البنك الدولي يملأ جيوب الشركات عبر تعطيش البشر وتدمير صحتهم
البنك الدولي يملأ جيوب الشركات عبر تعطيش البشر وتدمير صحتهم؛ رفع أسعار مياه الشرب من أهم شروط قروض البنك الدولي؛ الكوليرا عادت إلى أفريقيا وأمريكا اللاتينية بسبب خصخصة المياه من قبل الصندوق والبنك الدولي (102)
ملاحظة
هذه الحلقات مترجمة ومُعدّة عن مقالات ودراسات وكتب لمجموعة من الكتاب والمحللين الأمريكيين والبريطانيين.
(يعترف مسؤولو الصحة العامة بأن مخاطر صحية خطيرة تحصل بسبب نقص فرص الحصول على المياه النظيفة، بما في ذلك انتقال الأمراض المنقولة عن طريق المياه مثل دودة غينيا والكوليرا وأمراض الإسهال الأخرى. وتقدر منظمة الصحة العالمية أن أكثر من 2 مليون حالة وفاة سنويا بسبب أمراض الإسهال بسبب عدم الحصول على خدمات المياه والصرف الصحي الملائمة. إن الوضع سيزداد سوءا مع سياسات استرداد التكلفة الكاملة التي فرضت على حكومة غانا كجزء من شروط قرض البنك الدولي.
في جنوب أفريقيا، رسوم المياه العالية التي فرضها البنك الدولي في عام 1999 أجبرت بعض الفقراء في كوازولو ناتال إلى الاعتماد على إمدادات النهر الملوثة للحصول على المياه. مسؤولو الصحة العامة أرجعوا تفشي وباء الكوليرا عام 2001، والذي أسفر عن موت العشرات، إلى سياسة تسعير المياه. في أمريكا اللاتينية، عادت الكوليرا إلى القارة بعد غيابها لمدة قرن تقريبا).
(في أندونيسيا ، اتهمت شركتا سويس وثامس ووتر بالعبث بأسعار الماء. وفي جنوب أفريقيا ، اتهم المحتجون شركة سويس بالحصول على أرباح هائلة من الرفع المفرط لأسعار المياه ، وأنها تترك البلدية غير قادرة على دفع ما يكفي العمال للعيش فقط. كما اتهمت شركة ساور Saur (هي فرع من بويج) بالقيام بأكبر 12 عملية رشوة هي محط تحرّيات وتحقيقات مختلفة حول الفساد ورشوة سياسيين في مشروع المياه الذي يموله البنك الدولي في مرتفعات ليسوتو).
(بالنسبة للدول التي تتلقى قروض صندوق النقد الدولي، قد يتم اتخاذ قرارات حاسمة حول خصخصة المياه واسترداد التكاليف من قبل مسؤولي الصندوق المتفاوضين مع قادة الحكومة الرئيسيين وراء أبواب مغلقة ودون علم أو موافقة من المواطنين. لا صندوق النقد الدولي ولا البنك الدولي ولا الحكومات المقترضة مُلزمة بالكشف عن المعلومات في أثناء مفاوضات القرض. بمجرد التوقيع على اتفاقية القرض التي يوافق عليها المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي، يتم طرح بعض شروط القرض على الجمهور في "خطاب أو رسالة نوايا" تُنشر على موقع صندوق النقد الدولي. في الوقت الحاضر، نادرا ما يتم الإفصاح علنا عن الشروط التي تُرهن بقروض التكيف الهيكلي للبنك الدولي).
