موسى وفرعون وفساد حماس

موسى وفرعون وفساد حماس!!

خليل الصمادي

[email protected]

عضو اتحاد الكتاب والصحفيين الفلسطينيين/ الرياض

من عجائب الدنيا أن تتهم حركة حماس بالفساد والإرهاب وبشق الصف الفلسطيني، وبمارسة التضليل وخطف الشعب الفلسطيني وقراره وووو ، ولعل أعداء الحركة قبل أنصارها يعلمون علم اليقين أن الناس في غزة وخلال العام والنصف المنصرم لم يعرفوا الأمن والإطمئنان إلا في ذلك الوقت بالرغم من الحصار والتجويع والحشد والقصف والغارات، فالناس ذاقوا ربما ولأول مرة طعم الحرية والعدالة والمساواة فهاهم قيادة الحركة يسكنون في المخيمات، ويستشهدون كما يستشهد الأبطال، وتقصف بيوتهم ومساجدهم ويستشهد أبناءهم ، كما يحصل مع الجميع، ويعانون كما يعاني القطاع ،يصطفون بالدور ليأخذوا خبزهم من الأفران، أو جرار غازهم، وتقطع عنهم الكهرباء كما تقطع عن الآخرين ويبيتون جوعا إذا جاع الجميع ويقتسمون القوت القليل مع جيرانهم، إن كان جارهم جائع وهكذا.

  إذا كان هذا هو الفساد فيا مرحبا به وأكرم به من فساد!! وإن كان الإصلاح والسلام  هو التعالي على الناس وممارسة الفوقية معهم سلوكا وفكرا، والمتاجرة بدماء الشعب وقوته وتهريب الجوالات واحتكار الطعام والشراب  بالرغم من الادعاء بأنهم مع الشعب ومن الشعب وفي الوقت نفسه ممارسة اللطف والاحترام والأدب مع العدو المتغطرس على قول الشاعر " أسد علي وفي الحروب نعامة" فلا حبا ولا كرامة وأقبح بهذا العهر السياسي.

وربما هذه التهمة أي تهمة الإرهاب والفساد جاهزة من قبل الطواغيت الذين يرمون فيها الصالحين والمصلحين ففرعون اتهم موسى عليه السلام بالإفساد، بل شرع أسلحته الإعلامية والعسكرية في محاربته،  وأما الأسلحة الإعلامية فهي اتهامه بالفساد!!{ وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَاد} غافر:26

ففرعون الأصلي يخاف على قومه من موسى أن يبدل دينهم أو أن يظهر في الأرض الفساد!! وهذا ديدن الفراعنة الصغار والتقليديين على مر التاريخ وفي هذه الآية إشارة لطيفة إلى ما يسمى اليوم بالديمقراطية الغربية ففرعون استشار قومه في محاربة موسى ولكنه طرح أفكاره مسبقة توحي للحاشية بأنه سيحارب موسى لأنه يظهر الفساد في الأرض!! وهذا ما يحدث في أيامنا هذه على قاعدة "من ليس معنا فهو ضدنا" والحشود الإعلامية اليومية لتهم الإرهاب الجاهزة لكل من قال ربي الله.

وأما فراعنة الغرب أو طواغيتها فما زالوا يرمون حماس بالتهم نفسها التي رمي بها موسى عليه السلام والرسل من  قبله وبعده،ربما يعذرون أي فراعنة الغرب في هذا لأن الآلة الإعلامية اليهودية الضخمة كرست منهج فرعون الإعلامي الرويبضي، فقلبت الموازين وغيرت المفاهيم، وأما فراعنة العرب وهاماناتهم فلا عذر لهم فهم يعرفون حق اليقين ما قامت به حماس وما تمثله من إصلاح وتغير وما مدى الإصلاح الذي قامت به، فبالرغم من الحصار والظلم والبغي والجوع يعلمون أن الناس تتقاسم رغيف الخبز الذي يحصلون عليه خلال طابور منظم راق حضاري لا مثيل له في دولهم  وهذا الطابور يضم المئات يمشي كل واحد في هدوء وسكينة الوزير والغفير سواء في الدور،  في حين أن بلادهم المفتوحة على العالم ما زالت  تعاني أزمة الرغيف وأي رغيف!! يتزاحم الناس عليه في منظر مثير قد يوقع الضحايا والجرحى ، هنا يكمن مفهوم الإصلاح والإفساد وهنا يعرف المصلح من المفسد وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.