وداع ٌ
والنَّفسُ يجدبُها السّراب فتنطفي = فيها النَّباهةُ والمواعظُ تسطعُ
نرنو إلى الحظِّ الخسيسِ بلهفةٍ = نُلهي الفؤادَ عن الرّشاد وندفعُ
لا يعرفُ الإنسانُ أسرارَ الدُّنى = وقْعُ الكريهة في الهناءِ مُفَجِّعُ
بالأمسِ كنَّا في هناءٍ غامرٍ = واليوم حزنٌ فالمآقي تدمعُ
العيشُ يبدي الرّازيات إذا صفا = والقلبُ يهنأُ في الحياة ويفزعُ
لا تجزعنَّ إذا أصابكَ عارضٌ = ذو البيِّنات من الهدى لا يجزعُ
اصبرْ وصابرْ واتَّق الرّحمن في = زمَنِ المصيبة فالتَّصبُّرُ ينفعُ
إنِّي أبثُّ لظى الشُّعور مُودِّعا = نصفَ الحياة لبعض ما أتوقَّعُ
لهَفِي عليك فما ارْتويتِ من الهنا = حتّى أتاكِ أبو المصائبِ يَمنعُ
الموتُ حقٌّ لا يحيدُ ولا يَنِي = والعبدُ يرغبُ في الخلود ويطمعُ
لو لم تكوني للإله مطيعة ً= لذرفتُ شعرا للقلوب يُقطِّعُ
لكنَّ شأنكِ في الحياة إنابةٌ = وتَبتُّلٌ وتعفُّفٌ وتخشُّعُ
أملي كبيرٌ أن تنالي رفعةً = عند المُهيمنِ والمكارمُ ترفعُ
قد كنتِ في حِصْنِ العفافِ عزيزةً = والنَّاسُ في غاب المطامع تَخْنعُ
قد كنتِ حضنا دافئا في بيتنا= تأوي الجوانحَ بالحنانِ وتجمعُ
فالزّوجُ يَسعدُ بالعناية و الوفا = والطِّفلُ يحظى بالأمان ويرضعُ
والرَّيبُ ينأى عن جوانب أسرةٍ = مثل الجواهر بالطّهارة تَلمعُ
قد كنتِ في زمَنِ التَّهافُتِ أمّة ً= تحيا القناعةَ والرِّضا لا تهلَعُ
وصبرتِ في زمَنِ المواجعِ عندما = حلَّ الوَبَا ، والرّازياتُ تُزَعْزِعُ
عودي إلى ربِّ الوجود رَضيَّةً = ولتطمئنِّي فالفضائلُ تشفَعُ
إنِّي عفوتُ أذى الخصومة والجفا = النَّحلُ من حَذَرِ الإذايةِ يَلْسعُ
والعبدُ يُخطئُ والمزالقُ جمَّة ٌ= واللهُ يُدني التَّائبينَ ويَسمعُ
أبدا فلن أنسى خِصالَكِ في الورى = سيظلُّ طيفُكِ في فؤادي يرتَعُ
سأظلُّ أذكرُ ما بذلتِ من النَّدى = ودًّا وشوقاً بالمشاعر أُتْرَعُ
فالقلبُ يهوَى والمحاسنُ أبْهرتْ= والحرفُ يُرثي بالقوافي يُبدِعُ
الدَّهرُ يَرمي بالبلاء مُنبِّهاً = أهلَ التَّغافُلِ في الحياة ويَردَعُ
إنَّ المواجعَ مَغنمٌ لا تجزعي = العبدُ يرضى بالقضاءِ ويَخضَعُ
والله ُخالقُنا رحيمٌ بالورى = كلُّ الوجودِ لَهُ، إليه المرجعُ
فهُوَ الوَلِيُّ إذا تعبتِ من العَنَا = وهُوَ الوَلِيُّ إذا أتاكِ المَصْرَعُ
وسوم: العدد 946