المحتوى
____
(تمهــــــــــــيد : كل ساعة، حسب الأمم المتحدة، يموت 240 طفل من المياه غير المأمونة البنك الدولي يملأ جيوب الشركات عبر تعطيش البشر وتدمير صحتهم - غانا : المواطن يحصل على دولار واحد يوميا ويدفع نصف دولار لماء الشرب ! - وهذا فساد البنك الدولي في خصخصة مياه دولة تنزانيا - تكاليف خصخصة المياه التي يقودها صندوق النقد والبنك الدولي يدفعها الفقراء وبصورة مسبقة! - أرباح شركات المياه الغربية في غانا أكبر من الناتج المحلي للدولة - الكوليرا عادت إلى أفريقيا وأمريكا اللاتينية بسبب خصخصة المياه من قبل الصندوق والبنك الدولي - رفع أسعار مياه الشرب من أهم شروط قروض البنك الدولي - لماذا تكون اتفاقيات البنك الدولي سرّية ؟ ولماذا تكون شروط رفع اسعار المياه سرّية ؟ - الشعوب تكافح ضد سياسة الصندوق والبنك في خصخصة مياه الشرب - رشاوى البنك الدولي في كل مكان لتحقيق أهدافه في مساعدة الشعوب الفقيرة - المعايير المزدوجة: البنك الدولي يسمح للولايات المتحدة بدعم أسعار مياه الشرب ويحرم ذلك على الدول الفقيرة !! – مصادر هذه الحلقات)
تمهــــــــــــيد :
كل ساعة، حسب الأمم المتحدة، يموت 240 طفل من المياه غير المأمونة
البنك الدولي يملأ جيوب الشركات عبر تعطيش البشر وتدمير صحتهم
_________________________________________
يريد البنك الدولي خصخصة المياه ، على الرغم من مخاطر هذا الإجراء. جهود البنك تهدف إلى إشعال تسعيرة لأكثر الموارد الطبيعية أهمية في الحياة وهو : الماء.
يمكن للإنسان أن يعيش لأسابيع دون طعام، ولكن لا يستطيع العيش سوى أيام فقط بدون ماء - وفي بعض الظروف، لساعات فقط. وقد يبدو من مكرور القول ، ولكن بدون مغالاة : إن الماء هو الحياة. فماذا سيحدث عندما تتحكم الشركات الخاصة بحنفية المياه ؟ الأدلة من مشاريع خصخصة المياه في جميع أنحاء العالم ترسم صورة واضحة جدا - الصحة العامة للناس في خطر.
في كل المؤتمرات الدولية يكون موضوع الماء على رأس قائمة موضوعات جدول الأعمال. فمن الصعب التفكير في موضوع أكثر أهمية. نحن نواجه أزمة مياه عالمية، والتي تزداد سوءا بسبب درجات الحرارة المرتفعة الناجمة عن تغيّر المناخ. ربع سكان العالم لا يحصلون على ما يكفي من المياه النظيفة الصالحة للشرب، والمزيد من الناس يموتون كل عام بسبب أمراض تنقلها المياه - مثل الكوليرا وحمى التيفوئيد – أكثر من جميع أشكال العنف، بما في ذلك الحرب. وكل ساعة، كما تقدر ذلك الأمم المتحدة، يموت 240 طفل من المياه غير المأمونة.
تضغط مجموعة البنك الدولي وتدفع نحو الخصخصة كحل رئيسي لأزمة المياه. وهي أكبر ممول لإدارة المياه في العالم النامي، من خلال القروض والتمويل الذي يُقدّم من خلال مؤسسة التمويل الدولية التابعة للبنك. منذ الثمانينات، كانت مؤسسة التمويل الدولية تروّج لمشاريع المياه هذه كجزء من مجموعة أوسع من سياسات الخصخصة، مع القروض والتمويل المرتبط بسنّ تدابير التقشف التي تهدف إلى تقليص دور الدولة، من قطاع الاتصالات إلى مرافق المياه.
وبدلا من توفير المياه النظيفة بأسعار معقولة ، يقوم صندوق النقد والبنك الدولي باستخدام سلطاتهما لملء جيوب شركات المياه، من خلال التلاعب التجاري الاستغلالي بسلعة الحياة الأولى : المياه .
غانا : المواطن يحصل على دولار واحد يوميا ويدفع نصف دولار لماء الشرب !
