عندما يُستهان بالأرواح ، ويُحتفى بالذَّبَّاح ، فانتظر الضّياع، وكثرة الجياع ، واشتداد الأتراح ، وانتظر التّطبيع ، فكل جريمة تباح
ضاعتْ دِماءٌ وأعراضٌ وأموالُ = فقاهرُ الشَّعبِ في الأرجاءِ يَختالُ
أهلُ الجرائمِ أسيادٌ لهم شَرَفٌ = والشَّعبُ يشكو فقد ساءتْهُ أحوالُ
إذ كيف تُحمى أيادي الذَّبح يا أسفي = وكيف يعلو على القانون قتَّالُ ؟
أين الوعودُ بإحلالِ العدالةِ في = شعبٍ غَزتهُ أباطيلٌ وأهوالُ ؟
إنَّ العدالةَ عند الغادرين بنا = زيفٌ ولفٌّ وتنويمٌ وأقوالُ
النَّاسُ يَحكمهمْ بالرِّفق أحلمهمْ = لكنَّ قادَتنا في الحكمِ أغوالُ
واللهِ ما غدروا إلاّ لأنّهُمُو = للمفسدينَ وحوشِ الغربِ أذيالُ
ماذا يُطمئننا إن كان رائدُنا = من أجل مصلحة الأعداء يَحتالُ
منذ انبطحنا إلى غَرْبٍ يُناوؤُنا = والرَّازياتُ على الأوطانِ تَنهالُ
فالحاكمون حُماةُ العدلِ ما عدَلوا = والعالمون حماةُ الفكرِ جُهَّالُ
والزَّيغُ هاويةٌ تُردي عقيدتنا = سِيقتْ إليها لطمْسِ الدِّينِ أجيالُ
والأمَّةُ انتكستْ فيها مكارمُها = صارت يُسيِّرُها بالكفرِ ضُلَّالُ
والمرأةُ انْتكبتْ بالشُّرْهِ مُدبرةً = مُرادُها الشَّكلُ والأزياءُ والمالُ
تطوفُ حولَ إلاهِ الغربِ عابدةً = لها على عَفنِ الأطماع إقبالُ
أهلُ الثَّقافة أنعامٌ مُدجَّنةٌ = اللّغو ديدنهمْ والقيلُ والقالُ
أهلُ الشّريعة قد جاحتْ مواهبهمْ = أقصى مسائلهم في الدِّينِ إسبالُ
بل إنَّهم غمسوا الإسلامَ في فِتنٍ = يأوي إليها لطعنِ الدِّينِ أنذالُ
* * *=* * *
إنَّ الجزائرَ تشكو اليوم من وهَنٍ = ما في الجزائر أم العزِّ أبطالُ
فالحكمُ فيها غِواياتٌ وسَفْسَطَةٌ = باتتْ تُكبِّله بالغربِ أغلالُ
يا مَن تحمَّلتَ في الدُّنيا أمانتَهُ= سينتهي العيشُ فالأعمارُ آجالُ
لا تفرحنَّ بكرسيٍّ يزول غدًا = إنَّ الرِّئاسة يوم الدِّينِ أحمالُ
اعْملْ لقبركَ وعد ُالله غايتُنا = ولن يفيدكَ نَزَّارٌ وسَلاّلُ
أنتَ الذي تحملُ الأوزار في ضَعَة ٍ= ما أنَّ من وَجعِ الإملاقِ بطَّالُ
أنتَ الذي تدفع الأثمان باهظة ً= إن ضاع في الشَّعبِ أشياخٌ وأطفالُ
أنتَ المُلامُ على الإجرام إن قَصُرتْ = يدُ العدالةِ أو ساءتْ بها الحالُ
أنتَ المُؤاخذ ُعند النَّاس إن سُرقتْ = بالنَّصبِ والزُّورِ أملاكٌ وأموالُ
أقِمْ عدالةَ ربِّ الكونِ في وطَنٍ = بالظُّلمِ والغَدْرِ في التَّغريبِ يُغتالُ
الغربُ كارثة ٌكبرى تُحاصرُنا = كمْ أُتلِفَتْ بهوى التَّغريبِ آمالُ
اثْبُتْ على الدَّربِ دربِ الحقِّ مُحتسبا ً= لا يَدفعنَّكَ نحو الجوِر خَذَّالُ
وكُنْ كريماً رحيماً للضِّعافِ فكم ْ= نال الصَّدارةَ في الحكَّامِ بَذَّالُ
وكم تهاوى بأعراشٍ مُحصَّنةٍ = لدى الجماهيرِ يومَ الغيظِ إهمالُ
سَتخسرُ الشَّعبَ والكُرسيَّ في هَرَجٍ = إن حلَّ في الشَّعبِ من رُؤياكَ إجْفالُ
اتبعْ شريعةَ ربِّ الكونِ في ثِقَةٍ = فالحقُّ يتبعهُ في النَّاسِ عُقاَّلُ
* * *=* * *
تبقى الجزائرُ حصنُ الحقِّ صامدةً = مهما تَكتَّلَ أهلُ الزورِ واحْتالُوا
تبقى الجزائرُ رغم الغدرِ واقفة ً= وإنْ كساها من الأحزان سِرْبالُ
لا الغربُ يَحجُبُها عن شمسِ خالقِها = لا الخائنون ذيولُ الغربِ إن مَالُوا
الدَّهرُ يُظهِرُ من يبغي كرامتَها = لهُ لِتعرية الأسرارِ غِربالُ
فالإدِّعاءُ كلامٌ لا اعْتبار له = الصِّدقُ تكشفه للشَّعبِ أفعالُ
لا يفقهُ القولَ إلا عاقلٌ فَطِنٌ = للعقلِ كم ضُرِبتْ في الذِّكْرِ أمثالُ
لكنَّ من رَكَبوا التّغريبَ في عَمَهٍ = على قلوبهمُ العمياءِ أقفالُ
ضاعتْ دماءٌ وأعراضٌ وأرصدةٌ = عادتْ فرنسا ، لها في الحُكمِ أوْصالُ