شريعة الله
لم يزل باسمها يفيضُ الهناءُ = وتطيبُ الرؤى ويحلو الأداءُ
تتهادى على مباهجِها العلياءُ . = . تغري جنودَها الغرَّاءُ
من قرونٍ عديدةٍ قد توالتْ = يحضنُ الفخرُ زهوَها والبهاءُ
ورمتْ فتنةَ الضلالِ ولاحت = للبرايا عند الصباحِ ذُكاءُ
وتداعت أوثانُه واضمحلَّتْ = جاهلياتٌ في الورى عمياءُ
أرسلَ اللهُ للعبادِ نبيًّا = بشَّرتْ قبلَ بعثِه الأنبياءُ
ورجالُ ببطنِ مكَّة خفُّوا = فلديهِ في الخير طابَ اللقاءُ
آمنَ المهتدون طوبى لقومٍ = لم تؤخِّرْ خطاهُمُ الأهواءُ
فاجتباهم ربُّ السماءِ لفضلٍ = وتناءى الفجارُ والسُّفهاءُ
وتداعى الكفارُ يرمون حقدًا = من عُتُوٍّ يلوكُه الإيذاءُ
هو ما قلوبهم من عداءٍ = للمثاني والشِّرعةِ السَّمحاءِ
تلك حال الذين عاشوا لدنيا = غرَّهم زيفُها العريضُ الغثاءُ
عاجلَتْهم زيناتُها فأناخوا = وأحاطتْ بالزينةِ الأسواءُ
واستخفَّتْ نفوسُهم ما أتاحتْ = لأولي الزيغِ تلكمُ الأجواءُ
الطغاةُ الأشرارُ والحمْقُ فيهم = شأنُهم والمنافقون سواءُ
وأولو المكرِ ماتوانوا بيومٍ = والمراؤون بعدُ والعملاءُ
لايعادي الإسلامَ إلا شقيٌّ = أو لئيمٌ تسوقُه البغضاءُ
فاقرأ التاريخَ تعلمْ يقينًا = أنَّ مَن حاربَ الهدى أشقياءُ
فارتقبْها هي الليالي سجالٌ = ونوايا أعدائنا بتراءُ
هي أغلى شريعةٍ عرفتْها = أممُ الأرضِ والمدارُ هناءُ
واستظلتْ في فيئها وتثنَّتْ = حيثُ طاب الجنى وفاضَ الحباءُ
وحبتْها أيامُها البيضُ حكمًا = يتغنَّى بعدلِه الشعراءُ
لم تجدْ فيه المفسدين تمادوا = أو تعالى الأشرارُ والسُّفهاءُ
أو طغى حاكمٌ وشقَّ على الناسِ . = .أثيمًا وأُقْصِيَ الفضلاءُ
فالرجالُ الأبرارُ كانوا حصونًا = لشعوبٍ أبناؤُها نجباءُ
أنكروا الظلمَ والشَّريعةُ تأبى = أيَّ ظلمٍ يأتي به الأشقياءُ
ذاك حكمُ الطغاةِ عاشوا بحقدٍ = ثم أودت بالظالمِ البأساءُ
جلَّ ربي أقدارُه عاجلتْهم = فعذابٌ معجَّلٌ واحتواءُ
والمصيرُ المحتومُ ليس بخافٍ = إذ تلظَّتْ جهنَّمُ الحمراءُ
لايدومُ الطغيانُ مهما أُتيحتْ = للطغاةِ الزيناتُ والأضواءُ
ذاك مرمى نهايةُ الظلمِ فاعلم = إنَّما الظلمُ صفعةٌ شنعاءُ
فتريَّثْ فللزنيمِ مآلٌ = غيرُ ناءٍ فيه التبابُ جزاءُ
في الحديثِ القدسيِّ وعدٌ أكيدٌ =لهلاكِ الذين هم قد أساؤوا
الفراعينُ كلُّهم وجدوها = حين نَزْعِ الأرواحِ حيثُ الفناءُ
والبطاناتُ ليس تجديهُمُ نفعًا. = . فقد داهمَ الردى والقضاءُ
فنيَ الظالمون والدِّينُ يبقى = وتدومُ الشَّريعةُ السَّمحاءُ
ويظلُّ الإسلامُ للناسِ دينا = وملاذًا إن داهم الناسَ داءُ
فبآياته النجاةُ من الخطبِ . = . إذا عربدَ الأذى والبلاءُ
ويحَ قومي فَلْتَطْمَئِنَّ قلوبٌ = وَلْتُغادرْها الحِقبةُ السوداءُ
ماتوارتْ مآثرُ الشَّرعِ يومًا = فالمثاني دستورُها الوضَّاءُ
