أعان الله حماس ،
على حلفائها المزيّفين ..
قبل أعدائها المكشوفين !
( والمستجير بعَمرو عندَ كربتِه كالمستجير من الرمضاءِ بالنارِ !)
عبد الله القحطاني
حماس ، بتحالفها مع هؤلاء ، ينطبق عليها ، في حلفها هذا ، قول القائل :
تَحمِلُ منه وزرَه ووِقرهُ ولا تَنال بِرّه وشُكرهُ
فهي تثير قلق المتوجسين من إيران ، ومن طموحاتها الإقليمية التوسعية ، وتحالفاتها في المنطقة ، وحلفائها الذين تنفّذ سياساتها من خلالهم ، مثل : النظام السوري ، وحزب الله اللبناني ! لكنها ، أيْ : حماس ، لا تحظى ، في محنتها الراهنة الرهيبة ، بشيء ذي بال ، يخفّف عنها من أعباء الضغط الصهيوني الأمريكي الهائل ، عليها ! حتّى النظام السوري ، الذي يَعدّ نفسه في حالة حرب مع إسرائيل ، بسبب ماتحتلّه من أرض بلاده .. ليس مستعداً لأن يفتح ثغرة ، ولو محدودة ، في الجولان المحتلّ .. لتجري ، من خلالها ، مناوشات مع العدوّ الصهيوني ، لتخفيف ضغطه عن أهل غزّة ! بل ، هو مستعدّ لبيع الجولان كلّه ، ومثله معه ، لقاء تثبيته في كرسي الحكم..! بلهَ أن يبيع حماس ، وفلسطين كلها ، لمن يشتري ، من صهاينة وأمريكان ، وغيرهم ! فهل يغامر بكرسيّه ، ويتخلّى عن حقّه في ( تحديد زمان المعركة ومكانها !) من أجل عيون حماس ، أو غزّة ، أو فلسطين ، أو الأمّة العربية كلها !؟
وهاهي ذي ، معادلة الصراع ، بين حماس ـ مع حلفائها ـ وبين أعدائها :
· إسرائيل : ظهرها أمريكا .. وهي ظهيرها ونصيرها ، وحليفها الأول ، والأقوى ، والأهمّ ، في العالم ! وهي ملتزمة ، سياسياً وخُلقياً ودينياً .. بمناصرتها وتقويتها .. وجعلها ، أقوى دولة في المنطقة العربية ، دون منازع ! بل جعلها مهيمنة على كل ما حولها ، من دول وحكومات ، متحكّمة بقرار أيّة دولة ، عبرَ حكّامها المرتبطين بها ، والخانعين لسطوتها ، مباشرة .. أو عبر سطوة أمريكا ! والتزاماتُ أمريكا تجاه إسرائيل ، ليست التزامات حزبية ، تعتمد على حزب واحد .. أو شخصية ، تعتمد على شخص حاكم واحد .. بل هي التزامات دولة ، بكل مَن فيها ، من قادة وساسة .. وبكل ما فيها ، من أحزاب ، ومن مؤسّسات سياسية وأمنية واقتصادية ! وأيّ حاكم أمريكي ، يتخلّف عن مؤازرة إسرائيل ، ودعمها بكل ماتحتاج من مال وسلاح ، وتأييد سياسي في المحافل الدولية .. يعرّض نفسه للسقوط ، بشتّى أنواعه ، السياسي منه والخلقي ، وغير هذا وذاك ! والأدلّة على ذلك كثيرة ، في التاريخ الأمريكي الحديث ، منذ قيام دولة إسرائيل ، حتّى اليوم !
· حماس : مَن ظهرها وظهيرها ، ونصيرها وحليفها .. !؟ ولمَ يَدعمها أنصارها وحلفاؤها !؟ وبماذا !؟ وإلى أيّ حدّ !؟
أ ـ حلفاؤها وأنصارها ، من حيث الظاهر، المعلن ، هم : بشار الأسد في سورية.. حزب الله اللبناني .. حكومة إيران !
ب ـ لمَ يدعمها هؤلاء !؟ لكل منهم أهدافه و حساباته ، ومصالحه وإمكاناته :
+ بشار الأسد : تحالفه مع حماس مصلحي قريب ، متعدّد الأهداف ، محدود الإمكانات ..
