حماس وفتح واليسار وأحداث تركيا
راقبت بشكل كبير ردات فعل الشارع الفلسطيني وتحديدا المحزب منه والذي ينتمي لفصائل وأحزاب فلسطينية ما كان يحدث على الساحة التركية بعد الإنقلاب الذي لم يتم .
فمع بداية الأحداث بلغت القلوب الحناجر وكثف أبناء حماس دعواتهم لله أن يحمي الله تركيا ونظامها الحاكم وتناقلوا الأخبار بتعاطف شديد وكانوا ما بين من يريد أن يرفض ما حدث ويقلل من أهميته وأنه سينتهي مراهنا على أردوغان والشعب ، وبين من استسلم للانقلاب وظن أنه واقع لا محالة وبدأ يرسم سناريوهات عديدة كعدم بناء محطة كهرباء غزة ، وتعرض أبناء حماس الذين ذهبوا للدراسة في تركيا للتنكيل ، والأصعب إنهيار هذا النظام القريب منهم والمساند الذي يمكن أن نصفه بالأقوى لهم " أي الإسلاميين ".
كانت حاضرة في ذاكرة أبناء حماس أحداث مصر والإنقلاب الذي أودى بحركتهم الأم جماعة الإخوان المسلمين والمصير الذي وصل له الرئيس المصري مرسي ، وبات البعض منهم يتخيل إلى أين يمكن أن يفر الزعيم العثماني رجب طيب أردوغان ومنهم من تخيل أن ذاهب لقطر .
الوضع كان مختلفا عند حركة فتح فمن خلال متابعتي للمواقع وتحديدا مواقع التواصل الإجتماعي وجدت أن من كان يؤيد محاولة الإنقلاب من أبناء فتح هو نكاية بحركة حماس التي يعتبرها أبناء فتح منحازة لحماس وأن حماس مؤيدة لأردوغان ، فلا موقف عدائي حقيقي من تركيا بقدر ما هي المماحكة السياسية من هذه القاعدة التي وجدت منها من كان ضد الإنقلاب وكان يتحدث بمهنية ومسؤولية وكان يرفض الحدث .
وبعد أن اتضحت الأمور تغير موقف عدد لا بأس به من أبناء حركة فتح لتقف وتبدي إعجابها بنزول الناس للشارع وهزمهم للعسكر ودباباته .
أما اليسار الفلسطيني الذي يعلن العداء التام لأوردغان وتركيا منذ زمن بعيد, فقد باتت الشماتة والفرح لما يحدث بتركيا كبير وواضح بشكل هائل ، فجميع منشوراتهم كانت مع العسكر وكانت متشفية بالإسلاميين الذين خسروا آخر معاقلهم .
فمنهم من قال آن الأوان أن يجني أوردغان ثمن سياسته المعادية للثائر "بشار الأسد" وأن من يعادي سوريا وروسيا وإيران فمصيره الفشل والإنتهاء ، كان التناقض واضحا في منشوراتهم فغريب أن يؤيد شخص يعتبر نفسه تحرري يساري ثائر إنقلاب وفي ذات الوقت يؤيد قاتل كبشار ويصفق لطائرات روسيا التي تقصف أرضا عربية ويعتبره حقا لها ، ويقف مع مشروع إيران "الشيعية" في حربها داخل سوريا .
الأسوأ من كل هذا وذاك موقف بعض مثقفيهم الذين جندوا أقلامهم ومنشوراتهم لبث الأكاذيب كطلب أورغان اللجوء لألمانيا ، وأن روسيا من سيقرر مكان لجوء أوردغان ، الأسوء في هذه الحالة "اللامهنية والكذب" الذي يظهر من خلال هذه المنشورات ، وخرج كل هؤلاء بسوء الوجه وشن نشطاء التواصل الإجتماعي جام غضبهم على هؤلاء أشباه المثقفين الذين لفظهم الربيع العربي ولم يجدوا لهم مكانا إلا محاربة التغير والتحول .
الأجمل في هذا المشهد أن المعارضة وجميع الأحزاب التركية توحدت في وجه الإنقلاب من اسلامي وعلماني وقومي ويساري تركيا فيما اختلف أبناء فلسطين بهذه الألوان حول الأحداث كل حسب توجه الحزبي والأيدولوجي .
خلاصة الأمر وزبدة المقال أظهر أننا كفلسطينيين شئنا أم أبينا نتبع لدول بالتأييد ونميل معها بناء على حسابات حزبية وأن الأحداث الخارجية تؤثر علينا وتعمق إنقسامنا وتشتت جمعنا ، فعلى مصر اختلفنا وعلى ما يحدث في سوريا انقسمنا وتشرذمنا ، وأحدث تركيا زادتنا فرقة وبعدا وعمَقت انقسامنا ، فعشرات النشطاء على مواقع التواصل الإجتماعي بدأت حملات "تطهير" كما وصفوها لصفحاتهم من " الأصدقاء" المؤيدين أو المعارضين لما حدث في تركيا فأحدهم قد كتب على صفحته " لا يشرفني أن يكون من ضمن قائمة الأصدقاء من يؤيد الإنقلاب" "جاري الحذف والحظر" حملة تطهير أقوم بها على حسابي لكنس كل مؤيد لما حدث " وغيرها من المنشورات التي تزيد من تفتت النسيج الإجتماعي وشرذمة الشعب المشرذم أصلا .
وسوم: العدد 676