إلى روح الأخ الحبيب ، المربي الكبير
الأستاذ إبراهيم بن محمد زكي نيازي يرحمه الله
في جنات الخلود ــ إن شاء الله ــ
على جمرِ المصائبِ قد صبرْنا = نقاسي وَقْدَهـا ليلا نهارا
ونذرفُ من مآقينا دموعًـا = تُرَوِّي مهجةَ العاني اصطبارا
لقد ذهبَ الأحبَّةُ وافترقنا = وهاجَ عزاؤُنا فيهم مدارا
فَشَجْوٌ في جوانحِنا تلظَّى = أسىً ما بينَ أضلعِنا و نارا
وكربٌ لـمَّ أشتات المآسي = وجالَ بعاصفِ البلوى و دارا
شربْنا كأسَه منها مِرَارا = وكانَ ككأسِ دنيانا مَرارا
كأنَّ نوازلَ الأيامِ باتت = لَدَيْنا بالمكارهِ لا تُجَارى
مضى للخلدِ إبراهيمُ يعدو = وقد لبَّى مناديه ابتدارا
يرفرفُ حولَه طيفُ التَّداني = من الرحمنِ حُبًّـا وانبهارا
فللقَوَّامِ عندَ اللهِ فضلٌ = وللصَّوَّامِ باتَ له فخارا
ويُبصرُ في رياضِ الخلدِ ما لا = رَأَتْ عينٌ بجنَّتِـه جهارا
سِجِلُّ سُمُوِّه أعمالُ بِــرٍّ = ومنها الصَّالحاتُ جِنَتْ ثمارا
فسيرةُ مؤمنٍ باللهِ يرجو = بها رضوانَ بارئه يسارا
وقلبٌ عاشَ في الدنيا سليمًا = ولم يحملْ مساوئَ أو شنارا
فزادُك في رحيلِك كنزُ خُلْقٍ = و وجهٌ فاض بالتَّقوى وقارا
وكم تحلو سجاياك اللواتي = جعلْنَ القفرَ في الوادي اخضرارا
أغاثَ اللهُ سعيَك بالمزايا = وشأنُك في المآثرِ لا يُجَارَى
وَغِبْتَ أخي ولم تغربْ صفاتٌ = لك ازدانتْ خصائصُها انتشارا
وعِشْتَ أبا خليلٍ في عُلُوٍّ = عن الأدنى ارتفاعا و اعتبارا
ولن ننساكَ إن غامت نجومٌ = فنجمُك بيننا يبقى منارا
وديرالزورِ لن تنسى فتاها = أخا القيمِ الرفيعةِ طابَ جـارا
فقد علَّمْتَ جيلا من بنيها = رأى في نهجِك السامي ابتكارا
وقد لقَّنْتَهُم ماكان يُجدي = لنشأتِهم وقد أخذوا قرارا
وإخوتُك الكرامُ بكلِّ فــجٍّ = ولم تأبَهْ لمن عاثوا شِرارا
وحبُّك للنبيِّ يزيدُ قدرًا = فَمُنْتَظِرٌ مُحَيَّاهُ انتظارا
عليه اللهُ صلَّى كلَّ آنٍ = وَمَنْ صلَّى فباللهِ استجارا
وأنتَ اليومَ ضيفٌ في جِنانٍ = بإذنِ اللهِ لم تعملْ شَنارا
ويُسْأَلُ ربُّنا الأعلى و يُرجَى = إذا ما دلهمَ الأفقُ اعتكارا
لمَن رحلوا من الرحمنِ عفوٌ = ورضوانٌ فما وجدوا خسارا
وللأهلِ الكرامِ عــزاءُ قلبٍ = عراهُ الحزنُ ساعةَ أن تًَوَارى
وللأبناءِ يرعاهم إلهي = فلا يلقون في الدهرِ ازورارا
عسانا نلتقي في ظلِّ ربِّي = ولا نلقى عذابا أو عثارا