- من أهمّ أهدافه :
(1) إظهار نفسه بمظهر الحاكم القومي العربي ، المخلص للأمّة وقضاياها .. وأهمّ قضية منها هي قضية فلسطين ! لنيل الدعم والتأييد والمناصرة ، من الشعوب العربية والإسلامية ، التي تؤيّد فلسطين ، وتناصر من يناصرها .. وفي مقدّمة هذه الشعوب ، بالطبع ، الشعب السوري ، نفسه !
(2) توظيف دعمه لحماس ، في مواجهة خصومه ، من الحكّام العرب ، ومن الفصائل الفلسطينية الأخرى المناوئة .. وعلى رأسها فتح ، برئاسة عباس ، اليوم ، وبرئاسة عرفات ، بالأمس !
(3) إظهار نفسه بمظهر القويّ ، الذي يملك أوراقاً يلعب بها ، في مواجهة أمريكا وإسرائيل ، للاعتراف به لاعباً مهماً ، في المنطقة العربية ، ذا مركز قويّ ، في التفاوض حول الصلح ، مع إسرائيل .. ولاحترام مكانته وقوّته ، وعدم التفكير بزعزعة كرسيّه ، في بلاده ! وهذا الهدف الأخير، هو أهمّ هدف لديه ، إطلاقاً ! وهو المحور الأساسي ، لاهتماماته كلها ! وهو مستعدّ للمتاجرة ، بأيّ شيء ، وبأيّ أحد .. لتحقيق هذا الهدف .. أيْ : لبقائه في كرسي الحكم ، جاثماً على صدر الشعب السوري حتى يموت .. ويرثه ابنه ، من بعده ، كما ورث ، هو، الحكم عن أبيه !
- مايستطيع تقديمه من دعم ، لحماس ، يكاد ينحصر فيما يلي :
= التأييد الكلامي .. بالشعارات !
= تأمين ملجأ ، داخل سورية ، لحماس ، تتحرّك فيه ، وتنطلق منه ، وتقيم فيه مؤتمراتها ومهرجاناتها ، التي توافق عليها المخابرات السورية .. حين ترى أن لنظام حكمها مصلحة فيها !
= استضافة بعض رموز حماس ، في وسائل الإعلام السورية .. للحديث عن القضية الفلسطينية ، والردّ على خصومهم ، من قادة فتح ، وغيرهم !
= إذا رأى بشار الأسد ، أنه لم يعد يحقّق ، عبر حماس ، مايريده من أهداف .. أو أن وجودها بات يشكّل ضغطاً عليه ، أو يسبّب له أذىً ، من أيّ نوع .. فسرعان مايتخلّى عنها ، وعن دعمها.. ويخرجها من سورية ، إذا لم يبادر إلى اعتقال قادتها ، وبيعهم لإسرائيل وأمريكا ، في صفقة ، من نوع ما .. كما تعوّد أبوه أن يفعل ..! وتعاملُ الأب ، مع عبدالله أوج ألان ، التركي ، إبّان الأزمة مع تركيا .. دليل حيّ ، ومؤشّر واضح ، على منهج الأسرة ، الراسخ الأصيل .. في الغدر بالحلفاء !
+ حزب الله اللبناني: فيلق متقدّم ، للمشروع المذهبي الفارسي ، في المنطقة العربية !
- أهدافه : هي أهداف الوليّ الفقيه الإيراني ، الذي يعلن نصر الله ، بكل مناسبة ، ولاءه له ، والتزامه بمرجعيته ، وحرصه على تبعيته له ! لذا ، فإن أهداف حزب الله ، في لبنان وفلسطين ، والمنطقة عامّة .. هي أهداف الثورة الخمينية ، في العالم العربي والإسلامي ! وهي الأهداف التي يجسّدها خليفته خامنئي ، ومنفّذ سياساته ، رئيس الجمهورية الحالي ، أحمدي نجاد ! لكن نصر الله ، يتعامل مع هذه الأهداف الإيرانية ، من خلال واقعه في لبنان ، ومن خلال واقع لبنان نفسه ، داخلياً ، وخارجياً !
