صفّقوا للمحرّر، لكن

صفّقوا للمحرّر، لكن..

اعرفوا، أولاً، ماذا ينوي أن يحرّر!

عبدالله القحطاني

·  صفّقوا كما تحبّون ، لكل من يعلن أنه سيحرّر بلادكم ! فالتصفيق مجّاني ، لايكلف شيئاً .. كما أن الإعلان مجّاني ، لا يكلف شيئاً .. لكن :

·  حين يكون للتصفيق قيمة حقيقية : اجتماعية ، أو سياسية ، أو إعلامية ، أو خلقية ، أو ثقافية .. فلابدّ أن يكون الإعلان حقيقياً ، جاداً ، صادراً عن شخص موثوق بصدقه وخلقه ، وقدرته على الفعل ، وشجاعته ، وتاريخه المعروف بين الناس ، ودوافعه في الإقدام على الفعل ، وفي التضحية في سبيله ! وإلاّ ؛ فقدَ المصفّق احترامه لنفسه ، واحترام الناس له !

·  في انتخابات الإدارة المحلّية ، في إحدى المحافظات السورية ، في سبعينات القرن الماضي ، كتب أحد المرشّحين لهذه الانتخابات ، في برنامجه الانتخابي ، أن من بين عناصر هذا البرنامج ، تحرير فلسطين ! فكم كان احترام الناس له ، ولبرنامجه !؟ وكم صوتاً نال في الانتخابات !؟ طبعاً ، لم ينجج في هذه الانتخابات ، ولم ينل إلاّ أصواتاً قليلة جداً !

·  بشار الأسد يرفع شعار الممانعة ، ضدّ المشروع الصهيوني الأمريكي ! وهو معروف لكل مواطن سوري ، ولكل عاقل يتابع الشأن السياسي ، في المنطقة ، عامّة ، ويتابع تطوّرات القضيّة الفلسطينية ، خاصّة ! معروف بأنه ليس رجل تحرير، لا لفلسطين ،  ولا للإقليم السوري ، الذي سلّمه أبوه ، لليهود ، في حرب حزيران / عام 1967/! بل معروف ، لدى العقلاء ، أن ثمن استلام آل أسد ، حكم سورية .. هو تسليم الجولان ، وثمن بقائهم في الحكم ، هو حراسة الجولان لمصلحة الصهاينة ، الذين احتلّوه ! والجيش السوري يحرس هذا الإقيم ، لحساب الصهاينة ، من أربعين عاماً ! فماذا يعني التصفيق لشعاراته ، في نظر عقلاء البشر!

·  حسن نصر الله ، يعلن أنه تابع للوليّ الفقيه ، في طهران ! وطهران تعلن عن مطامحها ، في المنطقة العربية ، وفي العالم الإسلامي كله .. دون مواربة ! فهل سيحرّر نصر الله ، فلسطين ، من أيدي الصهاينة ، لحساب الشعب الفلسطيني .. إذا كان حقاً قادراً على تحرير شبر منها !؟ أم أن حربه هي لمصلحة الوليّ الفقيه ، وطموحات دولته في العالم الإسلامي .. إعلامياً ، في الدرجة الأولى !؟ هذا إذا غضّ الناس الطرف ، عمّا فعله نصر الله في لبنان ، من فتن سياسية وعسكرية وأمنية ، لمصلحة النظام السوري ، ومصلحة طهران !

·  قليلاً من التفكير، أيّها المصفّقون المجّانيّون .. أو قليلاً من احترام النفس ، أو قليلاً من التريّث والرصانة ! لأجلكم أنتم ؛ لأجل سمعتكم ، أو كرامتكم .. إن كنتم تظنّون أن لكم سمعة بين الناس ، أو كرامة ! واسألوا أنفسكم ، قبل أن تصفّقوا : هل ينوي هؤلاء ، حقاً ، تحرير بلادنا ، من أعدائنا ، لحسابنا ، أم لحسابهم .. إذا كانوا جادّين وقادرين !؟ أم أن نيّتهم الحقيقية ، هي تحرير بلادكم منكم ، أنتم ، لحساباتهم ومصالحهم .. التي لم يعودوا ، هم ، يخفونها ، عنكم ، ولا عن غيركم ! وأن أهمّ نيّة لديهم ، هي تحريرعقولكم وقلوبكم ، من أفكاركم ومعتقداتكم ، لحساب أفكارهم ومعتقداتهم..!