لك الله يا حماس

عبد العزيز كحيل

[email protected]

كيف لا ينزعج القادة العرب من حركة المقاومة الإسلامية وقد أربكتهم وحاصرتم وأزعجتهم بتبينها لخيارات هي أبغض شيء عندهم: المرجعية الإسلامية ومقاومة الاحتلال.

إن هوى الأنظمة العربية مع سلطة رام الله لأنها نسخة من هذه الأنظمة لها هم واحد هو البقاء في الحكم مع دفع الثمن في شكل انصياع لإرادة أمريكا والكيان الصهيوني وعدم الانحياز للشعوب فضلاً عن العلمانية وخيار"السلام"... إن حماس تعرف كل هذا فلا تتفاجأ بالتصرفات الرسمية العربية من حماية معلنة لحدود الدولة الصهيونية بحيث لا يعبرها جهادي"مارق"، وتعاون واضح لأجهزة السلطة والجوار في ملاحقة أنصار الحركة واستجوابهم والحد من نشاطهم ولو بالتعذيب والقتل، وإحكام للحصار ورفض قاطع لكسره من طرف المنظمات الأهلية... أما الحوار الفلسطيني فهل يمكن لحماس أن تنتظر منه شيئا مهما قدمت من تنازلات؟ إن مرونتها لا تعني شيئا لحكام عرب يأتمرون بأمر البيت الأبيض ولا يرضيهم إلا شيء واحد هو إقصاء هذه الحركة من الساحة السياسية والجهادية، ولا أستبعد أن تكون استفزازات سلطة رام الله واعتقالات الضفة المكثفة من وحي"الأشقاء العرب" ونصائحهم ضمن إستراتيجية متكاملة لافشال حوار القاهرة وتفويت الفرصة على اتفاق قد تكون له كل المساوئ والسلبيات لكنه سيكرس وجود حماس كقوة فاعلة وطرف قوي في معادلة فلسطين والشرق الأوسط وهو عين ما ترفضه الأنظمة العربية وتتخوف منه لأنه سيلقي بظلاله على خياراتها الإيديولوجية والسياسية التي هي على طرف نقيض مع خيارات حماس.

فالنظام المصري-مثلاً- قد يقبل بكل شيء إلا الاعتراف بجماعة الإخوان المسلمين لأن ذلك يعني حتماً نهايته المبرمجة لأن"الإسلام السياسي" الذي تنتهجه الجماعة سيزيح هذا النظام بكل هدوء عند أول استحقاق انتخابي تعددي تماماً كما حدث مع حماس في فلسطين، ثم هذا النظام المصري نفسه يعيش على المساعدات الأمريكية و"العطف" الأمريكي الصهيوني لذلك يقوم لحماية"إسرائيل" ويبذل كل الجهود حتى لا يزعجها مجاهد أو مقاوم أو متعاطف مع الفلسطينيين، وهو مستعد للمضي في هذا الطريق مهما كانت التنازلات والخدمات المطلوبة منه مثله مثل بقية الأنظمة"الشقيقة" التي تزعجها حماس بخيارها النشاز ومواقفها غير المنسجمة مع رؤي"الشرعية الدولية" الداعية إلى التطبيع مع الصهاينة أي الاستسلام للأمر الواقع والتخلي عن السلاح والشخصية و"أحلام" العودة والقدس.

إن حماس في موقف قوة جماهيريا لكنها في موقف ضعف مع الشركاء العرب الذين يختلفون معها في كل شيء بل يعارضون خياراتها جميعا من التوجه الإسلامي إلى خيار المقاومة مرورا بقضية شاليط وانتهاء بتحرير كل فلسطين وتوحيد بيت المقدس وعودة اللاجئين.

إلى جانب عدائية الموقف العربي الرسمي تبرز مواقف الفصائل الفلسطينية التي تتضايق من حماس وتضايقها، ولا يقتصر الأمر على فتح وحدها بل نلمس من تصريحات عدة تنظيمات انزعاجها من استتباب الأمن في غزة بذرائع الحرية وحقوق الإنسان ونحوها وكأن هذه الأخيرة لا تتوفر إلا مقرونة بالانفلات الأمني وانتشار الجرائم والانحراف الأخلاقي، وهذا عامل آخر للضغط على الحركة والتأثير في توجهاتها.

لا شك أن لرجال حماس من الحنكة والبصيرة والخبرة والمرونة ما يجعلهم يحسنون التعامل مع هذا الواقع المتعدد التحديات لتسلم الحركة من التآمر وتتقدم قضية فلسطين نحو الحل... "والله غالب على أمره لكن أكثر الناس لا يعلمون".