قد علمنا ألاَّ يزولَ الإخاءُ=أو تُوارى أفياؤُه والحِباءُ
أو يموتَ الإيثارُ بين قلوبٍ=لإلهِ الورى إيثارُها والولاءُ
العطاءاتُ حُلوةٌ ، والتَّجافي=ماتعاطاهُ قومُنا الفضلاءُ
حللُ الوُدِّ والتآلفِ تزهو=في ربوعٍ رجالُها الأوفياءُ
خيرُ أهلِ الإحسانِ خيرٌ ظليلٌ=منذ عهدِ النبيِّ ليس يُساءُ
المبراتُ والعطايا تتالتْ=وببذلِ الأجوادِ هلَّ الرجاءُ
وزكاةُ الأموالِ خيرُ وِقاءٍ=ليس يطغى ـ على الوِقاءِ ـ الدَّاءُ
لن تضرَّ الآفاتُ حالَ فقيرٍ=يومَ أدَّى حقوقَه الأغنياءُ
حكمةُ اللهِ ، والمقاديرُ جلَّتْ=ولربي انقيادُها ، والثَّناءُ
والمقاماتُ للتُّقاةِ تعالتْ=في جنانٍ مآلُهم والعلاءُ
طارَ شوقا مَنْ شمَّ طيبَ شذاها=فجناحاهُ : همَّةٌ وارتقاءُ
وسموٌّ بالنفسِ ليس يُجارَى=وامتثالٌ لرشدِها واهتداءُ
درجاتٌ عند الإلهِ بيومٍ=لم يُغَيَّبْ ماقدَّوا والعطاءُ
فهُمُ الروَّادُ الكرامُ استظلوا=والسجايا بستانُهم والعطاءُ
أدركوا سيرةَ النبيِّ ، فكانتْ=وجهةَ الخيرِ ليس فيها خفاءُ
فعن الفضل لم تُغلَّ أيادٍ=وعن البِـرِّ والنَّدى ما تناءوا
من صِحابٍ وتابعين أياديهم ...=... سخاها : غمامةٌ وكفاءُ
التَّاخي في أُمتي لايولِّي=عن بنيها ، ولن يدومَ الجفاءُ
صانَ فِعلُ الأبرارِ كلَّ جميلٍ=وتعالى للصالحاتِ النِّداءُ
أنْ هلمُّوا للمكرماتِ ففيكم=عُرفَ الوُدُّ والإخا و الوفاءُ
فتثنَّى للعطفِ حالُ اليتامى=وتناءى عن الفقيرِ انطواءُ
والنساءُ الأراملُ ابتهجَ العيشُ ...=... يواسي أحزانهُنَّ الهناءُ
وأولو الفاقةِ الثقيلةِ بشُّوا=إذْ تناءى عن البيوتِ البلاءُ
نعمَ جيلُ الروَّادِ في كلِّ عصرٍ=كالسَّحاباتِ كفُّها سحَّاءُ
كالربيعِ الفوَّاحِ أزهرَ يحكي=عن معانٍ من بعضهنَّ الرخاءُ
كهبوبِ الأطيابِ تحيي صدورا=أثقلتْها البأساءُ والضَّراءُ
في ثنايا افترارِها العبِقِ : البِرُّ ...=... تهادى فللهمومِ انجلاءُ
قد أعادَ الإحسانُ عذبَ التآخي=واستظلتْ بفيئه الفقراءُ
في يديه ازدهى الحُنُوُّ ، وفاضتْ=من ينابيعِ فضلِه النعماءُ
والمجاعاتُ في البلادِ طوتْها=كفُّ جودٍ ـ في ظله ـ بيضاءُ
والأيادي لو اختبرْتَ ثلاثٌ=والعطياتُ مثلُهُنَّ سواءُ
فيدٌ بارك الإلهُ عطاها=فاستُثيرَ النَّدى بها والنَّماءُ
وتولَّتْ رعايةَ الناسِ تحكي=ماروتْهُ الشريعةُ الغراءُ
ويدٌ ردَّها البخيلُ فجفَّتْ=وتناءت عن حقلِها الأنواءُ
ولواها مغلولةً ليس فيها=أو لديها للمكرُماتِ انتماءُ
بئسَ مالُ الشحيحِ يهلكُ خنقا=ومن الجودِ مالَه إدناءُ
ويدٌ حثَّها الدعاةُ ، فنعمتْ=خطواتٌ إذا استُجيبَ النداءُ
هي بشرى للمسلمين إذا أصغوا ...=... لوعظٍ يقولُه العلماءُ
هي نادتْ أهلَ المآثرِ للخيرِ ...=... فولَّى عن النفوسِ الرياءُ
قمْ تأمَّلْ صفْحاتِ أهلِ التآخي=إنهم في نقائها السُّعداءُ
والمشافي ـ والمحسنون توخَّوا =نفعَها ـ والمستوصفاتُ وِجاءُ
أيُّ فضلٍ هذا الذي يتباهى=في ربانا و وجهُه وضَّاءُ !!
