الحقيقة المرة .. أن الثوار هم الذين أسقطوا داريا
إن الذي يتابع الأحداث التي تجري على أرض سورية .. ويقرأها قراءة سليمة .. وبعقلانية ومنطقية .. ويحللها بحيادية وموضوعية .. بعيداً عن العاطفة الهوجاء .. والأماني والأوهام .. والتضخيم والمبالغة .. والتهويل والتضليل الإعلامي ..
يجد بمنتهى الصدق والصراحة - مع لوعة الألم والأسى - أن معظم الفصائل الثورية المسلحة – إلا ما رحم الله – عبارة عن عصابات مرتزقة .. مأجورة يقودها أمراء حرب .. وعملاء لجهات خارجية متعددة .. يرفعون شعارات إسلامية براقة كاذبة ، ليستروا بها سوءاتهم .. ويغطوا على علاقاتهم المريبة مع هذه الجهة .. أو تلك ..
فقد أضحت المعارك ، أشبه بالأفلام الهندية ، أو المسلسلات المكسيكية .. أو ألعاب الكمبيوتر ..
فحينما ترجح الكفة إلى جانب النظام .. يأتي الوقود إلى المعارضة .. فتشتعل النار ..
ويطلقون معركة ما ، يسمونها غزوة ، ويضفون عليها إسماً دينياً ..
فينطلقون نحو قرية متطرفة أو حاجز تسيطر عليها مليشيات الأسد .. فيقتلون بعض العناصر ويأسرون أخرى .. ويدمرون بعض الآليات .. أو يكسبون أخرى ..
فيرقصون ويفرحون .. ويهللون ويكبرون – كالأطفال الصغار – وينشرون الصور في الإعلام .. ويعتبرونه نصرا مؤزرا .. وانتصارا كبيرا .. ويستحق نشر موائد الكبب الحلبية !!!
وبعد هنيهة تأتي طائرات الأسد والروسية .. فتحيل القرية قاعا صفصفاً ..
ثم بعد هنيهة أخرى .. تأتي عناصر الدعم للنظام .. فتسترد القرية .. وتطرد الثوار بين قتيل وجريح ...
وهكذا تتكرر نفس الإيقاعات .. ونفس الحركات كل يوم ..
فلما ترجح كفتهم .. يُقطع الوقود .. وتنطفئ النار .. فيتقدم النظام ..
كم جعجعوا .. وطنطنوا أن المرحلة الرابعة ستبدأ قريباً لتحرير حلب كاملاً ..
ولم تبدأ .. ولن تبدأ .. ولن تتحرر .. لأنه لا يزال الضوء أحمرا ...
هذا الكلام لا يعجب كثيراً من الناس .. لأنه مر .. علقم .. لا يطيقه إلا أولو القوة ..
إنهم يحبون الكلام الحلو .. البراق .. اللماع .. الزائف .. ليخدر أعصابهم وينسيهم مآسيهم ..
وأمريكا .. أم الإجرام .. وسيدة المجرمين ..
لا تريد أن يسقط النظام .. ولا تريد أن تسقط الثورة ..
تريد أن يستمر القتل بين الطرفين .. ليفنوا جميعاً ..
وللأسف .. حتى الآن لم يستفق قائد واحد من قواد الفصائل .. ويعلن :
أن هذا الأسلوب في الحرب .. أسلوب عبثي .. ومدمر للبلد .. وقاتل للثوار .. ومستنزف لطاقاتهم .. ومضيع للوقت .. وملهاة للبائسين .. والمساكين .. ومضلل للناس ..
إنهم يزهقون أرواحهم في الأماكن الخاطئة .. التي لن تمكنهم من إسقاط النظام ولو بقوا مائة سنة !!!
المكان الصحيح لإسقاط النظام .. هو :
أن يتوجهوا كلهم إلى دمشق .. ويدخلوها من جميع أبوابها مرة واحدة ..
كما فكوا الحصار عن حلب في سويعات قليلة ..
يستطيعوا – إذا كانوا جادين – أن يقتحموا دمشق .. ويلتحموا مع جنود الأسد .. الذين يصبحوا بين فكي الكماشة ..
المهاجمون من أمامهم .. وجنود ما يسمى الإسلام من خلفهم ..
وحينئذ يتوقف الطيران عن العمل ..
وحينئذ فقط يسقط النظام .. رغم أنف أمريكا وحلفائها ...
هذا ليس حلم .. ولا خيال ..
هذه هي الحقيقة ..
وكل من يماري فيها .. كذاب أفاك .. مضلِل .. خبيث النية ..
طالما رأس الأفعى في دمشق ... فتقطيع ذيولها لا ينفع ..
لأنه ستنشأ له ذيول أخرى بديلة .. وتبقى الأفعى حية ...
ولهذا :
لم تعد هذه الإنتصارات الجزئية .. الوهمية التي تحدث هنا .. وهناك على أرض الشام ..
تفرح .. وتسر إلا البسطاء .. السذج من الناس ..
