زيارة رايس للمنطقة والدور الروسي
زيارة رايس للمنطقة والدور الروسي
د. ياسر سعد
وصلت وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس إلى إسرائيل في مستهل زيارة جديدة للمنطقة. وبحسب بيان الخارجية الأمريكية, فان رايس ستناقش "الجهود المتواصلة والهادفة للتوصل إلى سلام ايجابي ودائم في المنطقة، وللسعي الدؤوب لتحقيق الهدف المشترك المتمثل في التوصل إلى اتفاق للسلام خلال سنة 2008."
الزيارة الأمريكية تصب في سياق حملة تسويق الوهم للجانب الفلسطيني والتي تصاعدت منذ مؤتمر انابوليس. وحتى تكتمل صور التسويق والإخراج الإعلامي فقد تزامنت الزيارة مع إطلاق السلطات الإسرائيلية لسراح 198 أسير أغلبيتهم من حركة فتح وممن أوشكت مددهم على الانتهاء. إسرائيل اعتبرت عملية إطلاق الأسرى بادرة حسن نية باتجاه محمود عباس, والذي تلقفها كالغريق الذي يبحث عما يتشبث به بعد الإخفاقات الكبيرة في المفاوضات ووصولها للطريق مسدود دون أن يكون لدى السلطة خيارا أخر. اشرف العجرمي وزير شؤون الأسرى في السلطة قال إن الجانب الفلسطيني طالب بالإفراج عن الأسرى ضمن أولويات معينة, لكن الجانب الإسرائيلي هو الذي تحكم في هذه القائمة مضيفا " نحن لا نملك قرارا فهي خطوة أحادية الجانب", تصريح العجرمي يؤكد عجز السلطة المطلق حتى في بادرات "حسن النية".
زيارة رايس للمنطقة تأتي في الوقت الضائع, فرئيس الوزراء الإسرائيلي اولمرت يوشك على مغادرة المشهد السياسي, ولم يعد لجورج بوش سوى أشهر قليلة على الرحيل, في حين تواجه الإدارة الأمريكية أوقات عصيبة في أفغانستان انعكست على علاقاتها بحلفائها في الحلف الأطلسي, وتحديات كبيرة في منطقة القوقاز والقرن الأفريقي. فما الذي تستطيع رايس أن تقدمه لمسألة السلام, أو بالأحرى ما هو هدف زيارتها الحقيقي؟
من الممكن رؤية النشاط الدبلوماسي لرايس في المنطقة كنوع من تدارك الضرر والذي أصاب السياسة الأمريكية ومصداقيتها في المنطقة. فحلفاء واشنطن في محور الاعتدال أصابهم السخط والإحباط من إدارة بوش وتخبطها وفشلها كما حصل في فلسطين ولبنان, التراجع الأمريكي توافق مع عودة روسيا بقوة للمشهد السياسي العالمي من بوابة القوقاز وحراكها باتجاه الشرق الأوسط والذي تمثل بزيارة الرئيس السوري والملك الأردني لموسكو والإعلان عن زيارة قريبة لرئيس الوزراء الإسرائيلي إليها.
من اليسير رصد مؤشرات أردنية تشير إلى حالة من القلق والاستياء من مواقف وسياسات واشنطن مثل عودة الاتصالات بين حماس والحكومة الأردنية وإرسال الأردن مواد إغاثة إلى اوسيتيا الجنوبية. الملك الأردني عبد الله الثاني أشار خلال زيارته لروسيا إلى أن علاقات الأردن مع موسكو تكتسب أهمية إستراتيجية بالنسبة لمنطقة الشرق الأوسط كلها, معتبرا أن الدولتين تقومان بتنسيق المواقف فيما بينهما في أهم القضايا الدولية.
الحكومة الروسية والتي استقبلت بحفاوة الرئيس السوري والملك الأردني, كشفت عن الموقف الإسرائيلي والمتحيز لجورجيا من دون أن تذهب بعيدا بالتنديد بالموقف الإسرائيلي بل وأعلنت أن أية صفقة مع سوريا لن تخل بالتوازن الإستراتيجي في المنطقة. روسيا أشارت مؤخرا برغبتها باستضافة مؤتمر للسلام في الخريف القادم, فموسكو تريد العودة مجددا وبقوة لمنطقة الشرق الأوسط من بوابة الفشل الأمريكي فيه.