________________________________________
في يوليو تموز من عام 2001، وافق البنك الدولي على قرض التعديل الهيكلي الجديد لدولة غانا بمقدار 110 ملايين دولار. قبل صرف القرض، اجبر البنك حكومة غانا على تنفيذ سبعة من "الإجراءات المسبقة"، بما في ذلك اشتراط "زيادة أسعار الكهرباء والماء بنسبة 96 في المئة و 95 في المئة، على التوالي، لتغطية تكاليف التشغيل".
الجهود المبذولة لتحقيق "استرداد التكاليف بالكامل" من المستهلك هي شرط أساسي للخصخصة التي يفرضها الصندوق والبنك. شركات خاصة تريد أن تشغّل مشروعات المياه بحيث يتحمل المستهلكون نفقات تشغيل الأنظمة ويدفعون ما يكفي لتحقيق أرباح الشركة، أيضا.
بضغوط من قبل البنك الدولي تخطط حكومة غانا لتأجير شركة غانا للمياه لاثنين من شركات المياه متعددة الجنسيات لتقديم خدمة المياه في المناطق الحضرية. وجعل البنك الدولي خصخصة المياه واحدا من العديد من الشروط التي تحدّد مدى وصول غانا إلى مستوى يؤهلها للحصول على حزمة القروض في إستراتيجية المساعدة للبنك الدولي.
يقول الباحثون الاقتصاديون أن معظم الناس في أكرا عاصمة غانا لا يكسبون الحد الأدنى للأجور ، ويحصلون على أقل من دولار واحد يومياً، في حين أن عددا كبيرا ليس لديهم عمل منتظم. كان متوسط سعر دلو من الماء، هو 400 سيدي (عملة غانا الوطنية) ، تم رفعه إلى 800 سيدي (الدولار الأمريكي الواحد يساوي 7000 سيدي) ليتوافق مع "العمل المسبق" الذي طُلب من قبل البنك الدولي للوصول إلى قرض التكيف الهيكلي الذي وافق عليه. ومن المتوقع أن تزيد تعرفة المياه إلى أبعد من ذلك وفق خصخصة المياه المقترحة.
ورغم ذلك تُعتبر معدلات التعرفة الحالية للمياه من قبل حكومة غانا والبنك الدولي "أقل من سعر السوق" !! في حين أنها أكبر من إمكانات السكان في غانا.
وهذا فساد البنك الدولي في خصخصة مياه دولة تنزانيا
_______________________________
في عام 2003، وبتمويل من البنك الدولي وُضعت خطة لخصخصة المياه في دولة تنزانيا، بدعم من الحكومة البريطانية، ومُنح الامتياز لاتحاد شركات يسمى مدينة المياه City Water، مملوك من قبل شركة بيووتر Biwater البريطانية ، التي اشتركت مع شركة الهندسة الألمانية، Gauff ، لتوفير المياه للعاصمة دار السلام والمنطقة المحيطة بها. وكان واحدا من أكثر مخططات خصخصة المياه طموحا في أفريقيا، مع 140 مليون دولار كتمويل من البنك الدولي، وكما كتب "جون فيدال" في صحيفة الغارديان، "كان يُقصد بهذا المشروع أن يكون نموذجا لكيف يمكن تخليص أفقر مجتمعات العالم من الفقر ".
