رجعتُ إلى غرفة قد خلت = من الحب ، من مهجتي ، زوجتي
مكانُ توحَش بعد ائتناس = فيا حرقة القلب ! يا حسرتي
ظلام يهيمن ليس يخاف = إضاءة نور ، من الجرأة
رحلتِ ، هديباءُ ، يا نورَ عيني = رحيلاً أبيداً بلا عودةِ
هديباءُ ، هذا سريرك خِلْواً = يتوق لعطرك يا زهرتي
وهذي ثيابك تسأل عنك = وهل لك يا ، هُدْبُ ، من لُبسة ؟!
أشم ثيابك ثوبا ، فثوباً = أشم المناديل من لوعتي
هديباءُ ، كنتٍ حياتي التي = بها أزهرتْ دائماً جنتي
خلائقُ ناعمةٌ عذبة = وحسنٌ تألق بالعفةِ
وحلوُ حديثٍ رقيقٍ ودود = تفجر من منبع الحكمةِ
عصافيرُ بستاننا افتقدتكِ = وأنتِ تسيرين في الجولة
فأخرسها الحزن عن شدوها = وراحت تقاسمني محنتي
خلا منكِ يا ، يا هَدبتي ، مقعدٌ = حَسَونا به لذة القهوةِ
هنا بين باكي الغصون الحَزانى = لما قد دهانا من الفُرقةِ
هنا ، يا هديباءُ ، عند السياح = قريباً ، قريباً من النخلةِ
وينتحب القلب : أين هديبا ؟! = وما من جوابٍ سوى دمعتي
وواللهِ لستُ أصدقُ أنْكِ = رحلتِ وأوغلتِ في الرحلةِ
وأنْكِ غربتِ ورا الأفقِ شمساً = لتغمرني ظلمة الوحدة
وأرجعَ للبيت قلباً يتيماً = لتفجعني وحشة الغرفةِ
وكنتِ أليفة قلبي بها = فما بعدك الآن من ألفةِ
غدا العيش بعدك لا عيش فيه = وكنت ، هديباءُ ، لي عيشتي
فأنت الأمومة ، أنت الحبيبة = أنت الطفولة ، يا طفلتي
هتفتُ أسائل شعري رثاءً = يليق بذاتك في القمةِ
فلاذ بعيداً ، وقال : مُحالٌ = رثاءٌ يساويك في القيمةِ
رحيلك ، هدباءُ ، حطم روحي = وأحسبني قد دنت موتتي
عسى نلتقي في الجِنان الفِساح = ونرجع للوصل والصحبةِ
عَزائيَ أن لنا خالقاً = رحيماً تكفل بالرحمةِ
سيرحمني في بقائي الحزين = ويرحم هَدباي في التربةِ
نزفت عليك دموعاً غزاراً = تدفقن من لهب المهجةِ
وعهدي بنفسي الصبورَ الرصينَ = حديد الإرادة والهمةِ
هتفت لأسأل شعري رثاء = يليق بذاتك في القمةِ
فلاذ بعيداً ، وقال : محالٌ = رثاءٌ يساويك في القيمةِ
وداعاً ، هديباءُ ، إذ ترحلين = ويا نار حزني ، ويا ضيعتي !