إيران : ماذا تريد ..؟! وماذا تفعل

عبد الله خليل شبيب

على هامش الحملة الشرسة ضد العلامة المعتدل يوسف القرضاوي

الشيخ العلامة يوسف القرضاوي

عبد الله خليل شبيب

[email protected]

عجيب وغريب أمر إيران .. في مواقفها المتناقضة – في الظاهر - !

هل يراد لها أن تلعب دورا معينا في إعادة تشكيل المنطقة من جديد كما يخطط المخططون ؟!

أم تريد أن تكون ( كبرى ) تلعب دورا رئيسا في إدارة العالم ..كما صرح رئيسها مرة ؟!

هل تقف ضد أمريكا وجبهتها جميعا ؟! أم تتعاون معها عبر أتباعها الشيعة المستعجمين في العراق ..والشماليين التابعين في أفغانستان ... وكلهم يأتمرون بأمرها وبأوامر [الحوزات والمرجعيات ]..ويُدخلون ويساعدون الأمريكان والغزاة بموافقتها وتشجيعها !!

هل تريد أن [تشيع ] العالم العربي والإسلامي ..كما تنشط فرق [ التبشير الشيعي ] من أقاصي الفلبين إلى أعماق الصحراء الغربية ؟!..وتنفق عليهم المليارات التي أولى بها جياع إيران وعراتها !؟

هل هي جمهورية إسلامية حقا أم كسروية فارسية ..؟! لماذا إذن أنهت – في طهران مؤخرا - خدمات (280ألف )أذري ( من أصل أذربيجاني ) وليسوا فرسا مع أنهم شيعة وليسوا سنة !

 ولماذا تضطهد ( عرب الأحواز ) اضطهادا شنيعا مع أن أغلبهم شيعة كذلك ؟!

إذا كانت دولة إسلامية .. فهل التفريق بين المواطنين حسب المذاهب والأعراق من الإسلام ؟!

في إيران وطهران معابد لليهود والنصارى وحتى للزرادشتيين عبدة النار ..ولهم حرياتهم ..!

  ..أما المسلمون السنة – وهم نحو ثلث إيران .. فليس لهم مسجد واحد في طهران ذات ال     ( 15 مليون ساكن ) وقد منعت وهدمت بعض المحاولات لإنشاء مساجد للسنة مؤخرا !! وليس من ملايين السنيين وزير ولا سفير واحد !

...نحن نؤيد ونتمنى أن تكون إيران جمهورية إسلامية حقا – لجميع المسلمين – لا لمذهب محدد .. ونريد أن تكون إيران جارة وشقيقة قوية ونووية وأخوية مع جيرانها المسلمين جميعا .. لاتعتدي على أحد ولا تضمر الشر لأحد من المسلمين ..ولا يعاملهم دعاتها معاملة (الكافرين) ويريدون أن يخرجوهم من دينهم إلى ما يعتقدون أنه الدين الحق الذي لا ينجو من النار – في زعمهم- إلا معتنقوه ومعتقدوه!

إن الساسة الإيرانيين يجب أن يعلموا تماما أنه بقدر ما تجلب مواقفهم ( المعلنة )ضد أمريكا والصهيونية  ..ومحاولاتهم الاستمرار في الطريق النووي .. وتعاطفهم مع القضايا الإسلامية – وخصوصا فلسطين - ..ونحو ذلك من السياسات المعلنة .. بقدر ما تجلب لهم من تعاطف شعبي في العالم العربي والإسلامي ..بقدر ما يثير النفور محاولات [ ملاليهم ]الدائبة لتشييع تلك الشعوب التي لن تتنكر لتاريخها .. ولن تشتم أجدادها ـولن تُكَفِّر صحابة رسولها وتفرق بينهم .. وتتهمهم بالأباطيل ..وتتهم- بالتالي قائدهم وسيدهم وسيدنا جميعا وسيد العالمين ( محمد صلى الله عليه وسلم ) بالفشل في تربيتهم – ولو بطريق مواربة غير مباشرة !!! نعوذ بالله تعالى من أباطيل المبطلين وافتراءات المزورين ..فإن مثل هذه التهم أشد ألف مرة من قضايا تافهة مثل الرسوم الدنمركية ..أو فيلم [ الخنزير الهولندي فلدرز ] عن القرآن !

  .. بل إن مقولات [ الشيطان ] المجرم المعقد سلمان رشدي في عرض رسول الله صلى الله عليه وسلم .. ليست بعيدة عن بعض ما يقوله بعض الرافضة في أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم وخصوصا حفصة وعائشة رضي الله عنهما وعن سائر أمهات المؤمنين ..وأصحاب رسول الله وآله الطيبين الطاهرين .!!

