في ذكرى مجزرة دير ياسين
في ذكرى مجزرة دير ياسين
صلاح حميدة
يصادف يوم التاسع من نيسان، ذكرى مجزرة دير ياسين،التي كانت فاتحةً للنكبة الفلسطينية، ومدماك الأساس الأول في إقامة الدولة العبرية.
قرية دير ياسين تقع على جبل يرتفع عن مستوى سطح البحر (700)متر، وتبعد عن القدس حوالي ستة كيلو مترات، ويحيط بها كل من مدينة القدس وقرى عين كارم ولفتا وكالونيا.
كان عدد سكان القرية في ذلك الوقت (9/4/1948)لا يتجاوز الستماية نسمة.
شكلت شهادة القائد عبد القادر الحسيني في معركة القسطل حافزاً رئيسيًا للعصابات الصهيونية لمهاجمة واحتلال القرية وارتكاب المجزرة، فقد أصيب العديد من شباب القرية في معركة القسطل وكان العديد منهم في المستشفيات وعدد آخر في القدس للمشاركة في جنازة عبد القادر الحسيني، مما شكل فرصة لمباغتة الحماية القليلة في القرية ذات التجهيز والعتاد المحدود.
هدفت العصابات الصهيونية من وراء ارتكاب هذه المجزرة إلى إثارة حالة من الفزع والرعب بين الفلسطينيين في القرى والمدن الأخرى في فلسطين حتى يتم لهم احتلالها بلا قتال، حتى أن أحد قادتهم قال:-
(لولا دير ياسين لما قامت دولة اسرائيل).
بدأت العصابات الصهيونية( إيتسل، والأرجون،وليحي) بمساعدة من(الهجناة)بمحاصرة القرية من ثلاث نواحي (الشرق والشمال والجنوب) تحت جنح الظلام ليلة التاسع من نيسان من عام1948، قادمين من المستعمرات الصهيونية(منتفيوري،جفعات شاؤول،وبيت هكيرم)، وبدأوا بقتل الناس في البيوت بالسلاح الأبيض بلا تمييز وهم نيام، مثلما حصل مع عائلة(دار زهران) الذين لم ينج منهم إلا طفل صغير، والتي كان تعدادها (25) فرداً من الرجال والنساء والكهول والأطفال قتلوا جميعا بدم بارد.
شعر المقاومون بالهجوم الصهيوني وبدأت المعركةالغير متكافئة بين العصابات الصهيونية المجهزة بالدبابات والطائرات والأسلحة الحديثة، وبين المقاومين الذين كانوا لا يملكون سوى بضعة بنادق(7 حسب قول بعض الذين قاومواالعدوان) ورشاشين من طراز(برن).
واستمرت المعركة - المجزرة- وقتل فيها مئة وستة شهداء من اهالي القرية(38 من النساء، و27 من كبار السن، و16 طفلا، و25 شاباً، بينهم عشرة مقاتلين).
واستمرت المعركة حتى الخامسة من بعد الظهر حيث غادر المقاتلون القرية بعد أن نفدت ذخيرتهم وعز النصير.
ومن الجدير بالذكر أنه لم يمد أحد القرية بالعون، لا من القوات العربية في عين كارم الذين قالوا القولة المشهورة( ماكو اوامر) ،ولا الصليب الأحمر ولا القوات البريطانية التي كانت تحتل فلسطين في ذلك الوقت.
فقد ذكر رئيس بلدية القدس(هاري جريفز) وهو بريطاني:_
(أن مندوب الصليب الاحمر لم يقل الحق بعد زيارته للقرية بعد المذبحة مباشرة).
وهذا يعكس حجم التواطؤ من المؤسسات الدولية مع هذه العصابات حتى قبل أن تقيم دولتها على أشلاء الفلسطينيين .وقد ذكر أربعة من قادة عصابة ( الآرجون ) أن هذه المذبحة ارتكبت بموافقة من ( الهجناة)، كما أن قائد عصابة ( الآرجون) مردخاي طوفمان الذي خطط للمذبحة، قال:- بانه وضع الخطة ووافق عليها من قبل ديفيد شلتئيل الذي وعده بأن يقصف البلدة بالمدفعيه لمساعدة عصابته في جريمتها.
كما أن مناحيم بيغن نفسه قال:-
( جميع ما حدث في دير ياسين كان موافقا عليه من قبل الهجناه، والذي استولى على القرية مباشرة بعد المذبحة).
كل هذه الشهادات الصهيونية تبرز حجم التنسيق والتوافق والتواطؤ بين العصبات الصهيونية على ارتكاب المجزرة ، وبالتالي كشف وفضح محاولات التنصل حينها من هذه الفعله ببعض الاستنكار للملك عبدالله ملك الأردن في حينه ، أو الأقوال الترقيعيه لوزير المستعمرات البريطاني(جرينتش جونز) ، لأن من يرفض ويستنكر يجب أن يفعل ما يقول على الأرض ، ولكن الأحداث التالية،أثبتت أن ما يقال عكس ما يفعل ، فأخذ العرب الأقوال وأخذ اليهود الارض.
في الخاتمه وفي ذكرى المجزرة ، فإن تقادمها لا يعني نسيانها، ولن يرضى أي طفل من دير ياسين ومن فلسطين، فضلاً عن الشبان والكهول،أي أرض أو أي مال في الدنيا ليعوضهم عن أرضهم، فالذي روى أرضه بدمه لن يسقط حقه فيها كل قرارت وكل اتفاقيات الدنيا، فمهما طال الزمن أرضنا ستعود لنا.