وأحاديثُه الكريمةُ جاءت = بمآتي آلائها البلغاءُ
والبشاراتُ لم تزل تتراءى = طلعةُ الفجرِ زهوُها والنداءُ
واستجابتْ لها القلوبُ تباعًا = في الليالي : وجيبُها والنِّداءُ
وزكتْ في ربوعِنا وتدلَّتْ = في المغاني الثمارُ والنعماءُ
قد رعتْها عنايةُ اللهِ عزًّا = لايُجاريه حشدُهم والعَداءُ
خابَ مَن حاربَ الشَّريعةَ يومًا = واضمحلَّتْ في كيدِه البغضاءُ
وتردَّى المنافقون وهانوا = وتوارى من خبثِهم ماشاؤوا
إنَّها ربَّانيةُ الشَّرعِ أسمى = من نعيقٍ يصوغُه الأدعياءُ
جحدَ المجرمون نعمةَ ربِّي = فرمتْهُم في قاعِها الظلماءُ
وتلاشتْ حشودُهم في تبابٍ = وأُهينَ الأوباشُ والعملاءُ
جلَّ مَن أكرمَ التسابقَ في الخيرِ . = .بَنُوْهُ الأبرارُ والفضلاءُ
هو من بعضِ ما أتاحتْهُ للناسِ . = . وتلكمْ رسالةٌ و نداءُ
ماتعامى عن بِشْرِها غيرُ غافٍ = وتناءى إذْ جادت الوطفاءُ
أو تناءى عن خيرِها غيرُ عادٍ = أحرقت ما في نفسِه الضَّرَّاءُ
لاتقل غابَ نورُها عن شعوبٍ = فلأيامِ مجدِها إرساءُ
إنها شعلةُ المآثرِ أحيتْها . = . لدينا العزيمةُ القعساءُ
ماكبا الفارسُ العنيدُ بيومٍ = أو توارى إيثارُه والفداءُ
أو أنامَ الفرسانَ زيفُ ليالٍ = قد تمادى فضجَّتِ الغبراءُ
أو طوى الأمةَ الكريمةَ وهنٌ = قد عراها وللونى أصداءُ
لاتهوِّل مصابَها رغم طعنٍ = من عدوٍ أحقادُه شنعاءُ
عربداتُ الطغاةِ لابُدَّ تُطوَى = وتزولُ الأوجاعُ والأرزاءُ
هو أخزى تآمرٍ لأولي الحقدِ . = . تولَّى فصولَه الأشقياءُ
مللُ الكفرِ ثوبُها وثنيٌّ = نسجتْهُ من زورِها الأعداءُ
وأُناسٌ لم ندرِ من أين جاؤوا = في حشودٍ وكلُّهم لؤماءُ
وتعاووا ما أدَّبتْهم خصالٌ = عالياتٌ وما حباهم حياءُ
كلُّهم مجرمون في غابةِ الحقدِ . = . تربوا وكلُّهم سفهاءُ
همُّهم قتلُ أمَّةٍ قد أعزَّتْها . = . المثاني والسُّنَّةُ الغراءُ
إنه كفرُهم وحقدٌ لهم في = عربداتٍ تسوقُها الأهواءُ
إيهِ يا أمَّة الجهادِ أفيقي = وتَنَادَيْ فإنَّه الإفناءُ
واستعيدي مكانك اليومَ فيها = هي دنيا أمواتُها الضعفاءُ
أمن العزِّ أن تنامي على الضيمِ . = . فيكوي وجودَك الإزراءُ !؟
أنت يا أُمَّةَ المآثرِ أهلٌ = للمعالي يُقيمُها الصُّلحاءُ
فاستجيبي للهِ تُؤْتَيْ فلاحًا = بعدَ كربٍ فيه الأسى والشَّقاءُ
فضياءُ الإسلام بشراكِ يغشى = ما أنارتْه في الوجودِ ذُكاءُ
ويحَ مَن عن هذا الدواءِ تخلَّى = وأماتتْ سُمُوَّه الأهواءُ !! *
- ويح : الفرق بين ويل و ويح ، الويل كلمة عذاب : ( ويل لكل همزة ) وقيل الويل واد في جهنم . أما ويح : فتأتي للزجر لمن وقع في هلكة / وتأتي للترحم والتوجع أيضا ، وتأتي للمدح والتعجب ومنه قول أحدهم : ويح ابن عباس رضي الله عنهما ... لمَن أُعجب بحديثه ، والله أعلم .
وسوم: العدد 1030