.. هل استراحت أمريكا لمن حمى ظهر احتلالها للعراق ولأفغانستان .. ولمن نقل لها القوات البريطانية من طهران إلى أفغانستان على  متن طائرات إيرانية رسمية ؟!!

وبالمقابل .. تتميز أمريكا غيظا على من  واجهها وأذلها وأذاقها الأمرين – ولا يزال - في مقاومته لها – في العراق وأفغاستان وغيرهما من عناصر المقاومة (السنية بالذات ) وليس لغيرها كبير تأثير ..حتى إن جيش المهدي ( الصدريين ) حينما حاولوا التمرد على الاحتلال الأمريكي في العراق .. أعمل هو وعملاؤه فيهم القتل ..فأبادواالمئات ( مجانا ) وهدموا المنازل على رؤوس سكانها – كما اعتادوا ان يفعلوا بلا ضمائر أوأخلاق !! ولا نسمع أن جنديا أمريكيا واحدا قد قتلته تلك العناصر الشيعية العربية ..مع أن الأمريكان يضربونه بلا هوادة.. ومع أن المقاومة السنية تُسقِط كل يوم [ خنازير أمريكان ] وترسلهم إلى جهنم !

.. نقول : إن أمريكا ربما رأت أنه تمهيدا لاحتلال بقية العالم العربي والإسلامي .. فالأفضل أن تجد لها عناصر هناك ترحب بها – إن أمرتها المرجعيات والحوزات – ولا يقاومها كما تفعل طالبان وجيش الصحابة والجيش الإسلامي وثورة العشرين ..إلخ..

.. ولربما أوهمت إيران بحصة كبيرة إن هي لعبت معها الدور المتقن لتطويع المنطقة وترويض شعوبها !

.. إذا أرادت إيران أن تنجح في مساعيها المشروعة .. فلتبتعد عن لعب دور الأستاذية ..والإرشادية والهيمنة المتعالية – في المنطقة .. ولتزهد في نشر مذهبها .. أو إعلاء العنصر الفارسي .. ولتدخل بوجه وقلب إسلامي حق مجرد .. .. لأنها – كما أنه من المستحيل أن يفضل مسلم أو عربي عاقل ..دولة الصهاينة عليها أو حتى يساوي بينهما .. فلتتأكد أن امريكا من المستحيل أن تفضلها على تلك الدولة المسخ أو حتى تساويها بها !!               

... لقد لعبت أمريكا دورا قذرا في الحرب العراقية الإيرانية ..وساهمت بفعالية في تدمير شعبين مسلمين جارين عظيمين ..كان يجب أن يظلا أخوين – مهما كانت الظروف – لقد أهلكت تلك الحرب الحرث والنسل .. وأضاعت ملايين الأرواح ومليارات الأموال .. وخربت في البلاد والعباد والنفوس .. فقد كانت [ أمريكا ] تمسك العنصرين المتحاربين – وتضربهما ببعضهما – كحجارة الشطرنج .. فكلما كانت قوة ترجح على الأخرى كانت تتدخل لصالح المتراجع            [ بالإمداد بالمعلومات أوالسلاح أوالخطط والمشورة ]لتطيل أمد الحرب والدمار .. كما تغاضت – من قبل - عن سيطرة الخميني والملالي على إيران .. وفككوا أقوى جيش في المنطقة.. نقولها وقلناها أكثر من مرة : لولا إيران لما استطاع الأمريكان دخول كل من أفغانستان والعراق بتلك السهولة .. ولما استقروا فيهما حتى الآن !!

.. لقد دفعها [العمى المذهبي أو أوامر السادة  ] – كما دفع غيرها -..إلى التحالف مع قوى محالفة للغزاة ..عملت كرأس حربة لهم وطلائع ترشدهم وتفدي جنودهم .. حتى أوصلوهم قلب كابل وقلب بغداد !!

لا ندري كيف يمكن لدولة تعتبر نفسها قوية وكبيرة – كإيران – أن تدير ظهرها لعدو – تعتبره [ الشيطان الأكبر ] ..وهو بالفعل أكبر خطر على شعبها ووطنها وعلى الإسلام وجميع المسلمين..! كيف تدير له ظهرها ..وهو يحتل ويمزق بلدين مسلمين ..والأنكى أنهما ليسا بعيدين عنها منفصلين ..- مثل فلسطين التي تدعي نصرتها وتتحرق لتحرير قدسها -!.. بل هما ملاصقان لها جاران عن يمينها وشمالها – من شرقها ومغربها .. أي وضع فيهما يؤثر فيها وعليها تأثيرا بالغا !!

