الجزائر للجميع فلا تحتكروها
منذ سنوات أقرأ مقالا لروائية جزائرية بلبنان، تستنكر على جزائري أبدع في فن آخر يحسنه ويتقنه، كيف أن المشارقة يعرفونه ويحبونه من خلال صوته ولا يعرفونها كأديبة ، باعتبارها كانت نائشة يومها، تبحث عمن ينشر لها روايتها.
يتعمّد صاحب الأسطر أن لا يذكر إسم الروائية ولا إسم صاحب الصوت، لأن الغرض هو حب الجزائر وكيفية حبها وليس الأسماء، التي تذهب وتجيء.
مساحة الجزائر كبيرة تعادل 05 مرات مساحة الجزائر، وتاريخها عميق طويل ولا يمكن لأحد بمفرده أن يؤدي حقها، ولو كان وحيد زمانه.
والتاريخ يحدثنا أن المبدعين كثر، وميادين الإبداع عديدة، وكلهم تحتاجهم الجزائر دون استثناء. وكل من أدخل الفرح على الجزائر والجزائريين، فهو إبنها وأحق بالاحترام والتقدير.
وبما أن المجتمع يقوم على أسس متعددة لا يمكنه الاستغناء عن واحدة منها، ولكل ركن رجاله أبدع فيما بين يديه، كـ..
الفقيه، والسياسي، والعسكري، والرياضي، والفنان، والسينمائي، والمسرحي، والفلاح، وعامل النظافة، والمهندس، والجامعي، والموظف بمختلف وظائفه ورتبه، والبطال الذي أجبر على البطالة، والعازب، والمطلقة، والصغير والكبير، والمرأة والرجل، وغيرهم.
فإنه لا يمكن تفضيل أحد على آخر، ولا الاستغناء عن أحد أو تهميشه، لأن المجتمع بحاجة لجميع أبنائه دون تمييز، لأنه لولا هذا ما كان ذاك.
مادام الأمر يقتضي عدم التفضيل بين أبناء الجزائر الذين خدموها في الحاضر والماضي بما يحسنون ويتقون، فلا داعي لاحتكار الفضل وادعاءه، فإن ذلك يبخس الرجال حقهم، ويثبط العزائم، وينسف المجهود، ويئد القدوة.
بينما المطلوب أن تعطي الجزائر حقّ كل جزائري أفنى عمره في سبيلها وإدخال الفرحة عليها، وتحفظ ذكره، وتصون إسمه، وتنشر أعماله، تكريما له ولما أنجز من أفعال وأقوال حسنة فاعلة.
وبما أن الجزائر ملك لكل من يخدمها ويرعاها دون استثناء، فيمكن القول أن فضل خدمة الجزائر يعود إلى..
الجندي الذي حرم نفسه النوم لأجلها، وحنجرة مامي، وفتاوى الإمام الفقيه أحمد حماني، وسرعة العداء مرسلي، وأدب محمد ديب، وألحان درياسة، وتاريخ وأشعار الموسوعي أبو القاسم سعد الله، والعقب الذهبي للاعب لخضر بلومي، وطهر وصفاء سيدي بومدين، وقبضة الملاكم الرشيق موسى، واستقالة الرئيس زروال، ومقالات المبدع عمار يزلي وحبيب راشدين، وحكمة الضابط أحمد درقاوي، وفن المبدع المميّز عثمان عريوات.
هؤلاء عيّنة صغيرة جدا، يعبّرون عن بعض من المجتمع الجزائري، يستحقون كل التشجيع والاحترام ودون تمييز، لأن كل منهم خدم أرضه ومجتمعه، وأدخل الفرح على الجزائر.
ليس المطلوب أن توضع قائمة الذين خدموا الجزائر، لتحتكر من طرف من يعتقد أنه خدم الجزائر لوحده دون غيره، بل المطلوب أن يسعى كل جزائري إلى أن يتميّز بما يملك، ويتفوق فيما بين يديه، ويخدم به إخوانه وأمته، في إدخال السرور والجديد النافع.
وسوم: العدد 647