النصّ الذي طمَسَهُ العَبيدُ من مُعلّقةِ الأعشى
ودّعْ هريرةَ.. نِصفُ الشعبِ مُعتَقَلُ
عجِّلْ فإنّكَ مقتولٌ إذا وصلوا
.
حتّى هريرةُ، قالوا إنَّها اعتُقِلَتْ
فانفُذ بجلدكَ واهربْ أيّها الرجلُ
.
في كلِّ مَيْتٍ قضى في سجنِ طاغيَةٍ
أُمٌّ تموتُ.. وأهلٌ بعدَهُ ثكِلوا
.
فإن بقيتَ، وفي كفّيكَ مُرتَحَلٌ
فأنتَ راضٍ بما قالوا وما فعلوا
.
قولُ الحقيقَةِ مُـرٌّ.. مؤلمٌ.. خَطِرٌ
لكنَّ قائلَها في عصرنا بطلُ
.
بالشعرِ والنثرِ أوطانٌ نُغيّرُها
إذا أردنا.. ولكنْ جلُّنا وَجِلُ
.
كلُّ الرواياتِ كانت جُملةً كُتِبَتْ
بغيرِ وعيٍ.. أتتْ من بعدها الجُمَلُ
.
الحرفُ نارٌ، وعرشُ الظُلمِ من ورَقٍ
لذاكَ تفزعُ من أقلامنا دولُ
.
أرضٌ تُجرّمُ آرائي.. سأهجُرُها
وسارقيها بأقدامي سأنتَعلُ!
.
اخترتُ موسى على فرعونَ أتبعُهُ
فرعونُ سَفْحٌ علا.. موسى هو الجبَلُ
.
دربُ الكُسالى نعيمٌ في مسالكهِ
أمّا الطُموحُ فتدمى دونَهُ المُقَلُ
.
لا كُنتَ يا وطنًا.. إن قلتُ شرَّدَني
وإن سكتُّ.. فدورَ الأُمِّ ينتحلُ!
.
ماتتْ هريرةُ.. بَـلَّ اللهُ تُربتَها
بوابلٍ من قصيدٍ، كله غزلُ
.
لم تلحقِ الركبَ، لمَّا أهلُها ارتحلوا
فماتَ منها -على إيمانها- الأمَلُ
.
وحاولَ النيلَ منها بعدما اعتُقِلَتْ
جُندُ الظلامِ.. فماتتْ وهْيَ تبتَهلُ
.
كانتْ وصيّتها مكتوبَةً سَلَفًا
ألّا يموتَ ذليلًا بينَكم رجلُ
.
العاَلمُ الآنَ يسعى كي يُفرّقَنا
ويستَعينُ بمن منَّا لهُ امتَثَلوا
.
وسيمُ، عدنانُ، أو شحرور.. كلّهُمُ
شخصٌ، وتُملي لهم بُهتانَهُم دوَلُ
.
ويمكرونَ.. وعندَ اللهِ مَكرُهُمُ
وإنْ هوى قِطَعًا من مَكرهِمْ زُحَلُ
.
معَ الرسولِ وأتباعَ الرسولِ أنا
ففي النهايةِ قطْعًا تَظهَرُ الرسُلُ
.
وقائلٍ: هل ترى في البُعدِ مكرُمةً
وأنتَ بينَ المنافي العُمرَ تنتَقلُ؟
.
المجدُ للبُعدِ والمنفى إذا وطني
ينهى ويأمرُ في أرجائهِ هُبَلُ
.
لا يَجرَحُ الحرَّ سَبٌّ من رويبضةٍ
فلا يضيقُ بكلبٍ نابحٍ.. جَمَلُ
.
والعبدُ مهما زَهتْ في الناسِ صورَتُهُ
خاوٍ مُخِلٌّ خَمولٌ خَلْخَلٌ خَوَلُ
.
ودّع بلادَك لا عزَّتْ ولا بَقيَتْ
إذا جبينُكَ فيها مُطرِقٌ وَجِلُ
.
حتمًا سترجعُ والأصنامُ قد هُدمَتْ
وكلُّ عُبّادها من حولها.. أفلوا
وسوم: العدد 782