تسيبي ليفني وخيار الترانسفير
د. ياسر سعد
[email protected]
تصريح تسيبي ليفني رئيسة حزب كاديما ووزيرة الخارجية الإسرائيلية بأن العرب
الإسرائيليين يجب أن يعيشوا في دولة فلسطينية، في كلمة بثتها إذاعة الجيش
الإسرائيلي، مضيفة انه بعد إنشاء الدولة الفلسطينية "يمكننا أن نقول للمواطنين
الفلسطينيين في إسرائيل الذين ندعوهم عرب إسرائيل، إن الحل لتطلعاتكم الوطنية موجود
في مكان آخر". تصريح ليفني وإن كان يأتي في سياق الحملة الانتخابية، إلا أن له
أبعاد أعمق وأكبر من ذلك. فهي ليست المرة الأولى والتي تعلن فيها مثل هذا الكلام
الاستفزازي وليست الوحيدة التي تطرح مثل هذه الرؤية.
فقبيل بدء مؤتمر انابوليس قالت ليفني بأن الدولة الفلسطينية لن تكون فقط حلا
للفلسطينيين الذين يسكنون في الضفة والقطاع, إذ يفترض بها أن توفر حلا وطنيا شاملا
لهم ولمن في مخيمات اللاجئين وأيضا لأولئك الذين هم مواطنون متساوون في الحقوق في
دولة إسرائيل. كما أعلن اولمرت حينها بأن اعتراف السلطة الفلسطينية
بإسرائيل دولة يهودية سيكون شرطا لمواصلة
المفاوضات.
الحديث عن يهودية إسرائيل بدأه جورج بوش في خطابه أمام قمة العقبة حزيران 2003،
والتي شارك فيها عباس وشارون والملك الأردني, حيث قال بوش: إن من شأن قيام دولة
فلسطينية ديمقراطية تعيش في سلام كامل مع إسرائيل
أن يدفع إلى الأمام أمن وازدهار دولة إسرائيل،
باعتبارها دولة يهودية.
بوش عاد وشدد في انابوليس على أن الولايات المتحدة ستحافظ على التزامها امن إسرائيل
كوطن للشعب
اليهودي, وأن التسوية الموعودة ستؤدي إلى قيام فلسطين كوطن للفلسطينيين، تماما كما
هي إسرائيل وطن
للشعب اليهودي. كما إن ساركوزي وفي خطابه أمام الكنيست في يونيو الماضي شدد على
يهودية إسرائيل وهو أمر لمح إليه أيضا الرئيس المنتخب باراك أوباما.
خطاب ليفني العنصري، والذي مر بلا مبالاة دولية على خطورته، تزامن مع إعلان جامعة
الدول العربية إرسالها خطابا وقعه وزير خارجية السعودية والأمين العام للجامعة عمرو
موسى إلى أوباما مؤخراً يؤكدان فيه استعداد العرب لإقامة "سلام دائم" مع إسرائيل
وفقا للمبادرة العربية وقرارات الأمم المتحدة.
السؤال الكبير هنا هو كيف يمكن لدعوة ليفني العنصرية أن تتحقق وتترجم واقعيا؟ وأية
دولة فلسطينية تلك والتي يمكن لها أن تتسع لسكان الضفة والقطاع والمناطق المحتلة
عام 1948 وتكون في الوقت نفسه حلا للاجئين الفلسطينيين؟! فهل يكون إخراج فلسطيني 48
من مدنهم وقراهم عبر عمليات ترانسفير كالتي دعا لها نائب رئيس الوزراء الإسرائيلي
السابق أفيغدور ليبرمان والتي طالب فيها الأردن بتحمل مسؤولية اللاجئين
الفلسطينيين، وهو ما دونه بشكل واضح في برنامجه الانتخابي السابق؟ وهل يكون الوطن
البديل، وهو طرح إسرائيلي قديم تبناه علنا كثير من السياسيين اليمنيين، الدولة التي
يمكن لها أن تستوعب الفلسطينيين؟
وهل المطلوب من المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية أن تحل ما تعتبره الدولة العبرية
مشكلتها مع عرب 48، عوضا عن إيجاد حل لمأساة اللاجئين الفلسطينيين؟؟ وأي سلام يطمح
له العرب والسلطة الفلسطينية، إذا كان الطريق لقلب وصوت الناخب الإسرائيلي يأتي من
خلال المواقف المتطرفة والمتشنجة؟؟