ليلة استشهاد النقيب البطل ابراهيم اليوسف

من دفتر الذاكرة :

اعزائي القرّاء 

اذكر انه كان يوما صيفيّا وكعادتي بعد كل غروب يبتدئ برنامجي المسائي مع اخي المهندس غسان لنتابع عملنا من مكتبنا في منطقة المنشيه فقد قسمنا عملنا بحيث يكون الصباحي في الورشات ومساءاً في المكتب لمتابعة الاعمال الفنية والمالية حيث برنامج كل المهندسين  ، ( هذا المكتب اليوم حوله الشبيحة الى ملتقى العاهرين والعاهرات بعد استيلائهم عليه) 

اذكر انها كانت أمسيه روتينية  فقد كنت اصطحب معي ولدي لوءي ليتسلى في المكتب ببعض الألعاب التي تركتها له وتستريح والدته من (نقه ونغورته) كان عمره يومها  ست سنوات. 

تلك الليلة اتصل بي على الهاتف صديقنا أنطوان صباغ وكيل شركة شابه الفرنسية للتدفئة حيث كان في فندق رمسيس بشارع بارون في حلب لملاحقة بعض أعماله .

سلم على الرجل وسألني عن احتياجاتنا وإذا كان هناك اي خدمة يمكن ان يوءديها لنا.ثم دعاني على فنجان قهوة معه في الفندق. شكرته ووعدته خلال ساعه سأكون عنده.

المسافة بين المكتب والفندق حوالي عشر دقائق مشيا على الأقدام اصطحبت لوءي وتوجهت للفندق وكانت الساعه حوالي الثامنه مساءاً .

وما ان خطيت أولى خطواتي بهو الفندق الا وأصوات الرصاص قد طغت على كل شيء . 

صحيح ان الوضع كان متوترا في حلب ولكن لم تمر علي مثل هذه اللحظات إطلاقا 

غزارة الرصاص حالت دون سماع حديثي مع السيد أنطوان فعلا الى هذه الدرجة.

الناس في شارع بارون بدأت بالتراكض زمامير السيارات تملا الشارع ضجيجا وهي تتزاحم لتجد كل منها منفذاً

امر غريب اذن حصل ولكن لا احد يعرف ماهو.

نسال بعض المارة المسرعين لا احد يعرف .

لوءي بدأ بالبكاء وهو يرتجف . 

قال لي صديقي أنطوان : تعال الى غرفتي فهي امنه  اكثر من البهو وأقل ضجيجا ، وعلى الأقل نسمع بعض الأخبار من التلفزيون .

دخلنا الغرفة وبدأنا نتابع حتى بدأت الاخبار تتسرب لقد اشتبكوا مع النقيب ابراهيم اليوسف  في منطقه شعبية حيث استأجر بها حوش صغيره على أساس انه عتال يعمل في باب جنين بعد ان غير من شكله ولبس ما يلائم  صنعته . بينما كان تواصله مع رفاقه الثوار لاينقطع.

الا ان بعض العيون  أخبرت عنه فتم التأكد منه والاشتباك معه وقاتل بكل بطوله لم يعرف مثيلا لها سكان الحارة  من قبل كما صرحوا لاحقا واستشهد البطل.

وعند هذه اللحظة صدرت الأوامر بإرهاب المدينة فكان ماكان مما ذكرته مقدماً.

حملوا جثمانه الطاهر والممزق بأكثر من أربعين طلقة الى مدرسة المدفعية  ليمددوه على الارض ويلقوا كلماتهم القذرة  في حق الرمز الشهيد والذي ارهبهم وهو حي بتنفيذه لاحدى بطولاته هناك كاشفا عن وجود ١٣٠ منتسب علوي لهذه المدرسة مقابل  ١٥ من مكونات اخرى مسلم ومسيحي ..

هذا هو الشهيد ابراهيم اليوسف الضابط المناوب في مدرسة المدفعية  كان رجلا بأمه ايقظ الضمير النائم وحرك مشاعر الكرامه  وَقّاد وهو شهيد مواكب العزة والكرامه .

فالفاتحة على روحه الطاهرة وروح رفاق الامس واليوم 

وسلام عليك  يا بطل يوم ولدت ويوم نفذت بطولاتك ويوم استشهدت .

وسوم: العدد 680