تضمن الاتفاق شروطا على اتحاد الشركات لتثبيت خطوط أنابيب جديدة لتوزيع المياه. أعطت وزارة الدولة البريطانية للتنمية الدولية عقداً مقداره 000،440 جنيه لمركز أبحاث نيوليبرالي بريطاني، هو "آدم سميث الدولي" ، "للقيام بحملة العلاقات العامة للمشروع". تمّ توظيف أشهر مغنية في تنزانيا لأداء أغنية بوب حول فوائد الخصخصة، ذاكرة الكهرباء والهاتف والموانئ والسكك الحديدية، وبطبيعة الحال، المياه. جعل كل من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي مشروع خصخصة المياه شرطا لـ "المساعدات" التي يقدمانها للبلاد. بعد أقل من سنة واحدة من العقد الذي مدته عشر سنوات، وأوقفت شركة المياه الخاصة سيتي ووتر دفع الرسوم الشهرية عن تأجير الأنابيب والبنى التحتية للحكومة التي توفرها شركة المياه العامة، Dawasa، في حين أصرت في الوقت نفسه على أن يتم رفع الرسوم الخاصة بها. ولاحظ تقرير غير منشور للبنك الدولي: "إن الافتراض الأساسي من جانب جميع المعنيين تقريبا، ولا سيما من جانب الجهة المانحة، أنه سيكون من الصعب جدا، إن لم يكن من المستحيل، على المشغّل الخاص [شركة سيتي ووتر] أن تقوم بأسوأ مما قامت به شركة Dawasa المحلية". ولكن هذا هو ما حدث فعلا. فبالرغم من ذلك، أقر البنك الدولي ككل، المشروع تحت تصنيف "مُقنِع للغاية "، وهو محق في ذلك، لأن المشروع حقق ما كان ينوي القيام به : توفير الأرباح للشركات الخاصة على حساب الناس الفقراء.
بحلول عام 2005، ظهر أن الشركة لم تبنِ أي أنابيب جديدة، ولم تصرف الاستثمارات الضئيلة التي وعدت بها، وتراجعت نوعية المياه. ولأنه تم صرف أموال "مساعدة" الحكومة البريطانية على الدعاية للخصخصة، فقد تم إنتاج فيديو يتضمن عبارة: "في الواقع، الصناعات القديمة لدينا كانت جافة مثل المحاصيل ، والخصخصة هي التي جلبت المطر" !.
وهكذا، في عام 2005، قامت حكومة تنزانيا بانهاء العقد المُبرَم مع شركة ووتر سيتي ، وألقت القبض على مدراء الشركة التنفيذيين الثلاثة، وتم ترحيلهم إلى بريطانيا. كما هو متوقع، قامت الشركة البريطانية، شركة 'بيووتر'، برفع دعوى قضائية ضد الحكومة التنزانية عن الإخلال بالعقد، وطالبت بتعويض قدره 20 – 25 مليون دولار. وصدر بيان صحفي من شركة 'بيووتر' قالت فيه : "لقد تُركنا دون أي خيار ... إذا كانت الحكومات حرّة في مصادرة الاستثمارات الأجنبية مع الإفلات من العقاب، فمعنى ذلك أن المستثمرين الأجانب سوف يهربون، وهذا من شأنه، بالطبع، أن يوجه ضربة كبيرة لتحقيق الأهداف الإنمائية لتنزانيا وغيرها من البلدان في أفريقيا".
تكاليف خصخصة المياه التي يقودها صندوق النقد والبنك الدولي يدفعها الفقراء وبصورة مسبقة!
________________________________________
كيف سيستطيع السكان استيعاب ما يسمى" سعر المياه في السوق المفتوحة " في سياق الخصخصة؟
عندما تصبح أسعار الماء غير معقولة ، فمن المحتمل جدا أن تكون هناك زيادة مقابلة في الأمراض الناجمة عن تقلص فرص الحصول على المياه النظيفة".
استرداد التكاليف والخصخصة في القضية الغانية هي ممثل لتوصية سياسية شائعة بشكل متزايد للبنك الدولي، جنبا إلى جنب مع صندوق النقد الدولي، لزيادة رسوم استهلاك للمياه والصرف الصحي، وإرغام الحكومات على خصخصة مرافق المياه.
يقول البنك الدولي أن حكومات البلدان النامية فقيرة جدا ومثقلة جدا لدعم خدمات المياه والصرف الصحي. قروض التكيف الهيكلي من البنك الدولي وقروض المياه والصرف الصحي تشمل بشكل روتيني الشروط التي تتطلب زيادة استرداد التكلفة، واسترداد التكاليف بالكامل من المستهلك أو "التسعيرة الاقتصادية" لخدمات المياه.
