هوامش :
(1):القليب : البئر الذي دُفن فيه قتلى المشركين يوم بدر .
(2): النَّجاد : حمائل السيف .
(3): القتاد : الشوك .
(4) الثِّماد : الماء القليل .
(5) مالهم الأولى : ليس لهم ، ومالهم الثانية : الذي عندهم .
الأماني العِذابُ قَطْفُ الحصـادِ = بيدينا فيالَفوزِ الأيادي
رغم مافي بلادِنا من شقاءٍ = ودمارٍ ومن دمٍ وجِلادِ
نحن أجدادُنا الكرامُ أُصولٌ = فارعاتٌ أدواحُها في امتدادِ
وهُمُ الخيرةُ الذين اصطفاهم = خالقُ الخلْقِ للرضـا والسَّدادِ
عَلِّليني بذكرِهم وأفيضي = وأعدِّيهِ أجملَ الإعدادِ
وامنحي شذوّه النَّديَّ فإنِّي = لَشغوفٌ بنفحِه المتهادي
ودعيني أُفلتْ فقلبي سجينٌ = في رزايا مقينةِ الأقيادِ
ولياليَّ مرعداتٌ بهَـمٍّ = ماله في تَهنانِه من نفادِ
وليالي الشهرِ الحبيبِ عزاءٌ = لفؤادي من وطأةِ الأصفادِ
ليس ينسى حُلْوَ المناجاةِ والأجفانُ ...= ... ثملى ياطيبَ شدوِ الحادي
وتلاواتِ هدأةِ الليلِ يقوى = في مغاني تلك الظلالِ اعتمادي
قد هفا يحملُ المرارةَ لكنْ = ليس يبلى يقينُه في الجِلادِ
فيقيني باللهِ روحُ وجودي = وَهْوَ سِرُّ الحياةِ في إيجادي
جَمَعَ القلبُ أُمنياتي فكانت = في رِضا خالقي مدى الآمادِ
فله اللهفةُ الأثيرةُ والشوقُ ... = ... لِلُقيـا منازلِ الأجدادِ
الصَّلاةُ التي تطيرُ بروحي = بِجَنَاحَيْ تَوَدُّدٍ واتئادِ
والصِّيامُ الشَّهيُّ أندى وأحلى = وبِنُوَرَيْهِ يستحمُ فؤادي
والمثاني برودُها عَطِرَاتٌ = ألبستْنِي من وَشْيِ فيضٍ بادِ
وسنامُ الإسلامٍ مجدٌ تجلَّى = ببريقٍ للمرهفاتِ الصَّوادي
والقليبُ المشهودُ يذكرُ أنَّا = ماظلمنا الإنسانَ يومَ التنادي (1)
قد أردْناهم حُلَّةً لزمانٍ = هَجَرَتْهُ مباهجُ الأعيادِ
إذْ تمادوا بحقدِهم ، وتنادوا = لقتالِ النَّبِيِّ بئسَ التَّنادي
فأباحَ الرَّدى نفوسًا عَرَتْهـا = سكرةُ الإثمِ إذْ كبتْ في ارتعادِ
يوم بدرٍ راياتُه ليس ترضى = بيدٍ ضيَّعتْ سنى الأمجادِ
خافقات تُزجي مواعيدَها للجحفلِ ... = ... الثائرِ القويِّ العِمادِ
وليومٍ يُحيي مآثرَ بـدرٍ = ويقيلُ الظُّبى من الأغمادِ
عندها تُنتَضى السُّيوفُ فقد حانَ ... = ... زمانُ انبعاثِها للجهادِ
فالزمانُ الموعودُ هـلَّ فأغرى = أهلَ بدرٍ في عزَّةٍ واعتدادِ
هاهُمُ اليومَ ينضحون بوجهِ الظُّلم ... = ... معنى الإبا ووهْجِ الصِّعادِ
ويعيدون شِرعةَ اللهِ مجلى = للوصايا وصفحةِ الإرشادِ
