يوم جاء المستشار الفرنسي إلى مدينة الباب..
ذكريات :
المستشار يعتبر هو حاكم سوريا ،
وقد عين ابن المحدث الكبير بدر الدين الحسني .
عين المستشار ولد المحدث الشيخ تاج نائبا له ، لذا قامت مظاهرات في دمشق تهتف :
شد الخيط ، شد الخيط ، شيخ تاج وقع في القليط
والقليط : مياه المجاري ،
واعتبر الشعب السوري أن التعاون مع المستعمر في صوره هو الوقوع في القليط وهو مجمع الأقذار ومياه النجاسات .
جاء المستشار إلى مدينة الباب :
أربعون سيارة جديدة ( قطع الخيط ) الوزاء والأمناء العامون ، والمتزلفون والمنافقون ، ولكل عهد منافقوه .
اخذنا نحن الصغار إلى الحمام كي لاتفوح منا رائحة الخمة ، وحلقت شعورنا كي لا يظهر القمل ، وغدينا على حساب البلدية رز مع اللحم ، وجعلنا ذلك نكتة : احم احم رز بلحم ، وهو من نوادر الزمان في تلك الأيام .
حفظونا نحن الصغار قصيدة نقولها بالفرنسية : كومب ببان ، دو حران ....
ووقف عالم المدينة الازهري الجديد يلقي كلمة المدينة في الترحيب بالضيف العزيز على المنافقين المتزلفين
وكان هذا العالم قادما لتوه من الأزهر الشريف ، قال العالم الازهري للمستشار : لا نقول لك كما قالت بنو اسرائيل لموسى اذهب انت وربك فقاتلا انا هاهنها قاعدون ، بل نقول لك اذهب فقاتلا انا معكما مقاتلون ؟
كان هذا العالم الجليل صديقا لوالدي اسهر معه ، كان قائم مقام البلد مسيحي فإذا جاء شيخنا بشر ولد القائم مقام بقدومه قائلا : بابا ، بابا جاء مطران المسلمين !
وياللعجب انطقه الله بالحق !
وللعلم فإن سراي الباب التي هدمت بنيت في عهد الشيج تاج أول رئيس لسوريا ، والمأمول من مجلس البلدة اعادة السراي إلى غابر مجدها بالتعاون مع المهندس المعماري احمد عبد الهادي العثمان المقيم في عمان حفظه الله
نعود :
الحفل الذي اقيم للمستشار تبارت كل العشائر إلى مد يد العون واظهار قوتها وعدد ابنائها ، آمل ان تتسابق هذه العشائر وتتعاون مع المجلس المحلي في إعادة السراي إلى غابر مجدها ، وهي من طابقين وتحتها قبو يحوي نافئس المخطوطات من أيام الحكم العثماني
آمل من أعضاء المجلس البلدي حياهم الله أن يشمروا لخدمة الوطن ، فطالما هتفنا نحن الصغار
بلادي ، بلادي فداك دمي ، وهبت حياتي فدا فاسلمي
أعيدوا ترميم مساجد البلدة
أعيدوا بناء مسجد الصديق
ان الشارع الممتد من جامع فرحات إلى ساحة مرطو شقه رجل واحد اسمه صفوح بيك المؤيد العظم ، واسمه محفور على جدار البلدية ، وهو الذي انشأ مايسمى بالمنشية ، وآمل أن نقرأها بميم مضمومة وياء ساكنة وشين مكسورة ، وهي من الانتشاء ، لا كما ينطقها عوام المثقفين .
ياأعضاء المجلس البلدي فرد ترك بصمته على مدينة الباب فشمروا انتم واسهروا الليالي واعلوا الهمم لتعيدوا للباب شهرتها مدينة العلم والعلماء .
يااعضاء مجلس البلدة عبئكم ثقيل ، لكن همة الشباب تزيل الصعاب .
اعيدوا للباب آثارها القديمة ، فرغوا القمريات من التراب ، واغرسوا اشجارا وزهورا من عين حج أحمد الى جامع عبد الرحمن بن عوف ، مرورا بجامع سيدنا بلال رضي الله عنه
وعلى من درس التاريخ أن يكشف للاجيال عن جب بلايا ، وجب حازم ، وعين البط ، وعين منصورية
أين الخرزات ؟ أين وادي تيماء ؟
أين البرك ؟ أين بركة شفيق افندي ؟؟
اعلموا ياأبناء البلدة أن اول حلقة للقرآن الكريم كانت مقرها جامع اليماني ، ابحثوا عن مدرسة المعابدة ، وعن جامع الاردبيلي ، ابحثوا عن مجدكم الغابر أيها الشباب .
لا أزال أحمل صورة في صغري :
كنت عند جامع سيدنا عمر رضي الله عن عمر الفاروق وقف موتور عسكري بريطاني فتح خريطة لمدينة الباب وسأل بلكنة بريطانية : تل بطنا ، تل بطنا ، عرفت انه يريد تل بطنان ، يريد المطار الألماني ؟
ختاما لاتقول كما قال عالمنا الأزهري ، بل نقول جميعا : إنا معكم مقاتلون .
أقول قولي هذا واستغفر الله
فرجك ياقدير .
وسوم: العدد 735