أمريكا وأوباما
أمريكا وأوباما
م. حسن الحسن
كثيرون هم من تفاءلوا بقدوم أوباما رئيسًا إلى البيت الأبيض، إلا أنهم سيكتشفون أنهم واهمون. فقد خلط هؤلاء بين الانطباع الشخصي حول باراك أوباما، ذي الأصول الأفريقية والملامح الودودة، الأكاديمي المتحدث اللبق، رافع شعار "التغيير"، وبين المهام الملقاة على عاتقه باعتباره رئيس أكبر دولة استعمارية في وقتنا الحالي.
وقد ظن هؤلاء للأسباب الآنفة وغيرها أنّ أوباما هو طوق نجاة أميركا والعالم، غافلين عن أنّ الولايات المتحدة الأميركية دولة عظمى، تعتنق الفكر الرأسمالي الذي يقدس النفعية ويؤصل في الدولة والمجتمع والفرد الشره والجشع والأنانية.
"ستحاول إدارة أوباما ما أمكن تسخير إمكانياتها ونفوذها وكافة مقدراتها لإنقاذ أميركا وإيقاف عجلة تدهورها. وستعمد في هذا السياق إلى اتخاذ كافة الوسائل الممكنة لتحقيق ذلك، حتى لو كلفها الأمر زيادة جرعات الظلم والقهر الذي تمارسه أميركا في العالم"
وهذا الفكر هو الذي يمثل المعيار لتعاطي أميركا مع غيرها، بغض النظر عن اسم ولون ساكن البيت الأبيض. فما لم يتغير هذا المبدأ وما لم تتغير الثقافة السائدة في أميركا فإنها ستبقى دولة استعمارية تتطلع بجشعها المعهود إلى الهيمنة على الآخرين لاستعبادهم ونهب ثرواتهم ما استطاعت إلى ذلك سبيلا.
من جهة أخرى فإن إدارة أوباما ليست في وضع يرجى منها خير للبشرية عمومًا وللمسلمين خصوصًا، فأميركا في أزمات نوعية حادة سواء في عالم السياسة أو الاقتصاد فضلاً عن الأخلاق.
ولذلك فإن هذه الإدارة ستحاول ما أمكن تسخير إمكانياتها ونفوذها وكافة مقدراتها لإنقاذ أميركا وإيقاف عجلة تدهورها. وستعمد إدارة أوباما في هذا السياق إلى اتخاذ كافة الوسائل الممكنة لتحقيق ذلك، حتى لو كلفها الأمر زيادة جرعات الظلم والقهر الذي تمارسه أميركا في العالم بشكل متواصل منذ الحرب العالمية الثانية.
أما التغيير الذي تحدث عنه أوباما طويلاً فإنه يرجع إلى فشل الإستراتيجية الأميركية التي قادها المحافظون الجدد في الهيمنة على العالم والتفرد المطلق بالقرار السياسي فيه. ونتيجة لهذا الفشل كان التغيير حتميًّا في سياسات الولايات المتحدة بغض النظر عن الشخص الذي يتولى زمام البيت الأبيض...