زمن (مصطبـــة بكـــري)!
لمْ يرحل حسنين هيكل (كاهن الناصرية الأكبر) عن الدنيا حتى رأى من صبيته، وغلمانه؛ مَن ينحو نحوه، ويكمل مسيرته السوداء؛ التي ابتداها بالتلصص على أساتذته، والتجسس على زملائه؛ حتى زجَّ بهم في غياهب السجون! ثمَّ واصل مسيرته في سلك العمالة لحساب الأمريكان، وصار الناطق الرسمي باسم (جمهورية الخوف) التي وضع أساسها "عبد الناصر"، ورفع قواعدها "مبارك"؛ واعتلى سقفها دعاة الإشتراكية، وبقايا اليسار، وفلول الناصرية؛ أمثال (مصطبة بكري) الذي تربى على موائد اللئام، وتتلمذ في أروقة الأجهزة الأمنية، وصار حذاءً لصدَّام حسين، ونعلاً للأسد، وبوقاً للقذافي، وديوثاً لآل مبارك، وقوَّاداً لعلي عبد الله صالح، ومقاولاً لحسن نصر الله، وسمساراً في زمن العسكر! ليس هذا فحسب؛ بلْ نصَّب نفسه محامياً، ومدافعاً عن "النظام السوري الدموي"!
آهــــ؛ يا كناسة اليسار، ويا أوغاد الناصرية ...
كِلابٌ والكلابُ أشدُّ طُهراً، والكلابُ أجلُّ قَدْرَا
كِلابُ الأرضِ أرفعُ في مقامٍ، وأطهرُ منهمو فعلاً وشأناً !
* * *
في قصيدته "الكتابة بالحبر السري" يتهكم (نزار قباني) ويسخر من هؤلاء السفلة الكذبة، كُتّاب السلطة، وصنَّاع الطغاة، وعبيد الفراعنة، ومنافقي الحُكّام، وحملة البخور، الذين يصنعون "الديكتاتور" ثمَّ يسجدون له! فيقول:
هُمْ يكتبون .. كأنهم لا يكتبونْ .. البائعون ثقافة مغشوشةً .. والكاتبون قصائداً سريةً
ماذا يريد الأدعياء الكاذبون؟ الثائرون على دفاترهم، وهم عند النظام موظفون!
ماذا يريد الهاربون من الشهامة والرجولة .. ماذا يريد الهاربون؟
ماذا يريد اللاعبون على اللغاتِ .. الشاطرون الماكرون؟
الشاهدون على جريمة شنقِنا .. ماذا تراهم يشهدونْ؟
* * *
لا تعجب عندما تسمع "مصطبة بكري" قبل بدء "المهزلة الانتخابات التشريعية الأخيرة" التي جرتْ بين "سفهاء الإعلام" وبين "تلامذة لا ظوغلي"؛ قال لا فضَّ فوه: "منع أعضاء الحزب الوطني من الترشح للرئاسة 'غير دستوري''!
لا تعجب –أيضاً- عندما تعلم أنَّه كان أول وغدٍ أُعلِن فوزه في تلك المهزلة الانتخابابية"! وفي أول تصريحاته قال –بجرأةٍ يُحسد عليها-: "إنني لم أدخل البرلمان من أجل الصدام مع الحكومة"!
صدقتَ يا ابن بائعة الفجل؛ إنما دخلتَ البرلمان من أجل الصدام مع مصالح الوطن وثوابته!!
يقول هذا الوغد –أيضاً- "قانون العزل لن يطبق على الانتخابات الرئاسية المقبلة و كل من تقدموا للرئاسة أصبحوا محصنين"!
بلْ إنه يقول بعد سقوط الطائرة الروسية بسيناء: "إن مؤامرة الغرب ضد مصر لن تتوقف"!
ما الذي بقي في مصر –أيها الدَّعيّ- حتى يتىآمر الغرب عليها؟!
لمْ يبقَ فيها سوى أطلالٍ آيلة، وخيامٍ متهالكة، ومقابر سرية، وسحبٍ داكنة، وحسراتٍ مكتومة، وشوارع مغسولة بالدماء، وحواري مفروشة بالجماجم!
فأرض الكنانة عندي عن مصائبها ما لا يُقالُ، فماذا يكتبُ القلمُ؟
مدائنٌ أصبحتْ للناس مقبرةً، ونيلها مِما يُراقُ دمُ!
وأيُّ حاكم لؤمٍ بات يحكمها، وقدْ تساوى لديهِ الدِينُ والنغمُ!
* * *
اسمعوا إلى –حذاء صدَّام حسين- إذْ يقول: "إن مصر لن تبني ولن تعود؛ حتى يتم إعلان حالة الطوارئ"!
أجل! إنه لا يعرف الحياة الكريمة –كبقية كتائب اليسار- إلاَّ تحت "البيادة"، وفي ظل القمع والإستبداد!
نعم! إنه لا يعرف العيش إلاَّ في ظل الحاكم الأوحد، والصوت الأوحد، والحزب الأوحد .. الذي كرَّس له "هيكل" الكاتب الأوحد –في الستينيات!
