أمسِ أصغوا إلى رفيفِ الحُداءِ = في صباحِ الأهوالِ والإمساءِ
فأقاموا على الثغورِ أباةً = مالوتْ عزمَهم رياحُ افتراءِ
زَهْوُ مافي قلوبِهم من يقينٍ = واتِّكالٍ على إلـهِ السماءِ
ألهَبَ الصَّدرَ للجهادِ امتثالا = للمثاني والسُّنَّةِ الغرَّاءِ
في ربوعِ الغبراءِ تبصرُ مجدًا = لزمانِ الإسلامِ في الغبراءِ
يتثنَّى تاريخُـه رحماتٍ = بينَ مجلى الهدى وأُفْقِ الهناءِ
واصطَفَتْهُ الشعوبُ يشفي قلوبًا = أوجعَتْها ضراوةُ الأرزاءِ
هـو دينُ الرحمنِ أسعفَ قومي = قبلُ من جاهليةِ السُّفهاءِ
وسِواهُ فسادُ عقلٍ ونفسٍ = أو حماقاتُ سيِّئِ الآراءِ
ماارتَضَتْها الشعوبُ لكنَّ قومًـا = فرضوهُ بالحقدِ والغلواءِ
فأغاروا على الهدى كوحوشٍ = مالهــا من يــدٍ سِوى الإيذاءِ
فاستباحوا بلادَنا بجيوشٍ = مالها من كرامةٍ أو حيــاءِ
وسلاحٍ أعدَّه مجرموهم = إذ تمادوا للفتكِ والإفناءِ
ربِّ أدركْ من المهالِكِ قومي=واحمِ ياربِّ موطنَ الإسراءِ
وتلطَّفْ إلهنا بقلوبٍ=نذروها للسَّـــاعةِ العسراءِ
وشبابٍ عابُوا القعودَ فهاهم =فيلقٌ في كتائبُ الشهداءِ
من حماسٍ ونعمَ تلك الأماسي=والصَّباحاتُ تحتَ خفقِ اللواءِ
كم شهيدٍ وكم جريحٍ أتاها=وأسيرٍ ماهابَ جوْرَ اعتداءِ
الطُّغاةُ الجناةُ ، والكيدُ والمكرُ ...=... وهاماتُ ذلَّةٍ و انحناءِ
وبقايا المعمَّدين ، وأخرى=من نسيجِ المسيرةِ الخرقاءِ
قد أذلَّتْ رقابَهم ـ فاستُرقُّوا ـ =حاسراتُ الأهواءِ والإغراءِ
إنها فتنةُ العدوِّ تمادتْ=في فلسطين ـ آهِ ـ والزوراءِ
وبأفغانستان أُهدِرتِ الأنفُسُ ...=... كلمَى ، وطُوِّقتْ بالعناءِ
فالصَّليبيون العتاةُ أتوها=واستباحوا بالبغيِ سترَ الخِباءِ
فتردَّى الأفغانُ بينَ أعاديهم ... =... وبينَ الأذلةِ العملاءِ
وتنادوا إلى الجهادِ فياربِّ ...=... تداركْ بالنَّصرِ أهلَ الولاءِ
وبأرضِ الشيشانِ أُمَّةُ طه=أنهكتْها ضراوةُ الأشقياءِ
إذْ رمى الملحدون رحبَ مغانيها ...=... بنارِ اعتسافِهم والفناءِ
فحداهم صوتُ الغيوبِ إلى الثأرِ ...=... فهبُّوا بالهمَّـةِ القعساءِ
بايعوا اللهَ فالجهادُ سبيلٌ=رغمَ ليلِ الشدَّاتِ والضَّرَّاءِ
هي جولاتُ صبرِهم ماتوانى=في ميادينِها بنو الصُّلحاءِ
أشعلوها على الطغاةِ جحيمًا=يتلظَّى أُوارُهـا بالفداءِ
من شبابٍ ـ وقودُها ـ و رجالٍ=وصغارٍ ـ إذِ ابتُلوا ـ ونساءِ
***= ***
بعضُ أخبارِ أُمَّتي دوَّختني=وإليها يعودُ وَقْدُ شجائي
ترجمتْها قصائدي فائراتٍ=حيثُ عجَّ التَّحنانُ في أحنائي
فعلى أُمتي طويلُ اكتئابي=وعليها عندَ المصابِ بكائي
ولديها صدقُ العهودِ ، وعندي=مالها من وثيقِ عهدِ الوفاءِ
ولها في الدُّجى المديدِ ابتهالي=لإلهي ـ ولا أَنِي ـ و دعائي
ماتراميْتُ منهكًا دون حقٍّ=سلبتْهُ ضحىً يـدُ الأقوياءِ
فعليها تكالبَ الشرقُ والغربُ ...=... وفي جُعْبَتَيْهما شرُّ داءِ
قد يرومُ الجلاَّدُ طمسَ شعوري=بالسِّياطِ الشَّديدةِ البأساءِ !!
ويودُّ الطغيانُ وأدَ إبائي=في ميادين لهفتي و رجائي !!