هذه المتطلبات تعني أن رسوم المستخدم التي تُدفع من قبل المستهلكين للمياه يجب أن تغطي جميع تكاليف شبكات المياه، والتي تشمل عادة تكاليف التشغيل والصيانة ونفقات الرأسمال، وأحيانا تكاليف خدمة ديون الشركة السابقة لخدمة المرافق.
زيادة رسوم مستهلك المياه يمكن أن تجعل المياه الصالحة للشرب أمرا بالغ الصعوبة بالنسبة للسكان الفقراء والضعفاء. عندما يصبح الماء أكثر كلفة يصبح من الصعب الوصول إليه من قبل النساء والأطفال، الذين يتحملون معظم عبء الأعمال المنزلية اليومية، يجب أن يسيروا مسافات أبعد ويعملوا بجد لجمع المياه - وغالبا ما يلجأون إلى المياه من مصادر وأنهار ملوثة. تضطر الأسر إلى القيام بمفاضلة قاسية ومحيّرة بين الماء والغذاء والتعليم والرعاية الصحية.
يفرض البنك الدولي وصندوق النقد الدولي في كثير من الأحيان شروط استرداد التكاليف من أجل تحسين الجدوى الاقتصادية لمرافق المياه بحيث أنها سوف تكون أكثر ربحا للمستثمرين من القطاع الخاص. في العديد من البلدان، خلص مسؤولو البنك الدولي إلى أن ملكية القطاع العام لمرافق المياه مكلفة جدا وغير فعالة في حين أن بيع مرافق المياه والمؤسسات العامة الأخرى يمكن أن يوفر موارد سريعة لخدمة ديون البلاد النامية.
أرباح شركات المياه الغربية في غانا أكبر من الناتج المحلي للدولة
_____________________________________
أعلن البنك الدولي على موقعه على الشابكة "الإنترنت" : "تتطلب الإدارة الفعالة للموارد المائية أن يتم التعامل مع المياه على أنها سلعة اقتصادية،" وأن "مشاركة القطاع الخاص في مجال المياه ومرافق الصرف الصحي أدت عموما إلى تحقيق مكاسب في الكفاءة، وتحسين الخدمات، والاستثمار الأسرع في توسيع الخدمات".
قروض التكيف الهيكلي وقروض المياه والصرف الصحي تحتوي على الشروط التي تتطلب الخصخصة، بما في ذلك عقود الخدمات وعقود الإدارة أو عقود مع القطاع الخاص حيث "المشغلين الدوليين". ويتركز قطاع المياه بيد الشركات متعددة الجنسيات، بما في ذلك الشركات الكبيرة والشركات الفرنسية فيفندي وسويس وبويج، وانرون والأخيرة مقرها تكساس. ومن بين الخمس شركات الداخلة في المناقصة حاليا لنظام المياه في غانا، اثنتان هما سويس وبويج/ساور، لديها ارقام مبيعات سنوية أكبر بكثير من الناتج المحلي الإجمالي لدولة غانا عام 1999.
الكوليرا عادت إلى أفريقيا وأمريكا اللاتينية بسبب خصخصة المياه من قبل الصندوق والبنك الدولي
__________________________________________
منتقدو خصخصة المياه يرون أنها ذات تأثيرات سلبية هائلة منها :
أولا، ارتفاع أسعار المياه يعني أن الفقراء سوف يستخدمون مياها أقل أو لا يحصلون على المياه النظيفة أبدا. في غانا، على سبيل المثال، ارتفاع أسعار المياه أجبر بالفعل العديد من الفقراء على خفض استخدامهم للمياه بشكل كبير. الناس غالبا ما تذهب إلى الأماكن العامة لجلب الماء مجانا أو مقابل رسوم رمزية، والأطفال يقضون الكثير من الوقت في جلب المياه وحملها إلى والديهم.
جامعة غانا، التي اعتمدت فلسفة "النضال إلى جانب الشعب،" تسمح لأفراد المجتمع لاستخدام المياه في الجامعة. يسافر الناس من جميع أنحاء أكرا إلى الجامعة لجلب الماء.
