فكّر فيها: توقيت الحكم على خدام
مؤمن محمد نديم كويفاتيه/ سوري في اليمن
لاشك أنّ السيد خدّام كان من صلب النظام لفترة طويلة ، ولكن الصحيح أنّه ليس كُل من يعمل مع النظام سيئاً ، وبالتالي فإنّ الأمر لا يخلو من بعض الشُرفاء ، وفي نفس الوقت كُلنا يعلم مهام خدّام المدنية في الدولة وبُعده عن الأمور الأمنية والعسكرية والإجرامية ، وأنا هُنا لا أُبرئه من شيء وهو لا يرضى على نفسه ذلك ، لذلك فهو وضع نفسه تحت المُحاسبة في القضاء المُستقل والنزيهة إن كان عليه شيء ، وفي هذا عدل ما بعده عدل
وهنا تراودني قصّة أحد الكبار المُشرفين على إدارة إحدى المُدن وبلا ذكر أسماء "منشان ما أوديه وراء النجوم "،حيثُ تحادثتُ معه عن مُعاناة شعبنا وما يُلاقيه من البؤس والحرمان والكبت، فذكر لي أشياء تقوم بها بعض المجالس البلدية في المُدن من استلام المُبادرة لمساعدة الناس بعيداً عن السلطة وروتينها المُقرف ليتدخلوا في حياة النّاس لفك أزمتهم ومُساعدتهم على محنتهم ،ثُمّ ليتساءل أفي ذلك غضاضة مما يفعلون ؟ فأجبته على الفور بأنّ ذلك من أعظم القُربات الى الله ، لأنهم يعملون ضد تيار الإفقار ، ومساعدة الناس تحت أي ظرف
وكذلك هُناك فتوى شرعية لكل الذين يعملون تحت ظُل الحُكّام الظلاّم وهم من الأكارم ، أو للمترددين من هؤلاء في العمل في مؤسساتهم بأن يُقدموا لتخفيف حدّة الفساد والإفساد ومنع ما يستطيعون منعه لتخفيف الأضرار لمصلحة النّاس ، حتّى وصلت الفتوى عند البعض لهذا الغرض إلى الجباية التي تُجبى للحاكم الجائر لمحاولة تقليلها على الناس والتغطية عليهم ، ويدخل في ذلك السجان الذي يُساعد المعتقلين ، وحتّى الجلاّد الذي يقوم بدور تخفيف شدّة الضرب والتنكيل ، والتكتيك لإبعاد شدّة الأذى عن المضروب ، وعلى هذا نبني بأنّه ليس كُل الذين يعملون مع النظام هم من بنيته ومن أنصاره ، ولا شك هناك الشُرفاء في كل المجالات
وبالعودة للحديث عن تسريب إصدار الحكم على خدّام وبهذا التوقيت أقول بأنّه هناك عدّة عوامل علينا التفكير فيها ، وأدع لكل قارئ التفكير فيها
*- السيد خدّام كونه مُقيم في فرنسا ، والرئيس الفرنسي بزيارة لسورية ، ليستغل النظام ذلك للجم أي حديث مع الساركوزي عن الانتهاكات لحقوق الإنسان والمُعتقلين وما تضمنته مُطالبات المُنظمات الدولية والمحلية المُختصة بحقوق الإنسان
*- حالة الاختناق الصعبة التي يعيشها النظام كما عبّر عنها السيد خدام سعياً للخروج من أزمته وعزلته والحصارات الغير مُعلنة عليه ، وعدم الانفتاح الأمريكي والعربي عليه والغربي إلاّ من البعض مما سبب له تأزّماً نفسياً ، انعكس في هذا القرار المُدهش ، إلى الزعزعة الحاصلة بين صفوفه المتقدمة ، إلى حالة الغليان ضد سياساته ، إلى حالة التذمر الدولية من مُمارساته إلى ....
