( إلى فضيلة الشيخ الأخ الكريم / نبيه محمد سعيد المفتي ــ حفظه الله وعافاه ــ بمناسبة وفاة الأخت الفاضلة زوجته أم شدَّاد يرحمها الله . سائلين المولى تبارك وتعالى أن يسكنها فسيح جنات الخلود ... ) .
هوامش :
- النُّظَّار : جمع ناظر ، وهم الذين يشاهدون ويشهدون .
- الأغبار : حمع غبر ، وهو بقية اللبن في الضرع .
- مروة : هي ابنة الفقيدة الوحيدة بين إخوتها حفظهم الله .
الغربـةُ العمياءُ والأكـدارُ = شَغَلَتْ بذكرِ مرارِها الأشعارُ
قد كان يجمعنا الفراتُ بطيبِه = وبشدوِه تتمايسُ الأطيارُ
والإخوةُ الأحبابُ كانوا مثلما = إنْ ما بَدَتْ في أفقِنا الأقمارُ
هـم كالربيعِ إذا تثنَّى وجهُهُ = والنَّفحُ لـم تبخلْ بـه الأزهارُ
غابوا وغبْنا في دياجيرِ العنا = والدَّارُ ماعادتْ ( ونعمَ الدَّارُ ) !
(والديرُ ) خاويةٌ على أركانها = والدمعُ في عينِ الفتى مدرارُ
وتمرُّ أيامٌ نعيشُ وخطبُهـا = مُـــرٌٌّ وركنُ غريبِهـا ينهارُ
صبرًا ( أبا شدَّاد ) إن ضاقَ المدى = وتجهمتْ في وجهنا النُّظَّـارُ (1)
واحلولكتْ فتنُ الزمانِ وأطبقتْ = وَجَعًـا فباتتْ لاترى الأبصارُ !
وتنوَّعتْ سودُ المصائبِ وانقضى = زمنُ الحُبورِ وقلَّت الأغبارُ (2)
لكننا واللهُ يدركنا فلن = يُطوَى لدينا الحافزُ المحبارُ
إيمانُنا باللهِ يملأُ صدرَنا = فَيُرَدُّ هذا الكربُ والإعسارُ
ونعودُ نرفلُ مؤمنين برحمةٍ = يروي القلوبَ سحابُها المدرارُ
والصَّبرُ مفتاحُ النَّجـاةِ لصادقٍ = شهدتْ دموعَ حنينِـه الأسحارُ
مَن لاذَ بالرحمنِ تهدأُ نفسُه = إنْ داهمتْ أيامَه الأقدارُ
هي حكمةُ اللهِ الجليلِ ولـم نجد = إلا رِضاهُ وحكمُـه نختارُ
والموتُ حـقٌّ ( يانبيهُ ) وهل ترى = أحدًا يُخَلَّدُ فالفناءُ يُدارُ
الأنبياءُ قضوا ومَن نحبُّ وِصالَهم = مَن هاجروا ياصاحِ والأنصارُ
وهنا حواليك الذين ألفتَهم = وهـم الأحبةُ بعدُ والأبرارُ
فاصبرْ كما صبرَ الرجالُ فإنَّما = للصَّبرِ في ليلِ المُصابِ منارُ
رحلتْ إلى المولى الكريمِ فدارُها = عند الرحيمِ فنعمَ تلك الدَّارُ
فيها النَّعيمُ السَّرمديُّ ولن ترى = خطبًـا وليس تنالُها أخطارُ
والصَّالحاتُ لَهُنَّ في كنفِ الهدى = إنْ مِتْنَ مـا قـد أخبرَ المختارُ
رحلتْ إلى اللهِ الحميدِ وخلَّفَتْ = أشبالَهـا فلهم بهـا تذكارُ
وهـمُ الشَّبابُ الصَّالحون وإنَّمـا = بصلاحِهم تُتَقَبَّلُ الأذكارُ
ودعاؤُهم تلقاهُ في عليائها = ليلٌ يصونُ دعاءَهم ونهـارُ
وبه لهـا الفرحُ الأثيرُ بجنَّةٍ = تنسابُ تحتَ قصورِها الأنهارُ
سمَّى الإلهُ الموتَ في قرآنِه = ولكلِّ حالٍ واسمه مقدارُ
يومُ الفراقِ مصيبةٌ ولشأنِها = من حكمةٍ جلَّتْ بهـا الأفكارُ
فَلْيَرْضَ مَنْ عرف الحقيقةَ مؤمنًـا = فله لدى أقرانِه الإكبارُ
هذا عـزاءٌ من أخيكم والأسى = واللهِ لمَّــا تطوِه الأعذارُ
( فلأُمِّ شدَّادٍ ) مكانةُ مَن سعتْ = في الخيرِ مالِفَخَارِها إدبارُ
تبقى الأثيرةُ والتَّقيَّةُ والتي = عاشتْ وحقلُ حياتِهـا معطارُ
أبناؤُها الأبرارُ لن ينسوا لها = فضلاً به تتطاولُ الأسفارُ (2)
ما اختارَ أهلُ الفخرِ إلا أُمَّهُمْ = فبها تطيبُ ــ وإنْ نأتْ ــ آثارُ
( ولمروة ) الصَّبرُ الجميلُ وإنَّهـا = هي صورةٌ عنها لتحلو الدَّارُ (3)
فَلْتَطْمَئِنَّ النفسُ بعدَ رحبلِهـا = فَمُضيفُها ( يامروةُ ) المُختارُ
صلى عليه اللهُ ماسارتْ إلى = روضِ الحبيبِ السَّادةُ الزُّوَّارُ
هذا عزائي والعزاءُ كما أتى = في سِفرِه لمصابِنـا إشعارُ