ويعترف مسؤولو الصحة العامة بأن مخاطر صحية خطيرة تحصل بسبب نقص فرص الحصول على المياه النظيفة، بما في ذلك انتقال الأمراض المنقولة عن طريق المياه مثل دودة غينيا والكوليرا وأمراض الإسهال الأخرى. وتقدر منظمة الصحة العالمية أن أكثر من 2 مليون حالة وفاة سنويا بسبب أمراض الإسهال بسبب عدم الحصول على خدمات المياه والصرف الصحي الملائمة. إن الوضع سيزداد سوءا مع سياسات استرداد التكلفة الكاملة التي فرضت على حكومة غانا كجزء من شروط قرض البنك الدولي.
في جنوب أفريقيا، رسوم المياه العالية التي فرضت في عام 1999 أجبرت بعض الفقراء في كوازولو ناتال إلى الاعتماد على إمدادات النهر الملوثة للحصول على المياه. مسؤولو الصحة العامة أرجعوا تفشي وباء الكوليرا عام 2001، والذي أسفر عن موت العشرات، إلى سياسة تسعير المياه.
في أمريكا اللاتينية، عادت الكوليرا إلى القارة بعد غيابها لمدة قرن تقريبا.
وبالإضافة إلى ذلك، فإن زيادة رسوم الاستهلاك للمياه يصيب أيضا أولئك الذين ليسوا حتى جزءا من نظام أنابيب المياه بصورة رسمية. في العديد من البلدان، يقوم أصحاب الصهاريج الخاصة بشراء المياه من شركة المياه العامة. وسوف تؤثر زيادة أسعار المياه بالجملة عللى الفقراء.
وأخيرا، هناك القليل من الأدلة على التزام شركات المياه المتعددة الجنسيات بتوسيع الخدمات، وخاصة في المجتمعات الفقيرة حيث القدرة على دفع زيادة الرسوم محدودة. بدلا من ذلك، فإن الشركات المتعددة الجنسيات، التي بدأت في الآونة الأخيرة فقط بالتحركات الرئيسية الخاصة في البلدان النامية، قد حصلت بسرعة على سجلات اجتماعية وبيئية سيئة جدا.
في أندونيسيا ، اتهمت شركتا سويس وثامس ووتر بالعبث بأسعار الماء. وفي جنوب أفريقيا ، اتهم المحتجون شركة سويس بالحصول على أرباح هائلة من الرفع المفرط لأسعار المياه ، وأنها تترك البلدية غير قادرة على دفع ما يكفي العمال للعيش فقط. كما اتهمت شركة ساور Saur (هي فرع من بويج) بالقيام بأكبر 12 عملية رشوة هي محط تحرّيات وتحقيقات مختلفة حول الفساد ورشوة سياسيين في مشروع المياه الذي يموله البنك الدولي في مرتفعات ليسوتو.
رفع أسعار مياه الشرب من أهم شروط قروض البنك الدولي
________________________________
على الرغم من انتقادات المنتقدين لخصخصة المياه ولارتفاع كلفتها وزيادة أسعار مياه الشرب فإن البنك الدولي وصندوق النقد الدولي يدفعان بقوة نحو الخصخصة.
ومراجعة لقروض صندوق النقد لـ 40 بلدا تكشف أنه في عام 2000 فقط قدم الصندوق قروضا لـ 12 بلدا تتضمن شروطا يفرضها الصندوق لخصخصة المياه واستعادة الكلفة من المستهلك.
