على الغدير

د. روز اليوسف شعبان

على الغدير

على الغدير حمامةٌ ربضت

في عشّها الصغير

ترقب الأفق بعين

وبالأخرى ترعى الصغير

تحكي له حكايةً

عن طائر غادر عشّه

ولم يعد منذ سنين

والعش بات باردًا باردًا

لا تدفئه شمس حزيران

ولا نسمات تشرين

على الغدير جديلتان سوداوتان

تختبئان في ليل طويل

ضحكات العذارى

وهمسات اللواحظ

تشقّ سواد ليلٍ

في انتظار فارس جميل

على الغدير ناي الحكايات القديمة

وعزف ليلى على الكمان

قيس وراء الأكمة يترنّم بشوق

ويكبت الآهات

وفؤاده معلّق بأصابعَ

تداعب برشاقةٍ وتر الكمان

وليلى في عزفها

تأخذه لليلة من لياليها الحسان

على الغدير نسوة ٌيغسلن الثياب

يروين قصص الحبّ والعذاب

فراق الخلّان والأقارب والأحباب

وصبايا الحيّ يقبلن على الغدير

في غنج كلّ واحدة منهنّ تميل

تحمل في يدها قفّة قشٍّ

تتدلّى من أطرافها شالات الحرير

على الغدير تعانق الناي الاقحوان

يقبّل الدوري أجنحة اليمام

يرقص الفراش

تشدو الحساسينُ

في أمان

وتلك العصفورة

لا زالت في عشّها

تنتظر حبيبًا غاب

قال لها: سأعود يومًا

انتظريني!

فأنا عائدٌ وإن طال الزمان

على الغدير ليل تعثّر وصاح:

عودي اليّ!

دثّريني

ابعثي الدفء في شراييني

اغدقيني بحبٍّ حتى الثمالة

واجعليني

نسمةً تداعب الأقاح

على الغدير حمامة ربضت

في عشّها الصغير

ترقب الأفق بعين

وبالأخرى ترعى الصغير!

وسوم: العدد 978