فاشرأبَّتْ إلى الإباءِ ونادت = للمعاني الجميلةِ الإنشادِ
مرهفاتُ القلوبِ من كلَّ صوبٍ = مصغياتٍ الهوى لصوتِ الحادي
إنَّمـا تكسرُ القيودَ نفوسٌ = ليس تَطوي على ثقيلِ الرُّقادِ
أيقظتْهـا من غفوةِ الذُّلِّ أُمٌّ = ماعراهـا رعبُ الرزايا الشِّدادِ
فَقَدَتْ أهلَهَا الذين سَفَتْهُم = ريحُ حقدِ الإجرامِ والجلاَّدِ
وبنيها وزوجَها وأخاها = ولفيفَ الأحبةِ الأشهادِ
وأبتْ أن تذلَّ يومًا لبغيٍ = يتلظَّى في قبضةِ الجلادِ
إنَّها من بناتِ بدرٍ و أُحْدٍ = وبقايا العُبَّادِ والزُّهَّادِ
ركلتْ ذلك الأثيمَ ، وَعَرَّتْ = من أكاذيبِ زيفِه المتمادي
فإذا القائد الهُمامُ سرابٌ = يتلوَّى بوهمِ زورِ النَّجادِ (2)
عشتِ يا أُختَنَا الكريمةَ رمزًا = حطَّمتْ صرحَ صهلةِ الأوغادِ
وتعاليتِ فوقَ كلِّ أثيمٍ = رامَ قهرَ الشعوبِ باستبدادِ
ماتناسيْتِ أنَّك اليومَ حِصنٌ = لبنيكِ الثُّوَّارِ في الأنجادِ
أنتِ علَّمْتِ من غـدا يتوارى = عن فلولِ الطغاةِ بين البوادي
أنَّ شأنَ الفلولِ شأنٌ حقيرٌ = رغمَ ما للفلولِ من إعدادِ
بارك اللهُ وجهكِ اليومَ يهفو = مطمئنًّـا للهِ ، للميعادِ
هو آتٍ خلفَ النُّعوشِ ، فثأرٌ = قد تشظَّى وكان بالمرصادِ
مانأينا أخا الطيوفِ الحواني = عن نُسَيْمَاتِ زهوِها الميَّـادِ
وعن الأفْقِ محجراهُ تهادتْ = منهما الأملاكُ الكرامُ ، وحـادِ :
ضـجَّ بالفتحِ صوتُه ، فتلاشتْ = عزماتُ الإشراكِ والإلحادِ
والتقى بين العدوتين هوى جمعين ... = ... هذا لعربداتِ العنادِ
وتثنَّى ثانيهما بالموداتِ ... = ... وبالبيِّناتِ والإمدادِ
وأتى النَّصرُ ماحِيًا لضلالٍ = لعبيدِ الهوى وللحسَّادِ
أشهرتْ بـدرُ هَدْيَهَـا حيثُ أزجى = بجليلِ الآياتِ صوتُ المنادي
والذين الظلمُ المقيتُ تولاَّهم ... = ... فبئست صناعةُ الأصفادِ
أنبأتْهُم عن سقطةِ النَّفسِ يومًا = رغمَ أهوائهم : سيوفُ الجهادِ
عالجتْهم بالحقَِّ في ساحها الغامرِ ... = ... ما أبقتْ من حشودِ الفسادِ
وَهَوَى سعيُهم ليلقوا جزاءً = من عليمٍ بعربداتِ العبادِ
أغمدتْ بـدرُ كِبرَهم فاضمحلَّتْ = ما بأيدي الجناةِ من أحقادِ
والأذلَّون أُخمدـتْ في الفيافي = بعدَ جَوْرٍ نيرانُهم والوادي
فهو اللهُ زلزلَ الشِّركَ فانهدَّتْ ... = ... صروحٌ قويةُ الأوتادِ
هكذا كُنَّـا نحسبُ الظلمَ ركنًـا = ليس يفنى وما له من نفادِ !!
