برس إنترناشيونال" أشكال النمو الكمي والنوعي المنتظرة في التغطية الإخبارية للوكالة خلال المرحلة المقبلة، مع التركيز على الحاجات المتجددة للمستفيدين من خدماتها. فقد لفت المشاركون في الاجتماعات الانتباه إلى طبيعة الحاجات المتنوعة لوسائل الإعلام على اختلافها للمادة الإخبارية، وما تقتضيه من تطوير متواصل؛ وأكدوا حرصهم على المضيِّ فيه.
وتطرّقت الاجتماعات أيضاً إلى تطوير الخدمات الإخبارية ذات المضامين الثقافية والاجتماعية، والحاجة إلى تعزيز الاهتمام بالمسائل ذات الطابع الإنمائي والبيئي في التغطية الإخبارية؛ تدعيماً لمفهوم التميُّز في الأداء الذي ترفعه الوكالة شعارا لها منذ تأسيسها.
ويقول السيد أحمد رمضان، المدير العام لوكالة "قدس برس إنترناشيونال" للأنباء، إنّ "المستجدات المتسارعة التي يشهدها الحقل الإعلامي منذ سنوات تفرض على قطاع الخدمات الإخبارية تحديات جادة تستدعي المواكبة والتطوير المستمرَّيْن"، مشيراً إلى أنّ الأمر "لا يتعلق بفرص مشجِّعة وحسب؛ وإنما باختبارات متجددة لكفاءة الأداء المهني وقابليته للتطوير المستمر"، على حد قوله.
وفي هذا السياق؛ استعرض المجتمعون طبيعة التحولات التي شهدها الميدان الإعلامي في العالم العربي بصفة خاصة خلال المرحلة الماضية، ووقفوا على أبرز المستجدات التي طرأت على القطاع الإعلامي والإخباري عربياً، مع استقراء انعكاسات ذلك على مشكلة الاختلال الإخباري المزمن بين الشمال والجنوب.
الأداء الإعلامي خلال حرب العراق
في ما يتعلق بتغطية وسائل الإعلام العالمية للحرب الأخيرة على العراق؛ انتقد المجتمعون ظهور "عوارض إخلال ببعض الضوابط المهنية، خاصة في الحالات التي وجد فيها مراسلو الميدان أنفسهم جزءاً من القوافل العسكرية؛ عبر التجربة الجديدة المثيرة للجدل والتي تتمثل في الصحافيين المرافقين للقوات العسكرية الأمريكية والبريطانية".
ورأى المجتمعون أنّ "الجمع بين الجندي المسلح والمراسل الصحافي على متن دبابة واحدة تمثل مخاطرة بمصداقية التغطية المهنية، وليست مجازفة بأرواح الصحافيين وحسب"، حسب ما طُرح في المعالجة التقويمية للأداء الصحافي في الحرب الأخيرة.
وبالمقابل؛ أعرب المجتمعون عن أسفهم البالغ بسبب "سقوط مزاولي المهن الصحافية ضحايا بطرق مفجعة خلال تأديتهم لمهامهم، أو حتى وهم في مكاتبهم التي يُفترض أن تتمتع بالحصانة من الاستهداف، وهو ما مثّل انتهاكات شديدة الخطورة، وشكّل مساساً بالضمانات الأساسية التي يقوم عليها العمل الصحافي برمّته"، حسب تقديرهم.
كما أعرب المجتمعون عن أسفهم لأنّ بعض وسائل الإعلام العالمية قامت بتغطية العمليات العسكرية في العراق، منذ العشرين من آذار (مارس) وحتى التاسع من نيسان (إبريل) الماضي، وكأنها تقوم بـ "إعلام حرب" وليست مهمّتها "إعلاماً عن الحرب"؛ ما جعل مصداقية التغطية الإخبارية تتراجع على نحو مقلق في عيون الجمهور الذي بات يسترجع المقولة التي تحذر من أنّ "الحقيقة هي الضحية الأولى للحروب"، بل إنّ "الأغرب أن يتم ذلك في عصر يُفترض فيه أن يشهد شفافية إخبارية مسؤولة".
أما في ما يتعلق بأداء وسائل الإعلام العربية خلال الحرب الأخيرة على العراق؛ فقد تضمنت مداولات مديري مكاتب "قدس برس إنترناشيونال" تثميناً لما رأوا أنها "مؤشرات على تطوُّر نوعي في حجم التغطية وفنيّاتها، مع تسجيل مواطن قصور ما زالت عالقة في الأداء".
