بشّار على خُطى القذافي أم الطُغاة على نهج واحد

فكّر فيها :

مؤمن محمد نديم كويفاتيه/ سوري في اليمن

[email protected]

القذافي قائد التحرر والثورة الخضراء الجماهيرية ولجانها الشعبية الذي يرى في أمريكا بالشيطان والرجز و... ، والذي كانت تراه أمريكا على المقلب الآخر من ضمن محور الشر ، وبعد انقضاء ما يُقارب الأربعة عقود من إذلال الشعب الليبي وتجويعه وتركيعه وإخضاعه لنظرياته العقيمة ، وجعله كفئران تجارب ، والتي –ليبيا- تملك ثالث اكبر احتياطي نفطي في أفريقيا ، يؤهلها بأن يكون مواطنيها  كأرفه شعب في العالم لقلّة السكّان وكثرة الخيرات ومساحة الأرض الواسعة التي حولها القذّافي وأُسرته إلى أقفار وخراب وسخرية العالم من هلوساته ، الذي عاد اليوم ليكون رأسمالياً امبريالياً بالدمغة الأمريكية روحاً وقلباً ، إلى أن يُزيل يافطاته الاشتراكية بالرأسمالية ، والعُظمى بالقزمة ، والجماهيرية بالعائلية ، والعربية بالأفروأمريكية ليحلو الجو بينه وبين رايس في خيمته بباب العزيزية التي وصف رؤساءها الأمريكيين من قبل ليبيا ونظامها  بأفدح الألفاظ ، لتأتي رايس الى أحضان القذّافي الحنون المليء بالنفط المُهم ، لتحتضنه وتُبادله التحيّة بأجمل منها ، ولتجعل منه ومن هلوساته نموذجاً يُحتذى به ، ودون أيّ تعليق على صورة افستقبال التي ظهرت اليوم ، لأدع كافة لاستنتاجات للقارئ ، ليدلو كلٌ بدلوه

هذا المثال يُذكرني بشارون الذي امتدحته الإدارة الأمريكية ووصفه الرئيس بوش برجل السلام !!! ومن دون تعليق ؟؟؟

وهذا المثال يُريدون من النظام السوري والإيراني إتباعه ليكونوا من المرضيين عنهم ، بغض النظر عن جرائمهم وموبقاتهم وما دنسوه في الأرض ، فالقذافي إلى ما قبل أشهر كان يُنعت بالشرير والإرهابي على مدار أربع عقود ، وكاد أن يُقدّم إلى المُحاكمة الدولية على تفجيري لوكربي والملهى الليلي ، ولكن بقدرة قادر انقلب إلى نموذجاً للمثالية بحسب وزيرة الخارجية رايس التي قالت عن زيارتها لليبيا القذّافي الدكتاتور "إنه لأمرٌ مهم"و"إنها بداية و(مؤشر) انفتاح، وليست نهاية المطاف" و "أنها متلهفة للاستماع إلى وجهات نظر القائد (الليبي) حول (ما يجري) في العالم". بعدما أسقطت عنه أولوية الملفات الإنسانية والحقوقية، وكذلك النظام السوري المطلوب منه أُوربياً عبر الساركوزي ليس تقديمه للمحكمة الدولية ، ولا إنهاء الملفات الإنسانية والضغط عليه لما كانوا يدعوه من قبل بنشر الحريّات والديمقراطية ، ولا كف يده عن لبنان الجريح وعدم التدخل في شؤونه ، كما أثبت ذلك التصريح السافر من رأس النظام أمام الرباعية بوجود الساركوزي ،والذي –التصريح – جاء بلغة الإستقواء  ، والتحريك لفتنة الاقتتال في الشمال  ، بزعمه طرابلس  مركزاً للتطرف ، بعد أن دعم الأطراف المُثيرة للفتنة بالسلاح والعتاد، وأنه ليس من احد قادر على مواجهته سواه ، لذلك فهو أمر الرئيس اللبناني بتحريك القطّاعات العسكرية في صفاقةٍ لم يرد أحد عليه بها ، وفي تصريح علني يضرُّ بسيادة الدولة اللبنانية ومصالحها، عندما يُعطي الإشارة بأنه لا زال الآمر الناهي في هذا البلد الذي بدأ يستعيد عافيته نوعاً ما ، في مُحاولة لإحباطه من جديد وإحباط قيامته

كما حاولوا إحباط شعبنا السوري من خلال هذه القمّة الرباعية ، التي اُعتبرت بمثابة الانطلاق نحو الخطوة الأُولى للتمهيد لسير النظام على خُطى القذافي ؟ والتي كانت فيها إسرائيل ضيف الشرف الأساسي فيه !! وليس الشعب السوري ومصالحة ، أو الموضوع اللبناني كون الرئيس سليمان في الاجتماع ،  في مُحاولة لكسر الحاجز النفسي عند النظام في المُضي على طريقة القذافي ،تمهيداً  لتقديم  التنازلات على الصعيد الخارجي ، وغض طرفهم عن كُل بلاوي النظام فيما يتعلق بالشأن الداخلي ، في مُحاولة ماكرة لعزل الشعب السوري وإحباطه بعد تصاعد الاحتجاجات في الداخل على استمراره ، والذي في الأساس شعبنا غير مُعتمد في عملية التغيير بشيء على الخارج الذي كان يتمنى عليه فقط رفع الغطاء عنه ،ولكنه أبى إلا احتضانه  ، دون أن يؤثر ذلك على إرادة شعبنا السوري وتصميمه في تغيير هذا النظام المُستبد بالنظام الديمقراطي الحر

وتبقى المُراهنة مُستمرة على مدى لعب النظام على ملفاته الأكثر تعقيداً من ملفات القذّافي ، والذي تُمسك بجوانبه أطراف مُتعددة ، قد تودي بحياته مع أي تحرّك إلى هنا أو هناك ، هذا عدا عن المراهنة الصعبة على الإرادة الشعبية العارمة للتغيير ، والتي نجحت وتنجح باستمرار في كنس الأنظمة الدكتاتورية التي جميعها على نهج واحد ، والتي زال الكثير منها ، مقابل أنظمة التسوية والصفقات الهزيلة الضعيفة أمام أي اهتزاز حقيقي ،وبالتالي لا يُتصور لعاقل بإمكانية استمرار تلك الأنظمة التي انتهت صلاحيتها منذ زمن ، وفاحت رائحتها النتنة ، وفقدت أسباب بقائها ، ولكن السؤال دائماً على التوقيت ، لأدع للقارئ إمكانية تحديد ذلك.