إنَّما المؤمنُ الصَّبورُ يوالي=دينَه الحقَّ رغمَ عصفِ البلاءِ
قد رضينا باللهِ ربًّا ، وعشنا=في ظلالِ الإسلامِ لا الأهواءِ
ونسجنا من اليقينِ رُؤانا=وأفقنا من غفلةِ وانزواءِ
فإذا السِّفرُ حافلٌ بحديثٍ=عن جلالِ التبيانِ والإيحاءِ
وإذِ الكربُ بابُ فتحٍ يُرَجَّى=إنْ طغى الموجُ في دجى الدَّأماءِ
شدَّةٌ للزمانِ تأتي و تمضي=وبليلِ الشِّدّاتِ نورُ اصطفاءِ
لم يغادرْ سناهُ اهلَ ثباتٍ=ويقينٍ لم ينحنوا للبلاءِ
أو يُغرُّوا بمنصبٍ أو بمالٍ=جـرَّ بالنِّيرِ صاحبَ الإزراءِ
هكذا إذْ تباعُ أرديةُ الزيفِ ...=... فبئستْ لأهلِها من رداءِ
أخبرتْنا الأيامُ أنَّ عطاها=غيرُ باقٍ ، وظلُّها لانكفاءِ
وصدى الباقياتِ يُطربُ أهلَ ...=... الفضلِ فأكرمْ بأجودِ الأصداءِ
الشَّبابُ الوثَّابُ موكبُ صدقٍ=أدلجوا اليومَ بالتُّقى والفداءِ
ومضوا ينصرون دينَهُمُ الحقَّ ...=... فطوبى للركبِ من نُصَراءِ
كرهوا غفلةَ النِّيامِ على الضَّيمِ ...=... وعابوا الرِّعديدَ عندَ اللقاءِ
جمعتْهُم آياتُ ربِّ البرايا=عندَ ساحِ الأفذاذِ والبُشراءِ
فتناءى الخِذلانُ ، وانكفأَ الخوفُ ...=... و ولَّتْ هواجسُ الجهلاءِ
وسقوا في منابتِ العزِّ حقلا=من سحابِ يفيضُ بالآلاءِ
وعليه استوتْ فيالقُ خيرٍ=فقدتْها الأيامُ في العظماءِ
وتثنَّتْ على المرابعِ جذلى=ماثنتْها سخائمُ الأعداءِ
أنشأتْ صحوةَ الشُّعوبِ ببدءٍ=كفَّتاها ، وبوركتْ في الختامِ
فبكلِّ البقاعِ تسمعُ شدوًا=لبنيها محبَّبَ الإنشاءِ
لـم تُنادِ الأمجادُ غيرَهُمُ اليومَ ...=... ولـم تلتفتْ إلى السُّفهاءِ
يومَ فضَّتْ كنانةُ العزِّ عنها=وجدتْهم صُبْرًا على البلواءِ
ورأتْهم في جفنِ أ سمى صباحٍ=يتراءى بهم شعاعُ ذُكاءِ
فهُمُ الخيرُ والنَّدى والأماني=وهُـمُ الدَّافعون للضَّرَّاءِ
وهُمُ الإرثُ للشريعةِ لمَّـا=لاذَ أهلُ الأهواءِ بالتعساءِ
وهـمُ السَّاعدُ الشَّديدُ وقد أوهتْ ...=... صخورُ الأسى يدَ البنَّاءِ
وهُمُ الطُّهرُ في ضميرِ الليالي=في زمانِ استئثارِها بالخناءِ
جفوةٌ مُـرَّةٌ أذاقتْ بنيها=كأسَ تلك المرارةِ العجفاءِ
أين منهم ما أنزلَ اللهُ من حُلْوِ ...=... مثاني قرآنِه اللألاءِ !!
ومزايا يرفُّ فيها انعتاقٌ=عن مهاوي الرَّذيلةِ النكراءِ !!
تلك من ربَّانيَّةِ الدَّعوةِ السَّمحاءِ ...=... تُزَجِّي مآثرَ الشُّرفاءِ
فينابيعُها مناهلُ بِـرٍّ =دافقات للمكتوين الظِّمـاءِ
ماتناستْ حالَ الضِّعافِ ولا جفَّتْ ...=... لطولِ العهودِ من إرواءِ !!
كفكفتْ أدمعَ الشعوبِ و ردَّتْ=عن رباها ضراوةَ الأعداءِ
كفَرَ النَّاسُ بالحضارةِ جاءتْ=بالرزايا الثَّقيلةِ العمياءِ
وبوشيِ الألوانِ من متعِ العصرِ ...=... أطلَّتْ بالإثمِ والإغواءِ
وبأحكامِ عصبةِ الأممِ : الزُّورُ ...=... حباها بالقهرِ للأعضاءِ
وبهذا اليمينِ شُلَّتْ يداهُ=وبذاك اليسارِ كفِّ التواءِ
تتلوَّى بهم نيوبُ الأفاعي=وتُعدُّ السُّمومُ شرَّ إناءِ
قدَّموها بالخبثِ ذاتَ ثيابٍ=ناعماتٍ والويلُ للأنضاءِ !
فتعرَّتْ ، وللزمانِ انقلابٌ=يفضحُ المجرمين بعدَ خفاءِ
إنَّ أيَّامَه يداولُها اللهُ ...=... قديرا بحكمةٍ وقضــاءِ
يا أخا الشِّرعةِ الكريمةِ أقدمْ=فوربِّ السَّماءِ لستَ بناءِ :
عن فخارٍ بدينِ ربِّك يعلو=فوقَ ظنِّ العقيمةِ الشَّوهاءِ
وانتصارٍ جدَّتْ خطاهُ بدنيانا ...=... ربيعًا معشوشبا بالرجاءِ
والنِّداءاتُ في ظلامِ المآسي=فوقَ أنقاضِ رِدَّةٍ و افتراءِ
منذراتٌ بالانتحارِ لقومٍ=إنْ تغاضوا عمَّـا بخيرِ النِّداءِ
ليسَ يُنجيهُمُ التَّمادي بغيٍّ=والتَّجافي عن نورِ وحيِ السماءِ
إن يقولوا لدى العدوِّ هناءٌ=وارتقاءٌ ومتعةٌ في الثَّراءِ
فلقد داهمَ العدوَّ انحسارٌ=لضلالِ الخديعةِ العرجاءِ