البيشمركة ترد على المالكي
خرج المالكي من وكره مرة اخرى، لكن هذه المرة لم يقتصر على ارتداء لباس السياسة التبعية فقط، انما اضاف اليه لباس الفتنة التي تعودناه من امثاله، فكان لابد من البيشمركة ان ترد عليه وعلى امثاله ممن يمكنهم بيع انفسهم واعراضهم من اجل اعاقة المشروع الكوردي الساعي الى التحرير من رجس هولاء ورجس كل حاقد على الوجود الكوردي.
بعد زيارة المالكي قبل اكثر من اسبوع للسليمانية ولقائه ببعض القادة الكورد، عاد الى وكره ولم يصرح بشيء سوى ان الزيارة كانت ناجحة، ولكن فجأة خرج الى الصحافة والاعلام ليدلي بتصريح يعكس وجهة نظره الداعمة للفتنة، والداعمة لاعاقة المشروع الكوردي والذي حاول حين كان متسيداً على العراق ان يضع العراقيل امامه سواء من خلال قطع الميزانية او من خلال ترك الارهاب يسيطر على اغلب المناطق المتاخمة لحدود كوردستان وبالتالي جعل الكورد في مواجهة مباشرة مع الارهاب الداعشي، ولم يكن مهما للمالكي بان تذهب اراضي دولته التابعة للعمامات وتسقط مدنها بيد داعش المهم عنده كان ولم يزل اضعاف الكورد وفعل كل شيء ممكن من اجل اسقاط المشروع الكوردي.
انتهج مبدأ الغاية تبرر الوسيلة ونجح الى حد كبير في احداث شرخ واسع بين الاوساط العراقية السنية والشيعية، وتحول بعدها الى الكورد حيث كان ولم يزل يحمل في اعماقه الكثير من الحقد للكورد ليس لشيء فقط لانهم اكثر منه وعياً واكثر منه جدية في تحقيق اهدافهم، لان امثاله لاهدف له، انما اهدافه هي التي تتلى عليه ويتم تلقين امثاله بها من قبل الاجندات الخارجية وبالذات اجندة اصحاب العمامات الذين برهنوا للعالم بانهم اكثر السلطات والحكومات دكتاتورية وذلك بسبب فضائح الاعدامات التي يمارسونها تجاه الشباب الكوردي.
المالكي الان يخرج من وكره المحصن بالعمامات والحشد ويقول بأن بعض القيادات الكوردية واحزابهم يرفضون مشروع الاستقلال، وجاء هذا التصريح بعد ان تم تهميش زيارته اعلاميا التي لم تأخذ حيزاً الا وقتها، اي ان تلك الزيارة اصبحت في عداد الموتى بعد مضي ما يقارب " 48 " ساعة ، واعتقد بان سادته او من قاموا بتوجيهه لم يرضوا بهذه النتيجة انما توقعوا احداث الفتنة بين الاوساط الكوردية وزيادة الشرخ السياسي الموجود، ولكن خاب ظنهم، لاسيما بعد ان رفض اهالي حلبجة المناضلين استقبال المالكي في محافظتهم، وهذا ما جعل الاسياد والمالكي في حيرة من امرهم، لانه بظنهم ان حلبجة التابعة لتلك القيادات الكوردية ستكون راضخة لهم، وهذا بالتالي ما جعل الثعلب يخرج من وكره امس ويصرح بان قادة الكورد في السليمانية ليسوا مع الاستقلال، فكان الرد حازماً من قبل قوات البيشمركة اليوم حيث بدأوا بسلسلة علميات لتحرير " 11 " قرية في محور خاز وكوير، وبالتالي لن يصبح المالكي وتصريحاته اليوم ايضا مادة اعلامية يمكنه من خلالها ان يحقق بعض المكاسب والنقاط عند اسياده، او يثير ولو جزء قليل من الفتنة داخل الاوساط الكوردية، لان العمل السياسي مستمر، والعمل العسكري للبيشمركة مستمر، والنقاشات الديمقراطية مستمرة.
ان الرضوخ لامر الواقع لابد ان يفرض وجوده في النهاية، فدعوات المالكي لانتخابات مبكرة هدفها الاساس ليس وجود ازمة اقتصادية وسياسية انما هو ازاحة الكورد عن الساحة السياسية وذلك باحداث التفرقة بينهم، وحين يتم له ذلك سيكون من السهل القضاء على المشروع السياسي الكوردي المستقبلي، وهذا ما يسعى هو واسياده لتحقيقه، خاصة بعد بدأت اللعبة السياسية الدولية تتسع لنجد الروس مع الترك مع ايران على طاولة واحدة، ولكن الواقع كما سبق وان قلنا سيفرض نفسه من جديد، المشروع الكوردي باق، والحلم الكوردي مستمر، والمالكي واسياده سيدركون عاجلاً ام اجلاً بان لاشيء يثني عزيمة الكوردي الذي كافح وناضل طوال القرون الماضية كي يحقق مبتغاه، وسيكتب التاريح ان كل من وقف عقبة او جحر عثرة في طريق المشروع الكوردي ليس الا خائن باع نفسه لحقده او لطائفيته او لصراعاته الشخصية او هو في الاصل جاحد لاانساني، وهذا بالتالي ما سيحتم على الجميع الرضوخ لمنطق العقل.
اقامة الدول لاتكمن في فرض حدود جغرافية وتحديد معالم سياسية وحكومات تقوم بعملها فحسب، لان الاهم في اقامة اية دولة هو الايمان بها، والصورة واضحة واقعاً فكل من ليبيا واليمن وسوريا والعراق دول لها جغرافيات وحدود سياسية وادارية مرسومة منذ عقود، ولكن الواقع يفرض نظرية التجزئة الداخلية سواء أكانت قبلية عشائرية او طائفية دينية ومذهبية، ولعل كل هذه الصراعات الدموية فيها يجبر الساسة مستقبلاً على البحث عن ايجاد دواء فعال لتجسيد مفهوم الدولة الحقيقي داخليلاً، فحين يتم تأسيس الدولة في العقول والقلوب" الشعب" بعدها تأتي الجغرافيات لتكمل الصورة الاساسية للدولة، وهذا بالضبط ما يحدث الان، حيث موت دولة المالكي واسياده داخلياً وخارجياً في قلوب وعقول الكورد، وتأسيس دولة الكورد في العقول والقلوب، مما يعني المستقيل آت لامحال.. وما يقدمة اليوم البيشمركة من تضحيات واعمال جبارة في ساحات القتال خير دليل على تأسيس هذه الدولة في كيان ووجدان وعقول الكورد، لذا فليهنأ المالكي وامثاله بجغرافية ممتلئة بالدماء والحقد والكراهية والطائفية.. وليكن لنا نحن الكورد هذا الايمان بوجودنا وبحتمية المستقبل الذي حتى وان تاخر لابد ان يأتي.
وسوم: العدد 681