الإصلاح الوطني الديمقراطي يبدأ بضمان حرية التعبير

عانينا ، نحن في إدارة موقع النداء وهيئة تحريره، مزيدا من المشاق خلال الأسبوع الفائت في محاولتنا الحفاظ على استمرارية الموقع ودوام تحديثه، تحت ضغوط الحجب المتزايد والمتنوع المصادر، ولعل القراء والكتاب الكرام متابعي تصفح الموقع قد لاحظوا ذلك!

فقد شاركت العقوبات الأميركية المفروضة على سورية في إضافة المزيد من الصعوبات على المستفيدين السوريين من الفضاء الانترنيتي، عندما امتد إيقافها حجز مواقع الانترنيت السورية ليشمل مستثمري برامج التحكم الأميركية، وبذلك تنفضح مجددا صدقية السياسات الغربية في مواجهة قضايا ومصائر شعوبنا ومدى جدية اهتمامها بمسائل الحرية وحقوق الإنسان في حال تعارضها مع المصالح الغربية، سياسية كانت أم اقتصادية، بل لعلنا نرى توجها سلبيا في القفز فوق أمور كانت تعد أولوية ومركزية - الحرية والديمقراطية - قبل الخوض في تجاوز الخلافات مع الأنظمة والسلطات الحاكمة لبلادنا.

بالنتيجة، تتزايد صعوبات الحجب المفروضة على مواقع الانترنيت السورية المستقلة أو المعارضة ، والتي يبدو أن السلطات الأمنية حققت مزيدا من التقدم والتفوق فيها، كما ورد في تقارير صحفية عديدة مؤخراً !

بذلك يؤكد النظام السوري من جديد سياسته في منع وحجب جميع الأصوات المستقلة والمعارضة، لدرجة أنه يبدو لنا أمرا قابلا للتصديق في إطار ذلك، أنه تمكن حتى من حجب قنوات معارضة على القمر الأوروبي، على الرغم من التكلفة العالية والمستوى التقني الرفيع اللازمين لذلك !

هكذا تبذل أموال شعبنا، وتضيع موارد هامة من ميزانية سوريا، على سياسة لا تعرف من السياسة سوى الإقصاء والحجب، بما في ذلك سجن المعارضين وإغلاق المنابر المستقلة ( كالمنتديات ) ووضع كافة أشكال التعبير تحت سيف الرقابة أو مقصها ( كمسلسلي بقعة ضوء  ورياح الخماسين مثالا) وحتى تخصيص جيش من المخبرين والبصاصين لرصد ناشطي المجتمع المدني وحقوق الإنسان وهيئاتها ( الأمثلة شائعة في كل المحافظات السورية ) !.

وبينما يبذل الكثير من المخلصين من أبناء شعبنا، بمختلف أطيافهم وانتماءاتهم، جهودا مشهودة في الارتقاء بالسياسة واستعادة معناها النبيل إلى المجتمع وخدمة الشأن العام ، بدءا من استعادة  الحاضنة العربية الطبيعية ومرورا بنقد انفلات (اقتصاد السوق الاجتماعي) إلى محاربة الفساد المستقر ومكافحة غول الغلاء ، فإن السلطات ما زالت تمضي في غيّها، وعلى الرغم من كل شعارات التطوير والتحديث ، التي دأبت وسائل الإعلام الرسمية على ترديدها، فإن الواقع  يسير في مسار مختلف، حيث بات ساطعا لكل مخلص أن لا مخرج لأزمة سوريا المستفحلة سوى بالحوار الوطني المتكافئ ومقدمته احترام الرأي الآخر.

وفي هذا الأسبوع، تنعقد جلسة جديدة في مسلسل المحاكمة السوداء لقيادات إعلان دمشق، ويتعاظم قلق المهتمين جميعاً من تسارع هذه الجلسات، واستمرار العناد على إطالة مدة السجن، وزيادة توتّر الأوضاع الداخلية في سوريا، بدلاً من المبادرة إلى إنهاء المسألة والإفراج عن القادة المعتقلين وعن جميع السجناء السياسيين.

ولقد قالها المناضل الوطني البارز رياض سيف في الجلسة الثانية لمحاكمة معتقلي إعلان دمشق، رافضا الاتهامات الشكلية الموجهة إليه وإلى زملائه الأحرار، ومختصرا بصورة بليغة أهداف إعلان دمشق: إننا نطالب بإصلاح وطني ديمقراطي يبدأ بحرية التعبير أولا.