إنَّمـا الباطلُ الأثيمً لحتفٍ = وزوالٍ من ساعةِ الميلادِ
ورفيعُ العمادِ يشمخُ بالحقِّ ... = ... ويبقى مستعليًا في ازديادِ
وجناه الفيَّاضُ لم يبلَ يومًا = فَمُحَيَّـاه نضرةُ الأورادِ
فاحَ طيبُ الإسلامِ ، فابتهجَ النَّـاسُ ... = ... فَجانٍ من خيرِه أو شـــادِ
يا لأمسِ الأيامِ تبكي عليه = أُمـمٌ من لظى جِماحِ القتادِ (3)
أيُّها الناسُ ماقلاكم إلهي = فالمثاني طابتْ لكم من زادِ
وهو اللهُ ربُّكم ، يغفلُ الناسُ ... = ... وربي للبغيِ بالمرصادِ
عُقِرَتْ في القليبِ سطوةُ بغيٍ = في انهيارِ استكبارِه والعِمادِ
وأبوه ، أبو العُتُوِّ ، أبو جهلٍ ... = ... هوى في غياهبِ الأبعادِ
لم يُضَلِّلْ سوى الغثاءِ من الناسِ ... = ... فبئسَ الطاغوتُ في الأندادِ
ماله من مكانةٍ في عبادٍ = غير جَوْرٍ ، وماله من تِلادِ
ربما كان مجرمًا ذا جذورٍ = ليس تُنمَى لمجدِنا الميَّـادِ
أو شقيَّـا أحياهُ ربي لخيرٍ = فتمادى بالسُّوءِ بين العبادِ
مارعى صِبغةَ الإلهِ لنفسٍ = فغزاه الهوى بلا تَهوادِ
هو أعماه زخرفُ العيشِ فانفضَّتْ ... = ... عن العينِ متعةُ الزُّهَّادِ
يألفُ الغدرَ طاغيا مشمخرًا = بئسَ ثوبُ الطغاةِ من أبرادِ
وهو المترفُ البليدُ ولولا = تَرَفُ العيشِ ما نأى عن رشادِ
فاطمئنُّوا ياقوم إنَّ زمانًا = خضبتْهُ قبائحُ الجلادِ
ليس يبقى وإن تبرَّجَ فيه = زيفُ مافي نيشانِه الرَّعَّادِ
هو فانٍ : أيَّامُه والحواشي = من دروعٍ ومن يـدٍ وعتادِ
كلُّها والمنافقون وأهل المكرِ ... = ... لابوركوا وأهلُ الفسادِ
أثخنوا الأمَّةَ الكريمةَ بالإيذاءِ ... = ...والضَّنكِ شاعَ والأنكادِ
واطمئنُّوا ماالدربُ تيهًـا تجنَّى = بالمتاهاتِ أو رؤى الأضدادِ
واطمئنُّوا فالبشرياتُ حِسانٌ = قد أذابتْ أحقادَهم والتَّمادي
نحن نشكو جراحَنا ، ويدُ اللهِ ... = ... لها بلسمٌ ، عليه اعتمادي
وله الأمرُ جلَّ ليس سيشقى = مَن أتى اللهَ مؤمنًـا باجتهادِ
وأراها رغمَ التَّصَحُّرِ مزنًـا = تملأُ الأرضَ لابقايا ثِِمادِ (4)
سيزولُ الطغاةُ كمًّـا وكيفًـا = وستبلى أصابعُ الإسنادِ
فالفراعينُ مالهم من مجير = وإلى الحتفِ مالهم والنَّفادِ (5)
فاطمئنُّوا ياقوم ، فاللهُ باقٍ = وسِواهُ لحسرةٍ وافتقادِ