الكوارث والمصائب نُذُرٌ تُحفِّزُ أهل النهى للاتعاظ والاعتبار ثم الإنابة والإخبات لله عز وجل ، أما الطغاة العتاة الذين ماتت قلوبهم وذهبت أنوار عقولهم فهم دائما كحمرٍ مُستنفرة فرت من قسورة .
***
الموتُ يحصدُ آلافاً من البشرِ = فالأرضُ في هَرَج ٍمن وطْأةِ الخَطَرِ
خوفُ المنيَّةِ هزَّ النَّاسَ أسكرهمْ = ذاقوا التَّعاسةَ في ريفٍ وفي حَضَرِ
عاشوا الشَّقاء وماتوا قبلَ ساعتهمْ = من شدَّة الرُّعبِ والأوهامِ والحَذَرِ
أما أحسُّوا بِبَلْوَى القتلِ في بلدي ؟ = فالشَّعبُ يُذبحُ كالجاموسِ والبَقرِ
في الشَّام في يَمَنِ الأحرار تَطعنُناَ = مُدْيُ البُغاةِ رؤوسِ الغدرِ والبَطَرِ
كم مِنْ مُصابٍ بداءِ الحِقدِ يَدفَعُهُ = قلبٌ سقيمٌ إلى الإجرامِ والضَّررِ
كم من طريحٍ يُعاني من تخاذُلِناَ = فاسألْ ضحايا طباعِ الشرِّ في البَشَرِ
كم من مريضٍ خواءُ البطنِ عِلَّتُه ُ= والمُتْرفُونَ عَتَوْا بالخوضِ في الوَطَرِ
أين المساواة أين العدل في زمنٍ = فيه القلوب غدتْ أقسى من الحَجَرِ؟
تأتي الكوارثُ أستاذا ينبِّهنا = إذا ابتعدنا عن التّفكيرِ والنَّظرِ
تأتي الكوارثُ آياتٍ تُحفِّزُنا = نحو الإنابةِ والإخباتِ والعِبَرِ
إنَّ الوباءَ الذي أضحى يُطاردنا = وخْزٌ يُفَطِّنُ صَرْعَى البَطْرِ في القَدَرِ
لعلَّ أفئدة الظُّلَّامِ ينفعُها = شيءٌ من الخوفِ والآلامِ والكَدَرِ
لكنَّ غائلةَ الأيام يفهمُها = ذَوُو النَّباهةِ أهلُ الفكرِ والبَصَرِ
أمّا الطُّغاة الأُلَى ماتتْ مَشاعِرهم ْ= فَيُصْرَفونَ من الأرزاء كالحُمُرِ
أو يُبعثونَ إلى نارٍ تُحطِّمُهمْ = يوم َالحقيقة ِيومَ الدِّينِ في سَقَرِ
إنَّ الوباءَ الذي بثَّ المآتم في = كلِّ الشعوبِ نذيرٌ أبلغُ النُّذُرِ