آهــــــ يا أحباب موسكو ... لوْ أنَّ لي بكم قوةً، أوْ آوي إلى ركنٍ شديد!
كيف تتحدثون عن الشرف والكرامة والوطنية وأنتم عملاء؟!
فو الله! ما جرّأ الصهاينة َإلاَّ وجود أصنامكم وأشباهكم في سدَّة الحكم!
لمْ نشاهد –يوماً- فيالق الناصرية، ولا كتائب العلمانية، ولا جيوش اليسار تتحرك نحو القدس السليبة، والمسجد الأقصى اليسير ... إنما تحركتْ لسحق شرفاء الوطن ومقدساته!
تحركتْ لمراقبة الساجدين الراكعين في المساجد!
تحركتْ لسرقة الحلوى من فم الأطفال!
تحركتْ لاستلاب البسمة من وجوه اليتامى والثكالى!
إنَّا عذرناكم لأنّ جيوشكم مشغولة بمحاصرة المدارس، والمستشفيات!
إنَّا عذرناكم لأن جيوشكم مشغولة بالتنصُّت على الحوامل، والقواعد من النساء!
إنَّا عذرناكم -يا أولاد الأفاعي- لأن كؤوسكم ستظلُّ دونكمُ بغير مُدام!!
* * *
لم نسمع تعليقاً واحداً -من المصطبة، ولا من غيره من عصابة الناصريين –ولوْ من وراء الضمائر- عمَّا قاله الجنرال/ آفي بنياهو المتحدث السابق باسم الجيش الإسرائيلي- والمنشور بصحيفة «معاريف» في 28 أيلول الماضي- عندما قال: (لابدَّ من مواجهة الخطر الذي تمثله حركة المقاطعة الدولية لإسرائيل، وإجهاض تلك الحركة وإفشال مساعيها عن طريق التحالف الاستراتيجي بين إسرائيل والوضع القائم في مصر واستخدام نفوذها في تحقيق ذلك الهدف، عن طريق الرئيس السيسي الذي هو «هدية الشعب المصري»)!
إننا لمْ نسمع –المصطبة- يطالب بإغلاق السفارة الإسرائيلية بمصر! ولم نسمعه يدعو إلى مقاطعة إسرائيل! ولمْ نسمعه يطالب بإدانة جرائم الصهاينة في فلسطين!
يا مقلةَ اسرائيلَ نامي ... فابنُ بكري لا ينامُ !
حاخامُكِ العربيُّ في مصر حارسُكِ الهُمامُ !
ارحل بعيداً –أيها الدَّعيّ- والْعقْ نعال العم سام، واهنأْ بجاه العم سام، إلجأ له والْثم يديه، في الصباح وفي العشىّ، واسترضهِ وامنحه ما يبغى ولا تبخل عليه، واجعله في الدنيا وليّاً، بئس هذا من ولىّ!! واطلب حماه ولذ به، وارضَ الدنية والمهانة، والعمالة يا دنىّ!!
* * *
الأعجب من ذلك كله؛ أن الأستاذ/ مصطبة- المسئول مع شقيقه عن (قناة المنار) الناطقة باسم حزب الله اللبناني- طلب من السعودية أنْ ينشئوا له قناة يحارب بها المدّ الشيعي –كما جاء في )وثائقWikiLeaks) مؤخراً.
أليست هذه الواقعة؛ كافية لكشف حقيقة هذا الوجه الناصري القبيح؟
أليست هذه الواقعة وحدها؛ كافية للتدليل على انتهازية اليسار؟
إنه اشتراكي مع الاشتراكيين، ورأسمالي مع الرأسماليين، وثوري مع الثوريين، وعسكري مع العسكريين، وشيعي مع الإيرانيين، ووهابي مع السعوديين!
فسل النصارى واليهود؛ أمِثله عرفَ اللئامُ؟
لا تقربنّ الناصريّ - فما لخنزيرٍ وِئامُ!
إبليسُ كان له البدايةُ، وابنُ "هيكل" كان له الخِتامُ
نارٌ على عَلَم اللئام، بهِ تفاخرتِ اللئامُ !
تماماً؛ كما كان (هيكــــل) كاتباً لعبد الناصرـ ومستشاراً للأمن القومي المصري؛ في ذات الوقت كان عميلاً لأمريكا بامتياز –كما قال Miles Copeland -صاحب كتاب لعبة الأمم!
انظر إلى حجم اللؤم والسفالة والخيانة؛ التي تربى عليها هؤلاء الأدعياء!
* * *
أخـــــــيراً؛ لا صوت يعلو صوت نائحة الوطن!
لكن؛ أقول لمصطبة بكري: يا وسخَ الدنيا برمّتها- مهلاً؛ فللأيام ِدورتها، وسوف يُنْتَعلُ الطاغوتُ والصنَمُ!
ولا أريد الإطالة؛ فهذا المقال؛ جزاء سفالة ونفاق اليساريين ... ويوم الفصل موعدهمم، إنّي أراه بظهر الغيب يقتربُ!!
وسوم: العدد 644