فلدورِ التعليم فيه مغانٍ=وأولو العلمِ في مداها أفاؤوا
يارجالَ الإنجازِ طوبى فأنتم=في حمانا الأفاضلُ النجباءُ
كم حفرتُم بجودِكم تربةَ الأرضِ ..=... فتلكم آبارُكم والدِّلاءُ
يشربُ الناسُ ماءَها ، ومن الماءِ ...=... تفيضُ الخيراتُ والأفياءُ
وأقمتُم مراكزَ الدعوةِ اليوم ...=... وفيها للمهتدين لقاءُ
وبذلتُم ، وبذلُكم عادَ حقلا=يجتني من ثمارِه الفقراءُ
وتسابقتُم في فضائلَ تومي=لسُمُوٍّ تصونُه الأحناءُ
بين ركبِ الحجيجِ جاءتْ وفودٌ=قد حباها من الكرامِ السَّخاءُ
ذلك الفضلُ فيه من بركاتٍ=باقياتٍ ما مسَّهُنَّ العفاءُ
يجتبي اللهُ مَنْ يشاءُ ويُدني=لأعالي فردوسِه مَنْ يشاءُ
تلك بعضُ الوجوهِ أسفرَ فيها=ما تمنَّى الأماجدُ الحنفاءُ
وسواها أضرَّها البخلُ حتى=عفَّرتْها أطماعُها الربداءُ
ليسَ يدري قدْرَ الثوابِ سوى اللهِ ...=... لقومٍ هم للضِّعافِ وِقاءُ
صدقاتٌ في السِّرِّ والعلنِ ازدانتْ ...=... وأُخرى لشأنِها بُشَراءُ
قرَّبتْ بالحنانِ أهلَ قلوبٍ=ملأَ الشَّجوُ عيشَها والشّقاءُ
* * *= * * *
هاجَ في قلبيَ الحنينُ ، وضجَّتْ=بالقوافي الرخيَّةُ الأصداءُ
وتذكَّرتُها عهودَ إخاءٍ=ماطوتها عهودُنا العسراءُ
فهو الخيرُ لم يمتْ ، فالمثاني=والأيادي وأُمتي أحياءُ
وبأرضِ الإسلامِ في كلِّ قطرٍ=لن يموتَ النَّدى ، ويُطوى الوفاءُ
كم رأينا ، وكم قرأنا ، وكم أغرى ...=... لِسِفرٍ آذانَنا الإصغاءُ
يوم وافى ذاك الفقيرُ وقد نادى ...=... المنادي بين الجموعِ فجاؤوا
دعوةٌ للتبرعاتِ بمالٍ=لفلسطين سامها الأعداءُ
فأتاهم بدرهمٍ وَهْوَ يبكي=ومحيَّاهُ عزَّةٌ وإباءُ
مقسما ليس عنده غيرُ هذا=من متاعٍ ، وما لديه ثراءُ
وفلسطينُ تستحقَُ قلوبا=صادقاتٍ ، وتفتديها الدماءُ
تلك أسمى المروءةِ ـ الدِّينُ أذكى=وقْدَ روحِ الإيثارِ ـ لا الآراءُ
علَّمتْنا شريعةُ اللهِ أنا=للملماتِ كلُّنا رحماءُ
ولأهلِ الأرزاءِ مازالَ قومي=موئلا : فيه نخوةٌ وسخاءُ
بوركت في الربوعِ نجداتُ قومٍ=خلَّدتْها الصحائفُ الزهراءُ
* * *= * * *
في بحورِ الأشعارِ بعضُ سِماتٍ=لنَداهم ، وللحديثِ ابتداءُ
وهو البِرُّ دفقُه في عصورٍ=ماتوانى ، وهل يغيضُ الماءُ !!
قيمُ المحسنين دفءُ قلوبٍ=لوَّعتْها المصيبةُ السوداءُ
وبهم يدفعُ الإلهُ الرزايا=وتولي الشحناءُ والبغضاءُ
وتعودُ الأيامُ حُلوًا جناها=فمداها الأفراحُ والآلاءُ
التآخي والأُمنياتُ تجلَّت=ماتناءت ، وأهلُها ماتناؤوا