 إن إيران لم تكتف بإدارة ظهرها وبمجرد التعامي عن غزو ذلكما القطرين المسلمين .. بل دعمت الاحتلال وساهمت في تمكينه واستدراجه .. بل وحماية ظهره !!

 فلماذا ؟!

ماذا تريد إيران من العراق وأفغانستان ..وغيرهما ؟!!

قال الأستاذ ( ياسر الزعاترة ) الكاتب الإسلامي .. في صحيفة (السبيل الأردنية الإسلامية ) – المتعاطفة – غالبا مع إيران – ( عدد 25 آذار 2008): " قبل عام ونصف التقيت في مبنى  إحدى الفضائيات في لندن بنائب الرئيس الإيراني أيام ( خاتمي ) السيد (عطاء الله مهاجراني).. ولما سالته : عما تريده إيران في العراق أو من العراق ؟ لم يتردد الرجل في القول :(إن إإيران تريد العراق دولة تابعة سياسيا واقتصاديا وثقافيا )!!"..

يضيف الكاتب الأستاذ ياسر الزعاترة قائلا وموضحا : :" وللتذكير فإننا هنا بصدد رجل إصلاحي يعيش في لندن ويؤمن بحوار الحضارات وعموم مفاهيم الانفتاح ..! وهو ليس من التيار القومي المتعصب ، ولا حتى من التيار الديني المتعصب الذي يريد تحويل العالم العربي والإسلامي إلى المذهب الشيعي ؛ وبالطبع تحت اللواء الإيراني "!!         

.. يبدو أن إيران عادت تراودها أحلام العهد الخميني في [ تصدير الثورة ..وبالطبع نشر المذهب معها ]..ولم تضع إيران وقتا فقد حاولت إيجاد ركائز لها في المنطقة ..- وفي أجواء من الخنوع والتطبيع [والاستسلام كخيار واحد ] لنظم المنطقة ..وعدم الاكتراث المناسب للدماء الفلسطينية وغير الفلسطينية النازفة بفعل العدوانات الصهيونية المتكررة واليومية والبشعة .. ومع [احتقان الشعوب ] وتطلعها للثأر والعزة والانتقام ..إلخ في مثل هذه الأجواء ظلت الأنظار تتطلع بشدة وتوق إلى منقذ ..إلى صوت رسمي يقف بقوة في وجه الباطل الصهيوني ..وجبهته الشرسة اللاإنسانية المفترية العدوانية ..وعلى رأسها أمريكا  .. فكانت إيران هي التي أتقنت لعب الدور وتقدمت لملء الفراغ الشعبي .. -وحيث يمكن - الرسمي ..!

  .. بصراحة ..الواعون في هذه الأمة ..لا يثقون ثقة مطلقة بأي نظام – بعد سقوط  دولة الخلافة ..إلا أن يكون – غالبا – مرهونا لإرادة خارجية – سواء أنشأته أو ساعدت في إنشائه..أو تغاضت عنه.. ولم تسع لتبديله ..إلخ

 ولا يستبعد أن يكون لكل – أيا كان من النظم ما دام بعيدا عن الإسلام الحق – دور ما في المخطط الأمريكي الصهيوني –الصليبي في المنطقة ..ولكنهم – كممثلي المسرحية ..يظهر كل في دوره ووقته ..وبالدور المرسوم له – خيرا أو شرا ..!

.. نحن – أعني شعوب المنطقة - .. بحاجة ماسة إلى مواجهة قوية ورجولية وحقيقية للمشروع الصهيوني ..الذي أثبت أنه لا شوكة تقف في حلقه وتقلع عينه إلا ( الإسلام ) وكل جهد إسلامي مخلص يرفض أية إغراءات ..ولا يستجيب لأية ضغوط ولا يقبل التنازل عن ذرة من التراب أو الحقوق المشروعة والقضايا المصيرية .. لأن ذلك يقدح في إيمان وعقيدة فاعله .. ويجرد أي تيار إسلامي حتى من مبرر وجوده !!

ما حقيقة الدور الإيراني في العراق ؟!