الذين استحبوا العمى على الهدى ..
الذين لا تزال عقولهم غير قادرة على فهم الحقيقة .. فيتهربون منها ..
وما الإنتصارات الأخيرة المزيفة حول حماة .. إلا بضوء أخضر من الشيطان الأكبر ..
ليضحك على السوريين البسطاء .. وليشغلهم عن حجم الكارثة الكبيرة التي حصلت في داريا ..
فيخدرهم .. ويشغلهم عن التفكير بها .. وعمن سببها ..
لأن :
الذي حصل في داريا كارثة .. ونكسة .. وهزيمة مادية ومعنوية كبيرة جدا ..
وكان السبب في إحداثها .. فريقان :
الفريق الأول : الثوار بكافة فصائلهم .. الذين استخذوا .. وضعفوا .. وجبنوا .. وخذلوا ثوار داريا الذين استصرخوهم .. واستنجدوهم .. وناشدوهم أن يدعموهم .. ويساندوهم .. ولكنهم استنكفوا ورفضوا ..
بل زيادة في الإستخذاء .. توجه بعضهم إلى الشمال الهادئ الآمن ..
قال : ليحرروه من الغاصبين .. المحتلين ..
وتناسوا الغاصب الأكبر الأسد وأتباعه !!!
الفريق الثاني : ثوار داريا الذين استكانوا .. ورضخوا لشروط النظام المهينة .. القاسية .. التي رفضوها طوال أربع سنوات ..
وخافوا من العاهرة ابنة قائد الفرقة الرابعة .. التي هددتهم بتدميرها كليا ؟؟؟
واحسرتاه !!!
وماذا بقي منها حتى يُدمر ؟؟؟
وماذا سيخسرونه إذا دمرت ؟؟؟
فلتدمر كلها .. وليدمر قبر سكينة المزيف .. وتُطمس معالمه كلياً .. حتى لا يهتدي إليه قائد الشيعة .. الذي دخلها وهو فرحان .. جذلان ..
علما بأنه لم يدخل الشام شيعي محتل طوال عهود التاريخ .. إلا الآن !!!
وابؤساه .. واحرقلباه .. وكرباه !!!
واقسوة المشهد لدخوله .. وهو يدنس بأقدامه أرض داريا المباركة .. مزهواً .. مختالاً بانتصاره ..
أليس كان أشرف لهم .. وأعز .. وأكرم .. أن يُدفنوا في أرضها .. ولا تمر جيوش الإحتلال الشيعية إلا على جثثهم كما كانوا يرددون ؟؟؟!!!
خاصة وأنهم .. إن لم يُقتلوا في داريا .. فسيُقتلون في إدلب !!!
فعلام يحذرون .. وعلام يحرصون ؟؟؟!!!
إلا إذا لم يبق لديهم سلاح .. فهم معذورون ..
وحينئذ يُعلق الإثم .. والذنب كله في رقبة الثوار المتخلفين عن نجدتهم جميعاً ..
غير أن ثمة جريمة كبرى مارسها المخادعون .. والمضللون ممن يسمون أنفسهم نشطاء الثورة .. من أمثال المدعو ( أ . م ) ذو اللسان الوسخ القذر .. صاحب الكلمات النابية البذئية .. والأخلاق الرديئة .. والسلوك الهمجي البدائي .. الإستبدادي ..
والذي دبج مقالة ( قداسة بأهلها لا بالأحجار ) .. ليخدع ويضلل الناس .. ويخدرهم بكلمات معسولة .. بأن الرجال أفضل من الأرض !!!
علماً بأن العنوان ابتداءاً مخالف للعقيدة .. لأن القداسة لا يجوز شرعاً إطلاقها على العبيد .. وإنما هي خاصة بالله تعالى ورسله وملائكته وكتبه فقط ..
ومع ذلك :
إذا كان الإنسان أفضل من الأرض - كما يدعي هو وغيره من المضللين - فلماذا إذن وجب التضحية .. بروحه ودمه وماله .. للدفاع عن المفضول وهو الأرض ؟؟؟!!!
هل من العقل والمنطق .. أن يُبذل الأغلى لأجل الأرخص .. أو الأعلى لأجل الأدنى ؟؟؟!!!
هذا سفه .. وعمى .. يُراد منه تبرير الهزيمة .. والإنسحاب .. وتسليم داريا إلى الشيعة .. ليعقدوا لطمياتهم ونواحهم وعويلهم ونباحهم كالكلاب المسعورة .. عند قبر سكينة المزيف الوهمي ..
الإنسان والأرض توأمان لا ينفصلان .. وكل منهما يحتاج الاخر .. فالانسان بدون أرض لا قيمة له .. والأرض بدون الإنسان لا قيمة لها ..
وأيا كان الأمر .. فإن الخروج من ( بابا عمرو ثم القصير ثم حمص ثم القلمون ثم الزبداني ثم داريا والآن المعضمية ) .. يُعتبر جريمة كبيرة ..
وسوم: العدد 684