أسئلة جوابها من غزّة

د.سعد كموني

[email protected]

هل يعقل أن يكون أولئك المفكرون والفلاسفةُ والفنانون والشعراء في بلاد الغرب الديمقراطي الحضاريّ العلماني ضدّ حقنا في الحياة ؟ أيعقل أن يكون مشهدُ الدم والدمار والطائرات المفترسة مشهداً يستدلّون به على مقدار التطوّر والنجاح؟ أيعقل أن يكون قتل الأطفال والنساء وترويع الآمنين سبيلاً إلى إثبات الجدارة في إدارة الحضارة الإنسانيّة؟

ماذا سيذكرُ التاريخ عندما يستيقظُ العرب من غيبوبتهم الحضاريّة؟ ويقف المفكّر العربيّ صارخاً  بقلم صادقٍ على رأس قمّة الزمن؟ أيقول ما قاله جورج سارطون عندما استيقظ الغرب من سباته الحضاري :" لم يعرفِ التاريخُ فاتحاً أرحم من العرب"؟ فيردد المضمون ذاته عن الغرب؟

نعم إنّ الفوسفور الأبيض يرفع معنويات الغزاة فيجعلهم على ثقةٍ بأنّهم قادرون على اجتثاث الجنس البشريّ من غزّة، ويشحنهم بطاقةٍ كبيرة على التلذّذ بالدم المراق؟ وقد تجعلهم تكنولوجياً الفتك الحضاريّ على ثقةٍ بأنّهم قادرون على تزوير الحقائق، فيقلبون الضحيّةَ إلى جلاد والجلاد إلى ضحيّة، ولكن الذي لا تستطيع أن تفعله التكنولوجيا هذه ، وهم لا يقدرون أن يصدّقوه، هو الإيمان بأنّنا أصحاب حقٍ ، وبأنّهم غزاة، ولا يوجدُ فكر في العالم أو فلسفةٌ أو تكنولوجيا تستطيعُ أن تلغي ذلك.

هل يعتزّ الغربيون بأنهم مبدعون في تصنيع آلة القتل والدمار؟ وهل يعتزّون بأنهم أبدعوا كياناً يحددون به كيف ينبغي أن يكون العرب؟ فهم بارعون باختيار العناوين التي يقتلوننا بها ، فمرّةً نقتلُ لأننا "مخرّبون" ومرّةً لأننا "بعثيون" "صدّاميون" ومرّةً نقتلُ لأننا "شيعة"، ومرّةً نقتل لأننا "إرهابيون" وتحفل الصحفُ الغربيّةُ بالتحليلات والتأويلات ، وتنشط دوائر التفكير عندهم في تحليل نفسياتنا وعقدِنا ، ويزعمون أنّهم يملكون السبل الديمقراطية لعلاجنا من تخلّفنا ، وأسخف ما تتمثّل فيه تلك الديمقراطية الفتاكة في مجلس الأمن حيث يبارَكُ القتلةُ المجرمون ويُعْطَون حقّ الدفاع عن النفس كما يزعمون، فكيف لا وهم يرَون بأمّ العين كيف يقوم هذا الكيان الصهيونيّ بدوره التاريخي الذي أوكلَه إليه أولئك القيّمون على ذلك المجلس.

لا يا سادة الحضارة الحديثة، يمكنكم أن تقتلوا ، ويمكنكم أن تدمّروا ، ولكنّكم لن تستطيعوا أن تسرقوا الأيام القادمةَ من الأجيال القادمةِ في بلادنا وبلادكم وراء البحر ، سيقف عربي ليقول : لم يعرف التاريخ مجرماً أفظع من الغرب. وبإمكان الفيلسوف الغربيّ والمفكّر والشاعر والفنان  اليوم أن يستثني نفسه ويدلي بشهادته ضدّ الطغيان .