وفيما يتعلق بتقسيم العمل بين البنك الدولي والصندوق الدولي فإن البنك هو الذي يتحمل المسؤولية الاساسية في موضوعات "الهيكلة" مثل خصخصة الشركات التي تملكها الدولة. وفي البلدان التي تتضمن شروط قروض الصندوق لها خصخصة المياه واسترداد الكلفة ، هناك شروط مقابلة لقروض البنك الدولي لهذه البلدان تتضمن مشروعات مياه تشمل تفاصيل هندسية وإدارية ومالية مطلوبة لـ "هيكلة" قطاع المياه. ولكن وثائق التعديل الهيكلي للصندوق تكون متاحة للجمهور بصورة أكبر من وثائق البنك الدولي مما يجعل من اليسير البحث في وثائق الصندوق بالرغم من الدور القيادي للبنك في هذا المجال.
بشكل عام، فإن في البلدان الأفريقية الفقيرة، ومعظم البلدان الصغيرة المثقلة بالديون، تكشف وثائق قروض صندوق النقد الدولي عن شروط خصخصة المياه واسترداد التكاليف. وترد أحكام خصخصة المياه أو استرداد التكاليف على القروض المُقدّمة إلى أنغولا، بنين، غينيا بيساو، هندوراس، نيكاراغوا، النيجر، بنما، رواندا، سان تومي وبرينسيبي، السنغال، تنزانيا واليمن.
لدى صندوق النقد الدولي فئات مختلفة من شروط القروض تقابل درجات الاستفادة من القرض. معايير الأداء هي الشرط الأكثر تأثيرا حيث يحدّد صندوق النقد الدولي صرف دفعات القروض المعروفة باسم (شرائح) يمكن سحبها أو يسمح لها بالاستمرار على أساس التوافق مع معايير الأداء. شروط خصخصة المياه من قبل صندوق النقد الدولي هي معايير هيكلية في المقام الأول. ومعايير الهيكلية تؤثر على "مرتبة أو المستوى" العام الذي يمنحه صندوق النقد الدولي لأداء بلد ما، ولكنها ليست، بحد ذاتها، شروط لصرف القرض.
لماذا تكون اتفاقيات البنك الدولي سرّية ؟ ولماذا تكون شروط رفع اسعار المياه سرّية ؟
________________________________________ وبالنسبة للدول على الطرف المتلقي لقروض صندوق النقد الدولي، قد يتم اتخاذ قرارات حاسمة حول خصخصة المياه واسترداد التكاليف من قبل مسؤولي الصندوق المتفاوضين مع قادة الحكومة الرئيسيين وراء أبواب مغلقة ودون علم أو موافقة من المواطنين. لا صندوق النقد الدولي ولا البنك الدولي ولا الحكومات المقترضة مُلزمة بالكشف عن المعلومات في أثناء مفاوضات القرض. بمجرد التوقيع على اتفاقية القرض التي يوافق عليها المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي، يتم طرح بعض شروط القرض على الجمهور في "خطاب أو رسالة نوايا" تُنشر على موقع صندوق النقد الدولي. في الوقت الحاضر، نادرا ما يتم الإفصاح علنا عن الشروط التي ترهن بقروض التكيف الهيكلي للبنك الدولي.
وقادة الحكومة الحريصين، واليائسين أحيانا، غالبا ما يعتمدون وصفات سياسة صندوق النقد الدولي المُرّة من أجل تأمين الموارد اللازمة لتجنب أزمة مالية فورية.
إن وثائق قروض البنك الدولي تظهر زيادة في متطلبات استرداد تكاليف خدمات المياه التي فُرضت على شكل قروض لتنزانيا وموزمبيق وأوغندا.
الشعوب تكافح ضد سياسة الصندوق والبنك في خصخصة مياه الشرب
_______________________________________
الكفاح من أجل المياه والنضال الديموقراطي ضد خصخصة إمدادات المياه اندلعت بالفعل في عدد من البلدان. في بوليفيا في عام 1999، استجابت الحكومة لسياسات التكيف الهيكلي المفروضة من البنك الدولي عن طريق خصخصة نظام المياه في ثالث أكبر مدنها، كوتشابامبا. منحت الحكومة امتيازا مدته 40 عاما لتشغيل نظام المياه إلى كونسورتيوم تقوده شركة ووتر أنترناشونال ليميتد الدولية الإيطالية ولشركة بكتل الأمريكية. هذه الشركات رفعت أسعار المياه على الفور. على الرغم من أن الحد الأدنى للأجور توقف عند أقل من 65 دولار في الشهر، فإن الكثير من الفقراء استلموا فواتير مياه من 20 دولار أو أكثر. يتطلب تجميع المياه أيضا شراء تصاريح، وهي تهدّد فرص الحصول على المياه من قبل المواطنين الأكثر فقرا. (باقي قصة كارثة خصخصة المياه في بوليفيا سوف تُطرح في حلقة مقبلة مستقلة).
