قالوا رحلتَ. الى المجهولِ ترتحلُ؟= قل لي بربّكَ ما التَرحالُ ما الأجلُ ؟
قلْ لي بربِّكَ كم عانيتَ من سفرٍ = و كم تطاولَ هذا العمرُ و الأملُ
تصحو بعينيكَ دمعاتٌ و أدعيةٌ = إنَّ القصائدَ بالإيمانِ تكتحلُ
يراعُكَ الفكرُ لا التقليدُ يسكتُهُ = حرّيّةُ الرّأيِ أمطارٌ و مُغتسلُ
يا أيُّها الثائرُ المشنوقُ موطنُهُ = باعوا حروفَكَ للأشباحِ و ارتحلوا
و أطفأوا الشمسَ زعمًا أنّها انطفأَتْ = لكنّكَ الضوءُ بالآمالِ تتّصِلُ
كلُّ الأحاديثِ حبٌّ حين نقرؤُها =والمارقونَ بوهجِ الحبِّ قد قُتلوا
فرشتَ أهدابكَ الثكلى لأحرُفِهم = و النّقشُ في الصّخرِ تاريخٌ و مُحتفلُ
سَمَوتَ فوقَ ضياء الشمسِ مفترشًا= أرضَ الثريّا. علاها المجدُ و الظُللُ
خطّتْ أناملُكَ السمحاءَ أسطُرها = و شبّتِ النارُ في ليلٍ به مللُ
حتّى أضاءتْ بشمسِ منكَ موقدُها = و أعجز الظلمةَ العجماءَ مُقتبلُ
و للحروفِ كصمتِ الّليلِ يحزنهُا = صدى شتاءٍ حزينٍ طالهُ الكللُ
تحيا و في لُغتي معنىً يزيِّنُهُ = مخارجُ الحرفِ فيهِ الّلفظُ يكتملُ
انّ العيونَ اذا هامتْ بنظرتِها = الّلفظُ يسكتُ والأسماعُ و المُقلُ
أتيتُ أنهلُ من عينيكَ من ظمأٍ =ماء الحياةِ وقد عامتْ به السبُلُ
يفديكَ كلُّ شعورٍ صاحَ من وجعٍ = و كلُّ حسٍّ بقلبٍ ظلَّ يحتملُ
سافرتَ من زمنٍ يجثو لعاهرةٍ= فوضى تعمُّ بمن عاشوا و من رحلوا
تلك المسافاتُ تمشي في مخابئنا= مشيَ الغريبِ بأرضٍ ما بها أملُ
و نحنُ في وطنٍ نحيا كغربتهِ = بين التمنّي و طولِ اليأسِ ننتقِلُ
تلوحُ بالأفقِ آمالٌ مُحطّمةٌ = مثل الهشيمِ بقهرِ النارِ يشتعلُ
و أنتَ يا وطني تبكي على وطنٍ = هو الشجاعةُ و العلياءُ و المُثُلُ
هو المروءةُ و التاريخُ يُشهدهُ = لولاهُ ما كُتبَ التاريخُ يا رجلُ
هو الحضارةُ قانونٌ يشرّعهُ = مسلّةُ العدلِ فيهِا الناسُ تعتدلُ
المجدُ يسكنهُ و الذلُّ يهجرُهُ = و العزُّ فيهِ مع الأزمانِ متّصلُ
خيراتُهُ مدَدٌ للعالَمينَ فما = يومًا تراهُ بخيلًا إن همُ بخِلوا
شؤبوبُ قطرٍ يروّي الأرضَ من عطشٍ = ينبوعُ ماءٍ من الآزالِ ينهملُ
الأرضُ تضجرُ إن مسّتْ سواحلَهُ= أمواجُ بؤسٍ فعمر الأرضِ يكتهلُ
هو العراقُ سلامُ الأرضِ بيرقُهُ = مروءةٌ و حضاراتٌ لها اُصُلُ
مُذ أشرقتْ شمسُهُ كلُّ الشموسِ لهُ = لبّتْ. تُعاهدُهُ الأضواءُ و النُّزُلُ
سودُ الّليالي إذا مرّتْ تناوشها = أشاوسٌ من لهيبِ النارِ قد نهلوا
قلوبُهمْ فوهةُ البركانِ منفثُها = مسيلَ عزٍّ لنا يهوى وينتضل