... بقي أن نقول ..هل هناك تنسيق ما بين إيران وأمريكا .. أو توظيف ما ..وعدت فيه إيران بحصة العراق - أو حصة معينة ( لنا النفط ولكم غيره ) حيث إن إيران لديها الكثير من النفط ..وأمريكا لن تتخلى عن نفط العراق ..ولذا تعمل جهود أتباع إيران الحاكمين تحت سيطرة أمريكا في العراق لتكريس اتفاقات تحول مصب النفط العراقي للجوف الأمريكي إلى الأبد ..حتى ينضب نفط العراق آخر نفوط العالم نضوبا – كما يقال - !!  ..وذلك مقابل ..التغاضي عن إطلاق يد أمريكا في المنطقة..أو مساعدتها – حين اللزوم – كما حصل في أفغانستان والعراق!

وإلا ففي أية خانة مثلا يمكن أن نصنف زيارة الرئيس الإيراني الثوري ( أحمدي نجاد ) للعراق في ظل الاحتلال الأمريكي والسيطرة الأمريكية الكاملة ..وتحت حراسة الحراب الأمريكية الشيطانية الأكبرية ؟؟!!!

ليسا سواءً!:

  ..إننا لا نريد ولا نرضى أن تكون هناك موازنة بين مشروعين احتلاليين : صهيوني وفارسي .. ولا نقبل مطلقا أن تساوى إيران بالدولة الصهيونية ..

..ولا بد لإيران أن تعيد النظر في كثير من سياساتها وسلوكها لتنجح مساعيها في استقطاب الشعوب وتقوية جبهة موحدة في مواجهة الصهاينة ..إن كان هناك حقا مخلصون !

 أما أن يتصرف الساسة أو الملالي أو غيرهم تصرفا ت تثير شكوك الشعوب ..وتؤلب ضدهم قوى كان يمكن أن تكون في صفهم ..حتى ولو لم توافق على مقولات الساسة في الجانب ألآخر أو لم تكن على وفاق تام مع إيران في كل وجهات نظرها !.. فإن الأمر يحتاج لمزيد من التوضيح !

خير لإيران أن تكف عن ( ربط المذهب بالموقف ):

.. إن على إيران – إن كانت مخلصة حقا ولا تعمل في إطار مخطط دولي شامل تجاه المنطقة – أن تكف عن [ ربط المذهب بالموقف ] وتكف عن[ أحلام ووساوس تشييع المنطقة ] وتترك لكل دينه ومذهبه ..وتعترف بأن المذاهب الأخرى – وخاصة السنية – من الإسلام وليست خروجا عليه .. تماما كما يعترف ( مجمل أهل السنة ) بأن الشيعة مذهب إسلامي ..وليسوا كفارا ..حتى أشد العلماء السنة ضدهم ( ابن تيمية ) لم يكفرهم ..وأقصى ما قاله عن بعض بدعهم ..: "إنهم أسوأ أهل القبلة "!!..يعني أنه لم يخرجهم من عموم المسلمين !..ولم يعتبر - كما يعتبرون - أن مجرد وجود ( عظمة سني ) في قبور أحد آبائهم كفيل بإدخاله النار !! كما يتبادل عامة الشيعة القول أو [ الشتم لبعضهم ]!!

.. ويجب أن يعلموا تماما أن عهد [ الغفلة ] قد ولى !وأن زمان [ انحرافات الصفويين ] ودمويتهم في فرض تشييع معظم إيران بالترغيب والترهيب .!بعد أن كانت مسلمة سنية خالصة صدرت للعالم الإسلامي كبار العلماء وأفذاذ المفكرين والأئمة .. ذلك الزمان كذلك قد انقضى ..وكذلك زمان تشييع ملاليهم لكثير من القبائل العربية وخصوصا في مناطق جنوب العراق وشرق الجزيرة والخليج ..وذلك في ظل جهل مطبق وإهمال واسترخاء وغفلة وضعف من الدولة العثمانية ..ولى كذلك ..وحتى عصر انبهار عامة مسلمي العالم العربي بالعهد الخميني ومقولاته المغرية المعسولة عن( الإسلام الذي لم تكن الشعوب تظن أنه يعني به المذهب الشيعي فقط )..وكذلك مقولاته عن القدس وفلسطين ومقاومة الشيطان الأكبر الذي تحقد عليه شعوبنا وتتمنى زواله وانهياره ..كل ذلك قد ولى ..وعرفت الشعوب أن كثيرا من تلك  الشعارات كان غطاء لمحاولة تغيير مذاهبها وقناعاتها ..و إدخالها في صراعات داخلية وجانبية تستنزف جهودها وطاقاتها في ما لا طائل تحته!! كأن تسترجع عهودا بادت .. وتعيش عصر صراع [ متخيل ومخترع ] بين الصحابة الذين ينطبق عليهم- ويريحنا أن نعتبره ونلتزم به – ( تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ..ولا تُسألون عما كانوا يعملون ).