رشاوى البنك الدولي في كل مكان لتحقيق أهدافه في مساعدة الشعوب الفقيرة
________________________________________
وقد شنّ الغانيون أيضا احتجاجات ضد حملة خصخصة المياه في وطنهم من قبل البنك الدولي. اسشتعل غضب شعبي بشأن رشى مزعومة أثّرت على عملية تقديم العطاءات، فأثّر ذلك على الحكومة الغانية التي اضطرت لأن تنكر وجد عقد أولي لشركة انرون / أزوركس Azurix، والبدء في عملية تقديم العطاءات من جديد. ولكن عملية تقديم العطاءات استمرت في جلسات مغلقة بعيدة عن أنظار الرأي العام.
مع الفقر المُدقع وانعدام فرص العمل التي تميز غانا والعديد من البلدان النامية الأخرى، فإنه ليس من المصلحة الوطنية خصخصة المياه. وينبغي اعتبار المياه كخدمة اجتماعية مع تحمل الحكومة المسؤولية الأساسية عن أحكامها. لكن هذه الحقائق الثابتة لا تقنع ذئاب صندوق النقد والبنك الدولي الممثلين للشركات الغربية الاستغلالية التي لا يهمها موت الناس عطشا ومرضاً.
المعايير المزدوجة: البنك الدولي يسمح للولايات المتحدة بدعم أسعار مياه الشرب ويحرم ذلك على الدول الفقيرة !!
___________________________________________
لقد اعترفت الولايات المتحدة والدول الصناعية الأخرى منذ فترة طويلة أن الاستثمارات الحكومية في خدمات المياه والصرف الصحي تعود بفوائد كبيرة على الصحة العامة والعدالة الاجتماعية، والبيئة، والاقتصاد. تقدم الدول الغنية حزما من الدعم الحكومي لخدمات المياه والصرف الصحي. في الولايات المتحدة، قانون المياه النظيفة الاتحادي وقانون المياه النظيفة الآمنة يفرض تقديم الدعم المالي لخدمات المياه والصرف الصحي.
لكن ممثلي الولايات المتحدة والبلدان الغنية الأخرى في مجالس إدارة صندوق النقد الدولي والبنك الدولي وغيره من بنوك التنمية المتعددة الأطراف، غالبا ما تفرض سياسات مناقضة لذلك على البلدان النامية، وتجبرها على قبول تخفيضات في الدعم الحكومي للمياه والصرف الصحي، وزيادة رسوم الاستهلاك للمياه، وخصصخصة شركات القطاع العام لمرافق المياه.
ومن الأمثلة الحديثة على هذه المعايير المزدوجة :
• في نيكاراغوا، صدرت زيادة بنسبة 30 في المئة في رسوم المياه للمستهلكين نتيجة لسياسات صندوق النقد الدولي والبنك الأمريكي للتنمية.
• في غانا، فرضت سياسات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي زيادة بنسبة 95 في المئة في رسوم المياه المستهلكة.
• في تنزانيا، اقترح مشروع مياه البنك الدولي الرفع التدريجي لتعرفة المياه إلى المستوى الذي يقارب التكلفة الحدّية على المدى الطويل.
مصادر حلقات صندوق النقد الدولي
____________________
مصادر حلقات صندوق النقد الدولي سوف تُذكر في الحلقة الأخيرة من هذه السلسلة.
وسوم: العدد 674