+ إيران : دولة مذهبية ، ذات مطامح توسّعية إمبراطورية .. لاتخفيها ، ولا تخفي مصالحها ، التي تسعى إلى تحقيقها ، في المنطقة العربية ، والعالم الإسلامي !
- من أهم أهدافها :
(1) تحقيق الحلم الخميني ، الذي أعلِن في بدايات الثورة الإيرانية ، وهو التمدّد في العالم الإسلامي ، عامّة ، والعربي خاصّة.. مذهبياً ، وسياسياً ، وأمنياً ، وثقافياً، وعسكريا .. إذا أمكن ذلك !
(2) فرض وجودها ، قوّة إقليمية ضخمة ، في المنطقة العربية ، تصارع أمريكا ، ونفوذها في هذه المنطقة.. وتسعى إلى مدّ النفوذ الإيراني ، والسيطرة الإيرانية، في دول الخليج النفطية ، خاصّة ، وسائر دول المنطقة ، عامّة !
- وسائلها :
(1) التمدّد المذهبي الشيعي ، الفارسي تحديداً ، ليكون هذا التمدّد ، تمهيداً للتمدّد الإمبراطوي الإيراني : سياسياً ، وأمنياً ، وثقافياً ، وعسكرياً !
(2) رفع شعارات محبّة آل البيت ، الذين يحبّهم المسلمون ، عامّة !
(3) الأموال الهائلة ، التي تنفَق في سبيل التمدّد والهيمنة .. والآلة الإعلامية ، من فضائيات ، وغيرها ، مثل : قناة المنار اللبنانية ، وسواها !
(4) شعارات العداء لأمريكا، الشيطان الأكبر.. ولإسرائيل ، التي لا يفتأ أحمدي نجاد, يردّد في خطبه الحماسية ، بمناسبة وبلا مناسة .. أنه سيلقيها في البحر !
(5) شعارات مناصرة فلسطين ، والمقاومة الفلسطينية .. لكسب عقول المسلمين ، في العالم الإسلامي ، وقلوبهم .. لحساب إيران ، وتمدّدها المذهبي والسياسي ، في صفوف أهل السنّة !
- ماتستطيع تقديمه ، لحليفتها حماس ، هو:
= الشعارات والخطب الحماسية ، وعبارات التأييد والمناصرة !
= بعض الأموال !
= إطلاق بعض الصواريخ ، على إسرائيل ، لدعم أسطورة البطولة ، التي تحرص إيران على إضفائها ، على تابعها نصر الله ، الذي يترجَم الإعجاب بشخصه ، إلى إعجاب بمذهبه الإيراني ، وبولائه السياسي الإيراني !
- إيران ، مثل نظام آل أسد ، ترى في حماس ورقة مساومة ، في لعبها مع الأطراف العربية والدولية ! إذا حقّقت من خلالها ماتريد ، من مكاسب ، وضغوط على الآخرين .. فهو المطلوب ! وإذا رأت أن التخلّي عنها ، أنفع للسياسة الإمبراطورية الإيرانية .. لم تتردّد لحظة ، في ذلك ! سواء أكان التخلّي ، بموجب صفقة مع الشيطان الأكبر ، أم كان بسبب فقدان حماس أهمّيتها ، بصفتها ورقة إيرانية .. للضغط والمساومة !
· أخيراً : بعد هذا العرض المختصر ، يظهر لنا الفارق الهائل ، بين حلفاء حماس المزيّفين .. وبين أنصار إسرائيل وحلفائها ! لكن حماس مضطرّة ، للتعامل مع هؤلاء الحلفاء ؛ لأنها لم تجد غيرهم في الساحة ، يمدّها بالحدّ الأدنى ، من حاجاتها الأساسية التي تحتاجها ، في صراعها المصيري ، مع دولة الصهاينة !
(وغنيّ عن البيان، أن الحديث ، إنّما ينصبّ ، هنا ، حول التحالفات السياسية الرسمية ،بين حماس وحلفائها ! أمّا الشعوب ، فلها شأن آخر! ولقد أظهرت شعوب الأمّة الإسلامية ، في قارّات العالم ، كلها ، ماتكنّه صدروها ، من حبّ وتعاطف ، ودعم وتأييد.. لغزّة ، وحماس ، والقضية الفلسطينية ، كلها!) .