غريبٌ .. عن وطنِه
من صحف الذكرى
أحبُّ أهل الشَّام وفلسطين ( منذ أن عرفت الجغرافيا ) وتلوت التاريخ .. أحبهم .. كثيراً .. يعجبني فيهم سماحة أخلاقهم .. ونور قلوبهم ..
.. أعرف كتاباً وشعراء خرجوا من ديارهم التي أحبوا وعاشوا هنا بيننا وأفئدتهم هناك .. في أرض العنب والزيتون .. عرفت ( شريف قاسم ) الشاعر الأبِي عضو رابطة الأدب الإسلامِي .. عرفته حين كنت أستاذاً لولده وائِل .. وكنت تلميذا بين يديه يعدِّل ما اعوج من قصائدِي .. ترك الأرض وعاش هنا .. لا لشيء غير النَّوى .. المُّر .. وعرفت ( شوقي الأسطل ) الفلسطينِي الكاتب الشهير .. عرفته مشرفا لِي .. إبَّان حَبْوِي التعليمِي .. عرفت عبد القدوس أبو صالح .. وعشقت كثيراً محمود مفلِح ..
فِي أولئك الأحبَّة ... وغيرهم كثير فِي ديارهم .
كانت هذه المقطوعة المتواضِعة :
تَناءَى فما وافَى على قلبِه صبْرُ
وبعضُ النَّوَى فِي طول مدّتِهِ عمْرُ
وليسَ يعيبُ الحُبَّ خفضُ جبينِه
ولكنما العيبُ الشؤومُ هو الهجْرُ
تغيبُ شخوصُ الحُبِّ عمَّن أحبَّها
وليسَ يغيبُ الهمُّ عنها ولا الذِّكْرُ
ومهما صدورُ العاشقِين تفرّقَت
فقدْ يجمعُ العشَّاقَ فِي مِقَةٍ صدْرُ
هُو العهْدُ ما بين الحبيبينِ عامرٌ
بقلبيهِما .. يجْرِي على سفحهِ نهْرُ
وأحلى الهَوى حُبٌ تملاّهُ موطِنٌ
وأرْضٌ حباها من تجملِهِ البِشْرُ
يفضُّ انتثارُ الغيثِ إغداقَهُ بِها
فما ورْدَةٌ إلا تسلّى بها القطْرُ
ويُشْجِي حمامُ الأيكِ كلَّ خميلةٍ
فيُسْتلُّ من أزكى خمائِلها الشِّعْرُ
بلادٌ خيوطُ الفجْرِ يغزلنَها شذىً
كأنْ قَد رواهَا مِن أناملهِ السِّحْرُ
وروضُ جنانِ الرّوحِ يلبسْنَها ندىً
فكلُّ طيورُ الحُبِّ يحلو لها السَّفْرُ
سِوايَ .. الذّي قد أُرْضِعَ البعْدَ والنَّوَى
فقسْمِي بها التهجيرُ والمسلكُ الوعْرُ
وقسمي بِها ألا أشمَّ هوائَها
وحالِي بها التغريبُ والخوفُ والأسْرُ
ولكنّنِي و " القدسُ " عشْقَانِ عشُّنا
رُبَى المسجِدِ الأقْصَى بذا نطقَ الدهْرُ
عشقْتُ بها الأغصانَ لمّا تفتَّحتْ
براعمُها فانسلَّ من جوفِها الزَّهْرُ
عشقتُ بها الزيتونَ رمزاً لقامةٍ
على الجمْرِ ما تفْنَى ولو مضَّهَا الجمْرُ
لأنِّي شممتُ العطرَ في أفقِ أرضِها
متَى يا تُرى !! ينزاحُ مَن مسَّهُ العِطْرُ ؟
هو البينُ يا قُدْساهُ .. مرَّتْ صروفُهُ
على كبِدِي .. أوَّاهُ لو يجْبرُ الكَسْرُ
رأيتُكِ في بحْرِ المآسِي غريقةً
أغارَ على شُرّاعِكِ المدُّ والجَزْرُ
فآليتُ أنْ أحيَا فِدائَكِ .. ما هفَتْ
بِيَ الرّوحُ .. ما يثْنِي عزيمَتِيَ العُذْرُ
إذَا عزَّ فِي دار المنايا لقاؤُنا
ولَم ألثُمِ المغْنَى .. فأرضُكِ لِي قَبْرُ
شاعرنا المبدع
وليسَ يعيبُ الحُـبَّ خفـضُ جبينِـه
ولكنما العيبُ الشـؤومُ هـو الهجْـرُ
لله درك
لا جديد إبداع متجلٍ وجزالة وقوة ؛ وأرى لك غراما مع الطويل الذي شبه هجر في الشعر المعاصر , ومع أنه بحر يفيض جزالة وقوة .
لا فض فوك ودمت مبدعاً
وسوم: العدد 954