* * *
هوامش:
(1) مُرَّاد: الأعداء الأشداء.
(2) التِّلاد: القديم.
(3) القتاد: الشوك.
(4) إشارة إلى وفاة حفيدي / عمر وهو ابن الأستاذ / محمد أمين محمد شفيق العارف / حيث دُفن في غرناطة بإسبانيا.
مرحبًا جئتَ رغمَ كلِّ العوادي = فيكَ ياعيدُ فرحتي و ودادي
جئتَ تشدو، وللقلوبِ اشتياقٌ = لظلالِ القرآنِ في الآمادِ
سبَّحَ اللهَ كونُه، وتثنَّى = في رحابِ الوجودِ صوتُ الشَّادي
وتناءتْ أوجاعُ قومٍ رمتْهم = بالرزايا فضاضةُ المُرَّاد (1)
شِيةٌ فيكَ ماقلاها فؤادٌ = في جديدٍ من دهرِنا وتِلادِ (2)
بعدَ صومٍ ياعيدَنا وصلاةٍ = وليالٍ تفيضُ بالإرفادِ
وبتقوىً للهِ ليستْ تُجارَى = في مطافِ السُمُوِّ والإسعادِ
وأنرْتَ الأيامَ حيثُ تهاوتْ = عن رؤى الناسِ دُهمةُ الأحقادِ
وتجلَّيْتَ فرحةً عانقتْها = أُمَّةُ الخيرِ حُلوةَ الآرادِ
لم يُصوِّحْ بستانُ دينٍ حنيفٍ = رغمَ نارِ الغزاةِ والأصفادِ
رغمَ ظُلمٍ و غِلظةٍ ما توانتْ = وأذيَّاتِ ناخسٍ و فسادِ
في فلسطين جرحُنا، وبكابول .= . وشيشانِنا وفي بغدادِ
وبكشمير لوعةٌ ما اجتلتْها = عينُ هذا الزمانِ في الأعيادِ
أُمَّتي أُمَّتي: مرابعُ شجوٍ = ومغاني مآتمٍ و سوادِ !!
لاتغُرنَّكَ المباسمُ صُفرًا = في وجوهِ الأسافلِ الأوغادِ
مَنْ أناخوا رحالَهم لهوانٍ = فهْوَ ذخرٌ لذلَّةٍ و انقيادِ
ما أشدَّ الضياعَ في أُمَّتي اليومَ . = . وما أقسى الخطبَ بينَ العبادِ
كم ننادي ياويحَها غيرَ أنَّ النَّاسَ . = . صُمٌّ لايسمعون المنادي
ضاعَ في العاصفِ الشديدِ نِدانا = كضياعِ الجموعِ والأفرادِ
داهمَ البأسُ أُمَّتي فسفاها = مثل سفْيِ الرياحِ للأعوادِ
يتهاوونَ فوقَ كلِّ انحدارٍ = ويغطُّون في دجى الإخلادِ
إنَّه طيشُهم: قلادةُ زيفٍ = رصَّعوها على صدورِ البلادِ
أتراهم يأتون دربَهُمُ الحقَّ . = . وليلُ انفلاتِهم في ازديادِ !!
أيُّها العيدُ، والعقيدةُ زادي = ماثنَتْ همَّتي يدُ الأنكادِ
ثقتي باللهِ القديرِ تجلَّتْ = بيقيني، فبالكريمِ اعتدادي
أنْ أرى أُمَّتي وبيضَ الأماني =و ربيعَ الهدى على ميعادِ
عُدْتَ ياعيدُ ما انتظرْتَ فؤادًا = آلمتْهُ يدُ النَّوى والقَتادِ (3)
وترامتْهُ غربةٌ قد تلظَّتْ = في الحنايا ممضَّةً كالصِّعادِ
من ثلاثين حجَّةً، والقوافي = راعفاتٌ بالثُّكلِ والإجهادِ
حرمتْهُ الأيامُ ماكان يصبو = في مداها، إليه من إنشادِ
لأبيهِ وأُمه وأخيه = ولجمعٍ من أهلِ بيتي الصَّوادي
هو يرنو إلى الأحبةِ لكنْ = حجزتْهُم عن ناظريْهِ العوادي
غيرَ أنَّ الأخبارَ تأتي تِباعًا = لتثيرَ الأشجانَ عبرَ الفؤادِ
ماتَ منهم كبارُهم، ليتَ أني = يومَ وُروا الثَّرى من الأشهادِ !!
فأبي قد قضى، وأُمِّيَ ماتتْ = وأخي، والعديدُ من أعضادي
وبقايا الأخوالِ كانوا ربيعي = وبقايا الأعمامِ كانوا عتادي
وهو الموتُ جلَّ ربِّي أتاهم = وتولَّى الصَّغيرَ من أحفادي(4)
إنهم أربعون: بين حفيدٍ = قد تناءوا، والبعضُ من أولادي
فرَّقتْهُم يدُ المكارهِ أشتاتَا . = . ففي الغربِ لي لسانٌ ينادي
آهِ لمَّا تمزَّقتْ كبدي بعدَ . = . النوى عنهُمُ إلى أكبادِ !!
آهِ ياعيدُ: ماعفتْ بك أفراحي . = . ولا قد قلوْتُ نهجَ رشادي
أنتَ عنوانُ فرحتي بيقيني = فعلى اللهِ ما حييتُ اعتمادي
لهُمُ اللهُ البَرُّ حيثُ أناخوا = في بعيدٍ أو في قريبِ البلادِ
حسبنا اللهُ لن تضيعَ خُطاهم = رغمَ ليلِ الأغوارِ والأنجادِ
ولعلَّ الرحمنَ يجمعُنا ذاتَ .= . صباحٍ بهم على ميعادِ
ويطيبُ اللقاءُ بعدَ فراقٍ = لقلوبٍ مكلومةٍ وأيادِ
لاتلمْني أيا عذولُ فقلبي = لم يزلْ إي وبارئي في اتِّقادِ
إنَّه ذَبَّ عن أحبَّةِ عمْرٍ = يفتديهم بروحِه في الجِّلادِ
خسرَ الشِّعرُ صفقةَ المجدِ لولا = فيضُ تحنانِه بأصفى مِدادِ
فَهْوَ سهمي يرمي العداةَ شغوفًا = بميادين عزتي و جهادي