ضلَّتْ بهم في الحلِّ والترحالِ = رغم الرقيِّ حضارةُ الأنذالِ
كان الرقيُّ لها بعلمٍ ساقه = ربُّ الورى للناسِ في الأجيالِ
والعلمُ إنْ لم تكتنفْهُ عقيدةٌ = غرَّاءُ ربَّانيَّةُ الأقوالِ
يهوي بأوحالِ السفاسف شأنها = فتهافتت في ورطةٍ وضلالِ
فذكاؤُها بات احتيالا بارعًا = لم يَعْدُ صوتَ الإثمِ في الخلخالِ
ورأتْ إذا شاعَ انحلالٌ منتنٌ = حريَّةً فَجَرَتْ وسوءَ خصالِ
أمَّا الرذائلُ والمجون فهاهما = فَنٌّ لكلِّ معربدٍ محتالِ
وهي المهازلُ في حضارتهم فقل = ماشئتَه عن سيئ الأحوالِ
حُكْمُ الحديدِ ولم تجدْهُ لرحمةٍ = تُرجَى لأهلِ الأرضِ أو إفضالِ
وهي القُوى ما استكبرتْ إلا على = حالِ الضَّعيفِ ومرتدي الأسمالِ
قُبحُ المقالِ وخسَّةُ العملِ الذي = إذ يزجيان من السَّفيه القالي
من نسجِ مغزلِ كِبرِهم وعُتُوِّهم = وهو الجنى لرعونة البُذَّالِ !
لن تستقيمَ حياتُهم مهما ارتدوا = من زخرفٍ أو أكثروا من مالِ !
فهُمُ الذين عَنَتْهُمُ الويلاتُ في = دنيا الفَنَا للعاصفِ القتَّالِ
واعلم فلم يغررْكَ مافي زهوِهم = من بهرجٍ في الفنِّ والأشكالِ
هم ضيَّعوا قيمَ الحقيقةِ لم تكنْ = إذ أبدلوا وسخَ الهوى بالغالي !
والناسُ ما اقتنعوا بما جاءت به = هذي الحضارةُ من رقيٍّ بالِ !
لايأنسون إلى أثيمٍ مفترٍ = يهذي هناك ولا إلى دجَّالِ
زعماءُ نهجِ الكفرِ قد عاشوا على = ماقاله إبليسُ للميَّالِ
فتمردوا وأبوا شريعةَ ربِّهم = ومشوا مع العاصي بسوءِ خصالِ
هم أسوأُ الناسِ الذين يقودُهم = رأيُ اللعينِ وفازَ بالصَّلصالِ
الكِبرُ والحسدُ القبيحُ وما حوى = زيفُ الهوى من حيرةٍ وهزالِ
ومن الفضائحِ والرزايا والأسى = هي حالُ أهلِ الهونش والإذلالِ
لن يدركوا الفردوسَ كان مآلهم = لو أسلموا للهِ ذي الإفضالِ
لكنْ أماتوا هِمَّةً لَهُمُ وقد = أعطى الإلهُ ولم تكنْ للقالي
عاشوا فأشقوا غيرَهم بفسادِهم = بئس الفسوقُ يجرُ للأنكالِ
وهي الإعاقةُ لم تكن ياصاحِ في = أجسادهم ، فاللحمُ للرئبالِ !
لكنها كانت تؤزُّ قلوبَهم = من يمنةٍ بيدِ الهوى وشمالِ
والشأنُ شأنُ البعثِ من أجداثهم = والويلُ للباغي من الأقيالِ
فاليوم يوم الفصلِ والدنيا مضتْ = والحكم حكم البارئِ المتعالي
قد جاءت النُّذُرُ العديدةُ للورى = والأنبياءُ بكلِّ سِفرٍ حالِ
وهو القريبُ فليس من منجى لهم = والسُّوءُ يومً السَّوقِ بالأغلالِ
وجهنَّمُ الوعدِ المبينِ لِمَنْ طغى = مافيه من عذرٍ ولا إهمالِ
هيهات يفلتُ ظالمٌ أو مجرمٌ = عاشَ الحياةَ بسيِّئِ الأعمالِ
هذا مصيرُ الظالمين ، ونافذٌ = بقضاءِ ربِّ العرشِ ذي الإجلالِ
لن تنفعَ الضحكاتُ في الدنيا إذا = ما قد خلوا في صورة الأبطالِ
زعماءُ قد ملكوا القُوى فاستأسدوا = وأتوا بما ما لم يكن بالبالِ
قتلوا الشعوبَ ودمَّروا دورًا لهم = ورموهُمُ للضَّنكِ والإهمالِ
للبرد في فصل الشتاءِ وللظى = في الصيفِ بئس حضارةُ الأرذالِ
بئستْ قياداتُ الضَّلالةِ أمعنتْ = في غيِّها الأعمى بلا استدلالِ
ونسوا بأنَّ الملكَ للهِ الذي = جعلَ المآلَ نهاية الآجالِ
لاتحسبَنَّ اللهَ يغفلُ عن يدٍ = رمتِ الشعوبَ لذئبِها الصَّوَّالِ
أو صفَّدَتْ أهلَ المآثرِ والهدى = في ظلمةِ التعذيبِ والأهوالِ
فلكلِّ طاغوتٍ بغى أجلٌ له = فاصبرْ لمدته بلا استعجالِ
فاللهُ جلَّ جلالُه هو حصنُ مَن = لبَّى نداءَ شريعةِ الفعَّالِ
واصبرْ رعاك اللهُ وانتظرَنْ غدًا = تأتي بشائرُه بلا إشكالِ
ميدانُنا الصَّبرُ الجميلُ ففيه ما = يحيى القلوبَ بسورةِ الأنفالِ
ولدى مرابضنا سهامٌ لم تزل = تجتاحُ ما للظلمِ من أرتالِ
وسيعلمون إذا رياحُ إبائنا = هبَّتْ وهبَّ الثأرُ في الأجيالِ
ماذا تكون نهايةُ العهدِ الذي = قد باءِ بالخسرانِ والإعوالِ