ويتضح من خلال ذلك أنّ "وسائل الإعلام العربية برهنت على أنّ الفجوة الهائلة التي تفصلها عن مثيلتها الناشطة على المستوى العالمي؛ يمكن ردمها من خلال إتاحة الفرص لأداء مهني أفضل، وساحة عمل أرحب، واستيعاب مستمر للموارد البشرية الجديدة والكفاءات العربية الكامنة"، حسب ما استنتجوا في مباحثاتهم.
قيود الاحتلال على العمل الصحافي في فلسطين
وفي ما يتعلق بالتغطية الإخبارية في ساحة فلسطين؛ ركزت الاجتماعات على المضاعفات التي عادت على العمل الصحافي جراء حملات التوغل العسكري الإسرائيلية المتواصلة بلا هوادة في أرجاء الضفة الغربية وقطاع غزة، والحصار الخانق على التجمعات السكانية الفلسطينية والحواجز العسكرية المنتشرة بكثافة بينها.
وأعربت الوكالة في ظل ذلك عن "تثمينها لمثابرة مراسليها في الأداء المهني رغم هذه الظروف الخانقة التي تعرقل عملهم، وهي الأوضاع التي من شأنها أن تعود بالشلل على الحياة اليومية بالكامل تحت الاحتلال؛ بما في ذلك على حرية مزاولي المهنة الصحافية في التحرك الميداني".
واسترعى انتباه مديري مكاتب "قدس برس إنترناشيونال" انعكاسات الحصار والإغلاقات على عمل وسائل الإعلام في الأراضي الفلسطينية، خاصة وأنّ "الأوضاع الاستثنائية فرضت على تلك الوسائل مصاعب إضافية، وحالت بينها وبين الجمهور المتلقي في بعض الحالات"، حسب رصدهم.
هل تحققت القرية الإعلامية الكونية بالفعل؟
أما قضايا العولمة وشواغلها؛ فقد احتلت بدورها جانباً من مداولات المجتمعين في لقاءات "قدس برس إنترناشيونال". وكانت التساؤلات المطروحة في هذا الإطار تمتد من "انعكاسات ظاهرة الاندماج وبناء التحالفات في السوق الإعلامية على درجة المحافظة على المعايير المهنية في أداء الصحافيين"؛ إلى "فرص التعاون والتنسيق العابرة للحدود بين مؤسسات الخدمة الإخبارية في العالم العربي".
وبصفة خاصة؛ أعرب مديرو مكاتب الوكالة عن تقديرهم بأنّ "مفهوم العولمة في الميدان الإعلامي ما زال قاصراً، خاصة في ظل استمرار حالة الاستقطاب والتركيز القائمة إعلامياً في الدول الصناعية، بما يجعل الأمم النامية والفقيرة في موقع هامشي من هذه المعادلة التي لم تشهد رغم كل التطورات تحولاً حاسماً، حتى بعد أن خرجت اليونسكو بتوصيات لجنة ماكبرايد قبل ربع قرن التي تدعو إلى معالجة أزمة الاختلال الإخباري هذه".
وخلص المجتمعون إلى أنّ "مفهوم القرية الإعلامية الكونية ما زال على ضوء ذلك طموحاً، وليس واقعاً قائماً بالفعل"، على حد تعبيرهم.
آفاق للمرحلة المقبلة
خرج مديرو مكاتب "قدس برس إنترناشيونال" من اجتماعاتهم بجملة من التصورات التي صيغت في هيئة توجهات عامة وقرارات وتوصيات؛ لتطوير عمل الوكالة ذاته خلال المرحلة المقبلة.
ومن بين ذلك؛ أولت الوكالة عناية إضافية لتعزيز علاقات التعاون والتنسيق التي تجمعها مع المؤسسات الزميلة في الحقل الإخباري، وتثمير بروتوكولات التعاون التي جرى التوصل إليها مع وكالات الأنباء الأخرى، مع التوسع في ساحات التغطية وإحراز تنويع إضافي في مضامين الخدمة الإخبارية، بما يلائم احتياجات المستفيدين من خدمات الوكالة.
ومن جانبه أعرب السيد أحمد رمضان عن ثقته بقدرة وكالة "قدس برس إنترناشيونال" وطاقمها في شتى ساحات التغطية الإخبارية على "الحفاظ على معيار التميُّز الذي نعتز به في أدائنا"، كما قال بتفاؤل، مشيراً في الوقت ذاته إلى أنّ الوكالة "تدرك مدى ما يفرضه عليها هذا المعيار من التزامات مهنية جادة"، على حد تعبيره.
الخميس 4 أيلول (سبتمبر) 2003 م