*- كون خدام افتتح قناة سورية الجديدة ، والتي لاقت رواجاً وتجاوباً شعبياً كبيراً على المستوى السوري في الداخل والخارج ، مما استنفر النظام ، وبذل كل الطاقات للتشويش عليها من هنغاريا من قبل جهات مُقربة من النظام السوري ، أو نستطيع أن نقول من قبل أدوات النظام في الغرب وتعطيل البث ’ ومن ثُمّ إيقافها مؤقتاً إلى حين إصلاح الخلل ، وكما هو مُعتاد بقرصنة النظام للمواقع الإلكترونية وتدمير البعض منها
*- والأخطر من ذلك في الأسباب ، أنّ خروج خدّام عن النظام وانشقاقه فتح الشهيّة لرفاق الدرب من الدرجة الأُولى والدرجات الأُخرى للانشقاق حتي وصل الأمر إلى الجيش والأجهزة الأمنية ، ونعرف العديد من هؤلاء الذي حاول وأُحبط ، وبعضهم الذين نُحر قبل أن ينجح من غير ذكر الأسماء ، ونعرف أنّ هناك الكثير ممن ينتظر رغبة في التخلص من هذا النظام المشئوم والمأزوم ، وكذلك خروج خدّام شجّع بعض المُعارضين من الفرار واللجوء إلى الدول الأُخرى ، ليتخذوا منها ملاذاً آمناً وقاعدة للانطلاق نحو تغيير النظام بالطرق السلمية ، بينما البعض من المُعارضين فشل من الفرار بنفسه ، وكُل ذلك جعل حالة من الهسترية والتفلت عند النظام ، وربّما تأتي مُحاولة مُحاكمته في هذا الوقت للأسباب جميعاً مع أسباب أخرى علينا أن نُفكر فيها وفي ترابطاتها ، وبالتالي لا أُريد الخوض فيها ، لأدعها للقارئ ليُفكر فيها وفي كل ما ورد
ولكنني في الختام أود أن أضع رأيي المُستقل في الحكم الصادر على السيد خدّام ، بأنّة يستحق القتل بكل الطرق المُمكنة ترصيصاً أو على أعواد المشانق أو حتّى وضعه في فرّامة كبيرة لسحقه وليس هو فقط بل كل مُنشق عن هذا النظام أو مُعارض بحسب قانون وشريعة الغاب التي تُحكم بها سورية ، والحكم المؤبد بحقه تخفيفاً ليس منّة من النظام بتنازله عن سفك دمه ولكن هو تكتيك لعلّه يحظى به لينتقم منه صبراً ، وأيضاً كي لا يواجه المجتمع الدولي بجأرنة محاكمه اكتفى عليه بالمؤبد وفهمكم كفاية برأيي ، ولا أدري مثل هذه الأحكام على من يجب أن تقع عليه، أو من يُحاكم من ، أو هذا الحكم الصادر بحق خدّام هو في شريعة الغاب أخف وطأة من قانون العهر والعار 49لعام 1981 ، الذي لم تعرف مثله الطبيعة ولا الإنسانية والذي لازال ساري المفعول ويحكم به على الإنسان الذي كرمه الله سبحانه وتعالى بالإعدام لمجرد الانتماء ، بعدما سحق هذا القانون المُجرم عشرات الآلاف من أبناء شعبنا السوري بل وحتّى اللبناني ، والذي به سيق الأحرار إلى المقاصل والتغييب القسري لعقود من الزمن ،من خلال محاكم تفتيش النظام ، ولذلك فإنّ مثل هذا الحكم بالمؤيدات على خدام من الواجب أن يكون مسروراً بحسب شريعة الغاب من باب" شرّ البلية ما يُضحك " ، ليعرف الجميع مدى رحمة هذا النظام ورأفته بمواطنيه وقلبه الكبير، عندما ابتعد عن قصّ الرؤوس وجزّها وقتل الأحرار صبراً إلى المؤبدات التي سيقتلون بها مُعارضيهم صبراً وبأفظع الأساليب حتى أنّه يتمنى صاحبها الموت ألف مرّة ولا يلقاه ، كما قضى الشهيد الكبير عبد الستّار قطّان الذي أمضى ثُلث عمره في الزنازين والمُعتقلات في أسوا الظروف وتحت سياط الجلاّد إلى يوم خروجه من معتقله وقد أُصيب بكل الأمراض المُزمنة والمستعصية التي خلقها الله على الأرض من الفشل بالكلاوي الى أمراض القلب والكبد والتنفس ورخرخة العظام ...،إلى أن سلم الروح إلى بارئها ، ولم يبقى شيء من جسده الطاهر إلا ومات ألف موتة قبل انتقاله الأخير إلى الرفيق الأعلى سبحانه وتعالى، وبالتالي نستطيع أن نُسمي محاكمة خدّام ورفاق الدرب الوطني في إعلان دمشق وجميع أحرار سورية ، وآخرهم مشعل التمّو بمهزلة العصر التي يُشاهد وقائعها العالم الحر والمُتمدن ويا خسارة هذه التسمية فيهم ، لأنهم ليسوا أكثر من شاهدي زور على جرائم العصر.